طبيعة العلاقات الامريكية الفلسطينية فى ظل ادارة الرئيس بايدن

تابعنا على:   14:41 2021-04-11

د. جهاد الحرازين

أمد/ شهدت العلاقات الامريكية الفلسطينية حالة من التدهور والتى وصلت الى القطيعة فى عهد ادارة الرئيس السابق ترامب بعد حالة الانحياز الاعمى واللامسبوق من قبل ادارة ترامب والفريق المتصهين تجاه دولة الاحتلال والوصول الى اتخاذ مجموعة من القرارات التى مست الحقوق الفلسطينية بل وتجاهلتها بشكل كامل بدءا من الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الامريكية اليها واغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن وقطع كافة المساعدات والتمويل عن السلطة الفلسطينية ووكالة الاونروا والعمل على شرعنة الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والتنكر لكافة قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والقانون الدولى بل والاكثر من ذلك التحريض على الشعب الفلسطيني وقيادته والعمل على حصاره سياسيا واقتصاديا وماليا لتمرير الصفقة المشؤومة المسماة بصفقة ترامب تلك المواقف والاحداث والتى بدأت منذ عام 2017.

 ادت الى ان يكون هناك قرارا فلسطينيا اتخذه الرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية بقطع العلاقات مع ادارة ترامب وعدم التعاطى مع أياً من مسؤولي هذه الادارة التى ادارت ظهرها للشعب الفلسطينى وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة الى ان كانت الانتخابات الامريكية والتى جرت فى نهاية العام المنصرم والتى اسفرت عن فوز الرئيس بايدن ونائبته كاميلا هاريس والذين اعلنوا فى اكثر من لقاء اثناء برنامجهم الانتخابي عن حذوهم لمسار مختلف عن الادارة السابقة برئاسة ترامب تجاه قضايا عديدة ومن ضمنها القضية الفلسطينية الى ان دخل بايدن وفريقه الى البيت الابيض وبذات حالة من التفاؤل تسود لدى الفلسطينيين بتغير فى الموقف الأمريكي خاصة بعدما خسر ترامب الذى وقف ضد تطلعات الشعب الفلسطينى وجرت اتصالات بين عدة مسؤولين فلسطينيين وامريكان بوزارة الخارجية الامريكية وتم التباحث فى شكل العلاقة والمواقف التى يجب ان يتم اتخاذها من قبل الادارة الامريكية الجديدة والتى لن تكون العلاقات الامريكية الفلسطينية نسخة اخرى مكررة عن الفترة الرئاسية للرئيس اوباما والتى كان بها بايدن نائبا للرئيس لتغير الظروف وتطورات المشهد الداخلى والدولى .وهنا نحاول ان نضع بعض البنود التى يكون لها اثرا فى تطور العلاقات او تغير النهج الامريكى تجاه القضية الفلسطينية وحتى نكون موضوعيين اكثر ونتعامل بواقعية سياسية قادرة على تصوير الواقع .
اولا: الادارة الامريكية او اية ادارة امريكية سابقة او حالية او قادمة لن تغير سياستها تجاه دولة الاحتلال لان امن دولة الاحتلال وتفوقها العسكرى واستقرارها على سلم اولويات اية ادارة امريكية أي ان دولة الاحتلال اولا وقبل أي شئ ومصلحتها مقدمة على أي طرف اخر.
ثانيا: الادارة الامريكية ورثت قضايا عديدة بالداخل الأمريكي خاصة الاوضاع الصحية وجائحة كورونا الامر الذى اصبح هناك خطرا داخليا وصحيا بحاجة لتكثيف الجهود للإفلات من هذه الجائحة باقل الخسائر فهناك حالة من الاهتمام الكبير.

ثالثا: حالة الانشقاق الداخلى والعنف والانفلات الأمني وانتشار الجريمة خاصة بعدما شهدته احداث اقتحام الكابيتول ووقوع ضحايا والاحداث التى وقعت بين المتظاهرين والشرطة بخلاف الاحداث التى وقعت اثناء الانتخابات وانقسام الشعب الأمريكي وهذا يدعو ادارة بايدن لمحاولة وقف العنف والجريمة واعادة اللحمة للشعب الأمريكي .

رابعا: قضايا الاقتصاد العالمى والتجارة العالمية والصراع مع الصين فيمن يقود العالم اقتصاديا ويواجه خطر الانتكاسات الاقتصادية الدولية نتيجة كورونا وحالة الركود وما يترتب على ذلك من بطالة وافلاس لشركات كبرى وعملاقة فهى بحاجة الى اعادة ترميم مكانتها الاقتصادية والتجارية لمواجهة التنين الصينى.

