المخيمات الفلسطينية في لبنان تصارع على هويتها وخيارها

تابعنا على:   14:36 2021-04-10

رامز مصطفى

أمد/ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وخلال سنوت تواجدهم القسري بعفل الاغتصاب الصهيوني لأرضهم وتشريدهم منها في العام 1948 ، تعرضوا نتيجة الأحداث والحروب المتلاحقة إلى عمليات تنكيل وصلت حد ارتكاب المجازر بحقهم ، بهدف دفعهم إلى مغادرة لبنان إلى المنافي البعيدة عن أرض وطنهم فلسطين .

ما تمّ انتهاجه من سياسات على مدار العقود الماضية ، المعلوم منها والمكتوم ، قد حققت جزءاً هاماً من أهدافها ، عبر سياقات اعتمدت ، أولاً على شطب وتفريغ عدد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية من أهلها ، بسبب تلك الحروب ، سواء الداخلية ، أو اعتداءات العدو الصهيوني . وثانياً ، حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية والاجتماعية ، والتي لا تتوافق مع أبسط حقوق الإنسان .

ولا تخلو فرصة ، إلاّ وتطفو على سطح التحامل والإمعان في شيطنة الفلسطينيين والتضييق عليهم ، من خلال القرارات الشهيرة لوزير العمل اللبناني السابق ضد العمالة الفلسطينية في تموز 2019 . وما نشرته صحيفة الجمهورية التي ساوت بين الفلسطينيين في لبنان بفيروس كورونا ، والتأكيد أن الفلسطينيين هم وباء لبنان ، وكل ما تعرض ويتعرض له هو بسبب الوباء الفلسطيني ، المتمثل بالمخيمات .

وثالثاً ، إدارة الانروا وانتهاجها سياسة التقليصات المتواصلة في الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين ، وهي تمس مباشرة مجالات التعليم والصحة والإغاثة . وتحديداً في ظل الظروف الخطيرة التي يعيشها لبنان على المستوى السياسي والاقتصادي والوبائي . وإدارة الانروا مع تفشي وباء كورونا بين الفلسطينيين قد أثببت فشلها في إدارة هذه الأزمة ، من حيث توفير المستلزمات الوقائية ومن ضمنها فحوصات ( PCR ) ، وتأمين وإنشاء مراكز للحجر الصحي ، وبالتالي توفير اللقاحات اللازمة .

ورابعاً ، بعض السفارات الأجنبية في لبنان تعمل على تحريض الشباب الفلسطيني المرهق والمحبط بسبب عدم توفر فرص عمل لهم ، بما فيهم خريجي الجامعات ، بهدف دفعهم إلى الهجرة . وذلك من خلال قناتين . الأولى ، منظمات ( NGO ) العاملة في لبنان وداخل المخيمات من دون رقابة ومتابعة . والثانية ، من خلال ناشطين داخل المخيمات ، فقبل ما يزيد عن العام ، كان هؤلاء يتواصلون مع السفارات عبر التواصل المباشر من خلال المذكرات والبيانات التي كانوا يصدرونها ، والتي يطالبون فيها باللجوء الإنساني .

وبالتالي مكاتب السفر ، والتي كان من أبرزها وأنشطها مكتب سفريات الغلايني ، الذي كان مقصد الكثيرين من أبناء المخيمات بهدف الهجرة ، على رغم من التكاليف المالية الباهظة . والغلايني في وقتها اكتسب شعبية في الأوساط الفلسطينية . فهناك من نظمّ له أغنية رددها الكثيرون ، وهناك من رفع له الشعارات ، وهناك من جعل من اسمه والدور الذي يؤديه مدعاة للتهكم والتطاول على المرجعيات الفلسطينية .

