نحن وحلاوة الدنيا

تابعنا على:   13:32 2021-05-08

بكر أبوبكر

أمد/ كيف يكون الحالُ حين تخور القوى وتضعف الإرادة، وتتوقف الحوافزالذاتية عن الفعل؟

وكيف الحال حين يهتز من الأيمان ركنٌ، أو تدخل عوامل مختلفة لتُعلي من شأن التذمر والاهتزاز والكآبة وتثير التذبذب والكوابيس والشعور بالمرارة وافتقاد الحلاوة؟

وكيف هي الحياة عندما يُفقَد الطعم الحلو، فلا يتم التمييز بين الأمور، أو تصبح كلها متماثلة؟ أو تفقد بُعدها المعنوى؟

البُعد المعنوي للأشياء حيث الربط بين الشيء أو الحدث أو الشخص مع الذكرى والانطباع والديمومة للمعنى هو ما يعطي للشيء قيمته، طعمَه، بهاءَه، وحلاوَته.

الحياة الخالية من حوافزها الذاتية، وللبعض الخارجية، وذكرياتها المرتبطة وحُلم الانجاز أوأمل التجدد أو رغبة الانتصار تصبح عرجاء أو لعلك تراها حياة بشعة... لاتستحق!

لربما يصبح الربط قائما في كل شيء مع الموت أو النهاية، أو الفقدان أو اللامعنى... فتتداعى الذكريات والمعاني المرتبطة بالخُسران والانهيار والفناء!

بلاقيمة أو زكاوة أو طعم أو حلاوة هو الشكل الذي تكون عليه النفسية المصدومة أو المريضة جسدياً أو عصبيا أونفسياً، ولعل تواصل مثل هذه الحالة يعتمد على المسبّبات من جهة، وعلى الأثر الذي تتركه في قعر الذات... فلا قيمة ولارغبة، في أي شيء.... حتى في البقاء!

يكونُ الوضعُ مُربكًا نفسيًا حينما تتحول كافة الأشياء لأمر ثانوي وعديم القيمة، ولايبقى في الذاكرة من فرح الأيام الخوالي... إلا ذكريات مرة!

يتساءل المرءُ كيف الخروج من الحالة؟

فتأتيك الأجوبة الجاهزة بالصلاة والدعاء والايمان والاصرار والعزيمة والصبر والرضا...الخ، وكأنها وصفات جاهزة مكدّسة على رفوف، أو وصفات تُباع وتُشترى في سوق الخضار، على أهميتها الأكيدة، ولكن كيف الوصول للرف؟

يتساءل المرءُ كيف يحفّز ذاته، وكيف يشحن بطاريته (إرادته) وكيف يستعيد قيمة الأشياء والأفعال والذكريات لديه ليسعد؟

يقول تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (هود108)) حيث تكون السعادة برحمة الله بإدخال المؤمن الجنة، ما لايعني الا عند المتشائمين أن لا سعادة بالدنيا! والحقيقة ان السعادة هنا بالدنيا، وبرحمة الله بالأخرة بدخول الجنة وشتان بين السعادتين ولكنهما سعادة.

الكاتب عبدالله الوهبي محاولأً تفسير الحالة المتكدرة يقول أننا نعيش: (بؤس الروتين والكدح المستمر من غير أفق لراحة مُرْضية، والتأرجح الدائم في (بندول شوبنهاور)[1] بين الضجر والملل، فنسعى للمرغوب، وحين نحصل عليه، ما نلبث إلا أن نملّ، ثم نعاود البحث عن مرغوب آخر، وهكذا في تأرجح أبدي)

وفي المقابل يقول مؤسس شركة التفاحة الشهيرة (أبل) "ستيف جوبز" رافعًا من قيمة الهدف والإنجاز والتجدّد لاكتساب القيمة والهدف والمعني للأشياء: اجعل البساطة هى التى تحكم، ويقول: لا يهمنى أن أكون أغنى رجل، قدر مايهمنى أن أعود للفراش في المساء وأنا أشعر أنني قمت بشيء رائع، ويقول أن: التجديد هو ما يميز القائد عمن يتبعه.