خامسا: الملف الإيراني والذى حاضرا بقوة نتيجة التحرك الأوروبي فإدارة بايدن تعمل على اعادة بناء تحالفاتها مع الدول الاوروبية والتى شهدت حالة من التصدع فى عهد ترامب ويشكل الملف النووى الإيراني مدخلا لهذه العلاقات والحد من تأثير هذا الملف على بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة.

سادسا: الملف الفلسطينى بدأ يأخذ حيزا فى تصريحات واقوال ادارة بايدن تمثل ذلك بالتأكيد على مبدا حل الدولتين واعادة جزء من المساعدات المالية التى تقدمها الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني ولوكالة الاونروا وكذلك رفض بعض الاجراءات الاحادية من قبل دولة الاحتلال وخاصة ما يتعلق بملف الاستيطان.

سابعا: التفاعل من قبل الادارة الامريكية ومشاركتها عبر مندوب من وزارة خارجيتها فى الاجتماعات الخاصة بالرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والامم المتحدة المكلفة بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى محاولة لتحريك ملف عملية السلام من قبل الرباعية الدولية خاصة بعد الجهود التى بذلت من قبل مجموعة ميونخ والتى تضم كلا من المانيا وفرنسا ومصر والاردن .

ثامنا: عدم وجود حكومة اسرائيلية مشكلة حتى هذا الوقت يدعو ادارة بايدن الى التريث قليلا حتى تتضح الامور لدى دولة الاحتلال بحكومة يتم الحديث معها.

تاسعا: لا زالت الولايات المتحدة لم تتخذ اية اجراءات عملية تنفيذا للوعود الانتخابية والبرامج التى اعلنت عنها وذلك بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية والقنصلية الامريكية بالقدس والتى تقدم خدماتها للفلسطينيين وهذا يتطلب مواصلة الحديث مع ادارة بايدن لاتخاذ مثل هذه الخطوات.

عاشرا :على ادارة بايدن ان تدرك بان القضية الفلسطينية هى قضية سياسية ووطنية بامتياز وليست قضية اغاثية او انسانية لان هذا الامر الذى استخدم فى بعض الاحاديث يحول القضية الى قضية انسانية واغاثية وهذا ما يجب ان تدركه الادارة الامريكية وكافة المؤسسات العاملة والممثلة بالولايات المتحدة الامريكية.

حادى عشر: انهاء سياسة التمييز والكيل بمكيالين خاصة ان الادارة الامريكية تطالب اى حزب او مشارك سياسى فلسطينى بضرورة الاعتراف بشروط الرباعية وهى الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات الموقعة ونبذ العنف فهل تطلب الادارة الامريكية من اعضاء الكنيست الإسرائيلي بمثل هذه الشروط الاعتراف بفلسطين والالتزام بالاتفاقات الموقعة ونبذ العنف خاصة فى ظل وجود اليمين الإسرائيلي ممثلا بالحكومة والكنيست والذى يدعو الى طرد الفلسطينيين والاستيطان والاقتحامات للاماكن المقدسة والاعتداءات والقتل والتفرقة العنصرية امثال سومتريش وبن رغيف وعلى شاكلتهم الكثير.

ثانى عشر: القيادة الفلسطينية ابدت التزاما بكل الاتفاقات الموقعة وبقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولى ومحاربة التطرف والارهاب وكل ما طلب منها لأجل تحقيق السلام وانهاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة فهل تتوجه الادارة الامريكية لمساندة طلب الرئيس ابو مازن بعقد مؤتمر دولى للسلام برعاية الامم المتحدة والرباعية الدولية لإنهاء الاحتلال خاصة ان هناك خطة قدمها الرئيس ابو مازن لمجلس الامن تستند الى مجموعة من المبادئ ووفق جدول زمنى محدد وبإشراف ومتابعة اممية ودولية لحل الصراع القائم وانهاء الاحتلال.
لذلك هناك حالة من الترقب تجاه ما ستقوم به الادارة الامريكية التى بدأت تعيد العلاقات الى سابق عهدها ولكن بخطوات متأنية لان السلام وتحقيقه بحاجة الى ضغط قوى ومواقف حقيقية لا تقبل التأويل وليس للمناورة او التلاعب بالمواقف والالفاظ ولكن يمكن القول باننا تخلصنا من كابوس احمق واخرق شكل على شعبنا الفلسطينى وقضيته عبئا كبيرا بل كان بمثابة سيفا اراد القضاء علينا الا وهو ترامب وادارته .

م / حالة الصمود الفلسطيني والتمسك بالحقوق والثوابت دائما تجدى نفعها فى مواجهة اعتى قوى الارض واكثرها قوة وسلاحا واقتصادا . هذه هى القيادة الحقيقية التى تحمى مستقبل الاجيال وتتطلع لتحقيق طموحاتهم بالحرية والاستقلال واقامة الدولة بعاصمتها القدس.

اخر الأخبار