الأهداف من خلال ما سبق ، اليوم قد ظهّرته ورقة التفويض القانونية للمدعو المحامي جهاد ذبيان ، والتي عنونت ب" تفويض غير قابل للرجوع " ، وجاء في نصها " نحن الموقعون ادناه بصفتنا الشخصية وصفتنا ممثلون لعائلاتنا في الشتات الفلسطيني المهجر خارج وطنه القانوني فلسطين واستنادا للقانون الدولي واحكامه الخاصة باللجوء الإنساني وبصفتنا متضررين من عدم التعويض على التهجير القسري لشعبنا ، نفوض تفويضا غير قابل للنقض أو الرجوع المحامي جهاد نبيل ذبيان المسجل في نقابة المحامين في بيروت 7923 وهو المستشار القانوني للهيئة الشبابية الفلسطينية للجوء الإنساني – الإدارة المركزية في لبنان ،

للقيام بكل الاجراءات القانونية لدى أي قضاء دولي للاستحصال على تعويضات لنا ولمن نمثل من أفراد عائلاتنا عن الضرر الحاصل والأملاك المحتلة المسلجة في دائرة أملاك الغائب وفقاً للبند رقم 11 في القرار 194 الصادر عن الامم المتحدة وبكل الاجراءات الدبلوماسية الدولية لتأمين اللجوء الإنساني في اي مكان جغرافي أأو تاريخي انطلاقاً من قاعدة الضرر العيني التاريخي اللاحق بنا مع الاشارة أننا الممثلون الحصريون أمام المفوض منا بخصوص موضوع التفويض ولغاية تحقيق النتيجة وعلى هذا أوقع " . تلك الأهداف تتمحور حول شطب حق العودة ، وهذا لم يخفه المحامي ذبيان ،

الذي أكد في تصريح لجريدة النهار بتاريخ 30 أذار الماضي ، برر ذبيان الأمر أنه يعمل على تطبيق البند ١١ من القرار ١٩٤ الصادر عن مجلس الأمن الدولي سنة ١٩٤٨، والذي يخيّر الفلسطينيين بين حق العودة أو طلب التعويضات العينية والنقدية واللجوء الإنساني ، ونحن أخذنا المسار الثاني كون الخيار الأول لم يعد متاحاً ، ففي اتفاقيات أوسلو تم التخلي عن حق العودة بعدما أسقطته الدولة الفلسطينية وبالتحديد أبو مازن ، لذلك لم يعد أمامنا إلا خيار التعويضات .

المخيمات الفلسطينية في لبنان بأهلها اليوم يخوضون غمار مواجهة على غير صعيد ومستوى . أولاً ، مع الانروا وسياساتها التي تنتهجها في تقليص خدماتها ، وربما غسل يديها بالمطق من مسؤولياتها اتجاه اللاجئين ومخيماتهم . وجديد الانروا ما تمّ طرحه وتداوله عن نيتها تنظيم إحصاء وفق بصمة العين ، الأمر الذي رفضته المرجعيات الفلسطينية . وثانياً ، مع تفشي وباء كورونا المتزايد انتشاره في المخيمات ، وفقدان سبل الوقاية ، على الرغم من الجهود التي تبذل في هذا السياق ،

سواء من قبل الهلال الأحمر الفلسطيني ، أو المؤسسات الطبية الفلسطينية ، أو المؤسسات الاجتماعية والإنسانية والخيرية . والمعضلة الحقيقية اليوم في كيفية توفير اللقاحات لأبناء المخيمات . وثالثاً ، تعرية وفضح الجهات العاملة على تحريض الفلسطينيين ودفعهم إلى الهجرة ، بهدف نزع الصبغة السياسية عن قضية اللاجئين ، وتحويلها لقضية إنسانية ليس إلاّ ، بهدف شطب حق العودة ، كأحد الأهداف الإستراتيجية ل" صفقة القرن " . وهي بذلك أي المخيمات تصارع على هويتها وخيارها .

الصراع الذي تخوضه المخيمات بحاجة لمواكبة فصائلية ، وفق خطة طوارئ وطنية ، يشارك فيها الكل الفلسطيني ، بنخبه ومؤسساته ومنظماته وهيئاته الشعبية والنقابية . ودون ذلك فزمام الأمور ستخرج عن السيطرة ، وسيستفحل الخراب على كل المستويات ، في ظل أوضاع سياسية واقتصادية بالغة الخطورة يعيشها لبنان .

اخر الأخبار