لربما يتساءل المرء أيضًا كيف يستطيع استرجاع طعم الحياة التي أصبحت نسيًا منسيا في خضم الألم أو القلق أو الكآبة أو المرض أو الجائحة التاجية (كورونا)، أو القهر أو الانهاك النفسي أو افتقاد الذكريات الجميلة؟

أصبح الطعم في فمه مُرّا، فكيف بالله عليك تُحوّل الحنظل المُرّ الى بطيخ حلو أو فاكهة لذيذة؟

يكتب عبد المجيد دقنيش[2] محاولا التفكير والإجابة بالقراءة وتأمل النِعَم : ماذا لو تركنا كل أحزاننا وذعرنا وخوفنا من الكورونا (وغيرها)، وعدنا إلى قراءة حكمة الموت في "حديث المقبرة" لأبي القاسم الشابي و"جدارية" محمود درويش، ومرثية مالك بن الريب[3] لنفسه. وأشعار أبو العتاهية. وفلسفة "اليوم الأخير" لميخائيل نعيمة[4]. ماذا لو انتبهنا وأحصينا كل هذه النعم المسكوت عنها والمخفية التي يقدمها الينا هذا الزلزال الكوروني الجميل على طبق من ذهب.

وفي التأمل كمخرج، أو كبداية وإن كانت النهاية تقترب يتحدث الفلاسفة والمفكرين والشعراء ومنهم الشابي ودرويش وابن الريب ونعيمة وغيرهم الكثير.

ومما قاله الشاعر أبوالقاسم الشابي في "حديث المقبرة" متأملًا

تأمـّـل .. ، فإن نظام الحياةِ

نظامٌ ، دقيقٌ ، بديعٌ ، فريد

فما حبب العيشَ إلا الفناء

ولا زانه غير خوف اللحود

ولولا شقاءُ الحياةِ الاليمِ

لما أدرك الناسُ معنى السُعود

ومن لم يرُعه قطوب الدياجيرِ

لم يغتبط بالصباح الجديد

ويقول محمود درويش في جداريته

" كلما فتشت عن نفسي وجدتُ

الآخرين. وكلما فتشت عنهم لم

أجد فيهم سوى نفسي الغريبة"

ويتساءل: هل المناخ هناك معتدل ؟

وهل تتبدل الأحوال في الأبدية البيضاء،

أم تبقى كما هي في الخريف

وفي الشتاء؟وهل كتاب واحد يكفي

لتسليتي مع اللاوقت، أم أحتاج

مكتبة؟ وما لغة الحديث هناك،

دارجة لكل الناس أم عربية فصحى؟

يقول الأمير الصنعاني[5]: طعمتُ حلاوَة الأشياء طرّاً**فلا شيء ألذّ من السكوت

وخير مجالس الدنيا جميعاً**مجالسة الدفاتر في البيوت.

الصمت تفكّر وعبادة وتأمل وفي ذلك رياضة وحلّ، ولربما كان الكتاب للأمير الصنعاني ولنا خير جليس ذاك في عصر الكتاب الذي يعني حيوات تُضافُ الى حياة بحيث تكون الحياة الجديدة حياة تغيير تنتشل الشخص من حالة الى حالة....أنظر (النقلة) من حالة الى حالة وفي هذا جهد ذاتي كبير.

وفي حلاوة الحب وزكاوة الأشياء يقول زكي مبارك[6]:

إذا ضممتُك ثار الكونُ أجمعه**ثور الرياح بقلب البلبل الغَرِدِ

أخاف من جمرةٍ في الخدّ تفتنني**إني أعوذ بهذا الواحد الصمد

يقول عثمان بن عفان رضي الله عنه في الغاية والحب والاطمئنان: ((والله لو طهرت قلوبنا، ماشبعت من كلام ربنا))، والى ذلك (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب/ 71)، وفي ذلك حلاوة وغاية وحب. ويقول تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، ويقول {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

ويقول نبينا الأكرم عليه السلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين). أي أن الحل بالحب بكافة أشكاله وأعلاها حب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم وذاك غاية وهدف، وهذا مدخل لذاك والعكس بالعكس.

وفي الحب نقرأ الكثيرجدًّا، ومنه شعرًا

وحديثُها السحرُ الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرّز

إن طال لم تملل وإن هي أوجزت *** وَدّ المحدث أنها لم توجز!

