بعيدا عن التضليل...أمريكا "الجديدة" تكرس صفقة ترامب!

تابعنا على:   09:34 2021-04-12

أمد/ كتب حسن عصفور/ بلا جدال، كانت فترة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي الأكثر سوادا بالنسبة للقضية الفلسطينية منذ ما بعد 1993، كونها عملت من أجل تكريس البعد التوراتي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ما فتح الباب لقوى الإرهاب والتطرف التغول بكل الأشكال لفرض التهويد الواسع، وحصار الكيانية الفلسطينية التي بدأ تأسيسها مع قيام السلطة الوطنية الأولى في التاريخ فوق أرض فلسطين بقيادة الخالد ياسر عرفات، في 4 مايو 1994.

وتجاوز ترامب ما يمكن اعتباره "الخطوط الحمراء" للشرعية الدولية، عندما كسر أحد اهم قرارات الأمم المتحدة حول القدس ومكانتها، الى جانب الغاء المادة الخاصة باتفاق إعلان المبادئ 1993 (اتفاق أوسلو) الخاصة بالقدس، عندما قرر الاعتراف بها "عاصمة لدولة الكيان" من جهة وشطب التمثيل الفلسطيني الذي تم الاعتراف به رسميا في رسالة من رابين الى الرئيس المؤسس أبو عمار، ومسؤولية منظمة التحرير فيها.

ما يتعلق بالضم والتهويد في الضفة شكلت إدارة ترامب غطاء مكمل لما سبقها، ولكنها تجاوزت المنطق عندما ألغت تعبير الأراضي المحتلة عنها، واستبدلته بمصطلح تهويدي، مع الاستخدام العبراني لتسمية اتفاقات التطبيع مع دول عربية بـ "اتفاقات إبراهيم"، كجزء من فرض البعد الديني التوراتي للمشهد العام في المنطقة، كما جاء اغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني، ووقف تمويل وكالة الأونروا كجزء من محاولة شطب قضية اللاجئين.

الى جانب خطوات متفرقة في التعامل مع مؤسسات دولية، كان الموقف منها أكثر ميلا للتطرف من غيرها، لكنه لم يمس جوهر الموقف الاتهامي لها بأنها "تعادي" إسرائيل لصالح الانحياز لفلسطين.

رد الفعل الرسمي الفلسطيني على تطورات الموقف الأمريكي، انحصر بحدود خطوات لم تشكل فعلا جوهريا في مواجهة "الخطة الأخطر"، وغالبا استبدلت "فعل المقاومة" بـ "فعل الكلام"، حتى أن البعض بساذجة نادرة رأى في تعبير "يخرب بيتك يا ترامب" وكأنه ردا حاسما، دون أن يتساءل في اليوم التالي ماذا حدث، ومعها لماذا لم تكن الحركة الشعبية الفلسطينية جزءا من الموقف الرسمي، ولماذا حدث الفصل بين مطلوب كان له أن يحدث عرقلة، أو ما كان من "هراء الرد".

بعد فوز بايدن رئيسا لأمريكا، كان التقدير عودة رسمية الى ما قبل "العهد الترامبي" بخطوات محددة، وخاصة في القدس وتحديد طبيعة الأراضي الفلسطينية المحتلة، والموقف من جرائم الحرب والجنائية الدولية وفتح مكتب التمثيل الفلسطيني، كونه واجهة لترسيخ علاقة الاعتراف بين أمريكا والسلطة الفلسطينية.

بلا شك، جاءت إدارة بايدن بتغييرات نسبية في كيفية التعامل مع القيادة الرسمية، عبر اتصال مستويات محددة لا تزال محصورة في إطار الحد الأدنى، ولا تمثل "نقلة نوعية" يمكن أن تشكل "رافعة سياسية"، والأبرز تمثل في عودة الحديث عن "حل الدولتين"، لكنه مرتبط بالبعد اليهودي لدولة الكيان، وليس بالحق الاستقلالي للشعب الفلسطيني، واستئناف الدعم المالي للسلطة والمساعدات الإنسانية وكذلك للأونروا، دون اهمال مخاطر عرقلتها داخل الكونغرس مستغلين ما يسمى بقانون "الإرهاب"، وإعادة الموقف من منظمة الصحة العالمية.

ولكن، جوهريا يجب التدقيق جيدا في الموقف السياسي الأمريكي من حيث البعد التهويدي والقدس، ومسألة حل الدولتين ووصف الأراضي الفلسطينية والجنائية الدولية.

فالقدس، اعتبرت الإدارة الجديدة خطوة ترامب "انجاز تاريخي" مع اتفاقات التطبيع، بما يعني ضم القدس الشرقية أيضا، وليس الاكتفاء بالاعتراف بالغربية في تجاوز لقرار الأمم المتحدة عام 1948 حول وضع المدينة وكذلك اتفاق أوسلو، كما أنها لم تعيد أو تعلن انها ستعيد عمل القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية تكريسا لقرار الضم.

وفيما يتعلق بعودة استخدام "حل الدولتين"، وضع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن مضمونا سياسيا جديدا للشعار، (الذي هو أصلا أمريكي وخادع سياسيا) بربطه بقانون "يهودية إسرائيل"، وهنا يمس الحق الاستقلالي لإقامة دولة فلسطين، وبالأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل ذاتها، حيث يتنكر لحقوقهم القومية، ويتماشى مع العنصرية لقرار "القومية الإسرائيلي".

وارتكبت الخارجية الأمريكية جريمة سياسية عندما ألغت صفة الأراضي المحتلة عن الضفة والقدس وقطاع غزة، رغم التوضيح الملتبس في اليوم التالي للناطق باسمها، دون ان تصدر ردا كتابيا واضحا، ما يثير أن ما تم التعامل معه في الإدارة السابقة لم ينته كليا، مع عدم استخدام التعبير التوراتي للضفة والقدس.

جيد أن ترى "السلطة الرسمية الفلسطينية" تغيرا ما في الموقف الأمريكي، لكن لا يجب أن تغمض العين كليا عما بها من مخاطر سياسية حقيقية، مقابل "رشوات مالية"...وكما يقال عـ "الأصل السياسي دور"!

ملاحظة: ضربة إسرائيل الجديدة لمنشأة نطنز النووية بعد كل التهديدات الإيرانية والوعيد تؤكد المؤكد، ان الكلام لا يردع دولة الكيان، وكأنها تقول لحكام إيران "نطنز عليكم"!

تنويه خاص: ما حدث في الخليل من اعتداء على مرشح قائمة المستقبل ليس جريمة مدانة فحسب...لكنها تتطلب قيام أمن السلطة بكشف المرتكبين كي لا تصبح هي في دائرة الاتهام...ولو كانت فتلك رسالة غبية وجدا!  

اخر الأخبار