ويقول الشاعر الكبير عمر الخيام منظرًا للحظة المعاشة

لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنونْ**واغنم من الحاضر أمن اليقينْ

فقد تَساوى في الثَرى راحلٌ غدًا**وماضٍ من أُلـوفِ السِنينْ

ويقول الشاعر العربي المصري محمود غنيم[7] داعيًا للتفكر والتأمل

لكأني بالسموات العُلاَ***باسمات الثغر من صنع البشرْ

أبحثوا -من أين جئتم- أولًا***ثم والوا البحث عن أهل القمرْ

لعلي -مع فهمي وقربي من كل ما سبق- أتفهم أيضًا قول إمامنا الشافعي لاستشعر حلاوة الأشياء وطعم الحياة ولذائذ الأمور، حيث قال: ( طلبنا ترك الذنوب، فوجدناه في صلاه الضحى طلبنا ضياء القبور، فوجدناه في قراءة القرآن وطلبنا عبور الصراط، فوجدناه في الصوم والصدقة، وطلبنا ظلّ الرحمن فوجدناه في أخوة صالحين)

وعن الأشخاص المحبين أو القريبين الى قلبك الحزين، أو الاخوان الصالحين بمنطق الشافعي يكون الاتصال الفعّال هو الحل.

حيث أن: (البشر مخلوقات اجتماعية، فلدينا حاجة فطرية للاتصال بالآخرين، وللتفاعل ضمن مجموعة ننتمي إليها. ووفقًا لأطول دراسة حول السعادة والرضى عن الحياة، أجريت على مدار 75 عامًا، تكمن الحياة الطيبة في جودة علاقاتنا. يقول قائد البحث، البروفسور "والدنجر"، “إن قضاء الوقت مع الآخرين يحمينا من كدمات الصعود والهبوط في الحياة المتقلبة”. ونحن لا نتحدث هنا عن الأصدقاء فحسب، بل كذلك عن عائلاتنا وأطفالنا وأشقائنا وشبكة معارفنا-مجلة لايف هاك الامريكية[8])

السعادة بعيدًا عن الخوار والاهتزاز والضعف للإرادة والنفس وافتقاد الزكاوة من الممكن ان نستنتجها من عديد آيات القرآن الكريم، في سورة النمل كمثال ومن الآية ١٥ في سورة الأحقاف وهي تأتي بدوام الشكر لعظيم النعم،والطاعة، وتمكن العمل الصالح، والذرية الصالحة والتوبة والاسلام لله.

ونلاحظ في الآية ١٥ في الأحقاف القول (أوزعني أن أشكر نعمتك) والقول (وأن أعمل صالحا ترضاه) و(أصلح لي في ذريتي) والمسألة هنا لي هي في ]أوزعني[ ما أريد التركيز عليها، وهي بالآية بمعنى ألهمني وبمعنى حرّضني، أي حفزني ادفعني وفي هذا قوة خارجية، وبعميق الايمان تصبح جزء من الذات وقوة داخلية دافع وحافز ذاتي[9]. لتتحول لمنبع الإلهام ومحرك إرادة الفعل، والإلهام الإلهي هنا بالهداية والأيمان.

(أظهرت دراسة أجريت عام 1975 ، أجراها "كالدر وستاو" ، ونشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي ، أن الدافع الجوهري والخارجي يمكن أن يتفاعلا مع بعضهما البعض، ولكن لا يتصرف بطريقة إضافية.

ومع ذلك ، هناك العديد من الدراسات التي تظهر أن الدوافع الذاتية والخارجية يمكن أن تحدث معًا وتولد تأثيرات إيجابية على سلوك الإنسان).[10]

دعني الى كل ما سبق أقول أن جهادَ النفس مدخلٌ للشحذ واستعادة الهمّة، والهدف يعطي المعنى والقيمة والحلاوة، واكتشاف وازع ودافع وحافز الايمان أو تنميته مبنى الإرادة، وشحذ النفس يحقق النقلة أو الانعطافة من حالٍ الى حال بالذكر، وبالانجاز، وبالأصدقاء وحُسن التواصل.

والحب والقرب والمشاركة مسعى دائم يحقق الرضا والنوال والسعادة والجمال، ويقمع اليأس ويقي من الانهيار وافتقاد الحلاوة.

ودعني أشير الى أن اكتشاف أوجهاد النفس وحوارها، أو التفكر أو الإحساس العميق بالارتباط بقضية، لاحظ قضية، أوهدف أو غاية بحد ذاته مدخلٌ رئيسٌ وجب التمسك به لتحسّس حلاوة القيمة أو المعنى للأشياء بأزمانها الثلاثة.

لربما أكون قد فهمت نفسي! ولربما مازلت أحاول وهو الأدق حيث سأظل أحاول الفهم، ومما قاله الكثيرون ممن أشرنا لهم أو لم نُشِر، قد يجد كل منّا فيهم المبنى والمعنى...وحلاوة الدنيا!

www.bakerabubaker.info

________________________________________

[1] يقول الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور في كتابه «العالم تمثلًا وإرادة:"تتأرجحُ الحياةُ كرقّاص السّاعة بين الألم والضّجر" ورغم تشاؤمه لا ينكر شوبنهاور وجود السعادة. لكنه يعتقد أننا مخطئون بشأن ماهيتها. بنظره، السعادة له ليست أكثر من عدم وجود الألم والمعاناة. لحظة الراحة التي نشعر بها أحيانا بين تحقيق رغبة والسعي وراء أخرى. يؤكد شوبنهاور الدور الأساسي للتذكر والتفكير بتوليد مشاعر السعادة. وكانت فلسفة الشاعر بيرم التونسي قريبة وتعكس واقعية وحياة القسوة والمرارة التى عاشها مطاردا ولاجئا بين بورسعيد والإسكندرية والقاهرة وفرنسا.

[2] مقال للكاتب عبد المجيد دقنيش في مدونات الجزيرة تحت عنوان: لذة الحياة في زمن الكورونا.

[3]مالك بن الريب المازني التميمي ، شاعر كان قاطعا للطريق حتى طلب منه أمير خراسان (حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يتوب ويستصحبه ، فأطاعه و في الطريق الى غزوه، و في اثناء الراحة و في القيلولة لسعته أفعى و جرى السم في جسمه فأحس بالموت فرثى نفسه بقصيدة شهيرة.

[4] يذكر الكاتب نجم الدين خلف الله في مقاله عن كتاب اليوم الأخير للأديب ميخائيل نعيمة في صحيفة العربي الجديد: تدخل عليه خادمتُه وتسأله عن سبب تغيُّر حاله، وفي خضمّ حوارهما يسألها: "أمَّ زيدان! أتعرفين ما هو الموت؟" فتردُّ عليه: "الموت هو الموت يا ابني". وفي هذا الوضْع الوجودي، الواقع على حافة الوجود والعَدم، الموت والحياة، الفَناء والبقاء، يَروي نُعيمة سيرَة هذه الساعات الأربع والعشرين الأخيرة التي هي مَدار الكتاب: تمرُّ الأحداث على محكّ الموت، ليتّضِح الفرقُ بين الزائف والأصيل في حياة الناس. فهل المضمون العميق، في "اليوم الأخير"، مجرد مَوعظة مُقَنَّعَة، كُتبت بأسلوب قصصيٍ لتندُبَ الناس إلى التأمُّل؟

[5] الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني (1687-1768م) مؤرخ وشاعر ومصنف من أهل صنعاء. هو أحد أئمة اليمن المتأخرين، والذين يعدون في المجتهدين القلائل المتحررين المتبعين للدليل من الكتاب والسنة.

[6] محمد زكي عبد السلام مبارك (1892-1952م) هو أديب وشاعر وصحفي وأكاديمي عربي مصري، وله من الكتب الجميلة العديد.

[7] الشاعر محمود غنيم (1901-1972م) من الشعراء مرهفي الحس الذين يتأثرون بكل ما حولهم من أشياء وكائنات، وأحداث صغيرة أو كبيرة، أو مؤثرات نفسية يرى الشاعر أنها تجربة حركت نفسه وهزت مشاعره، وفي دواوينه المختلفة نجد صدى يبرز الحروب وأهوالها، كما نجده يكتب الكثير من القصائد التي تتميز بالخفة والدعابة والفكاهة، ونجد فيها العَبَرات والرثاء، كما نجد فيها المديح والوصف...الخ.

[8] مجلة “لايف هاك” الأمريكية، بقلم الباحثة الكندية في علم النفس، إيفلين مارينوف. وتضيف في مقالها الى ما سبق أن الانسان يحتاج الى التفوق في الممارسات والإنجازات مقارنة بالآخرين. وقال طبيب النفس النمساوي، "كونراد لورنتس"، ذات مرة: “الحياة نفسها هي عملية اكتساب المعرفة”، التي تعطيك “فخرًا” في هذه الحياة. ومن هذا الباب، يرى الكثيرون أن “تحسين الذات” عبر تجارب الحياة يرقى إلى مستوى الهدف والغرض منها.

[9] يعرّف "ريتشارد م. ريان وإدوارد ل. ديسي؛ الدافع الجوهري بأنه "الميل المتأصل للإنسان إلى الخروج بحثًا عن الجدة والتحديات لتوسيع قدرة الفرد وممارستها واستكشافها وتعلمها".

[10] الدافع الداخلي والخارجي: الاختلافات والأمثلة من رابط

https://ar.questionofwill.com/572-intrinsic-and-extrinsic-motivation-differences-and-examples

كلمات دلالية

اخر الأخبار