ما وراء الاتفاق الاستراتيجي الصيني الإيراني

تابعنا على:   12:30 2021-04-10

طارق الثوابتة

أمد/ وقعت الصين وإيران الأسبوع الماضي و بالأحرف الأولى اتفاق شراكة استراتيجي يمتد لربع قرن لم يكن الاتفاق ليمثل مفاجئة لاي متتبع للعلاقة بين البلدين لولا ما أعلن عنه من بعض البنود التي سمح بالإعلان عنها والمتعلقة باتفاقيات التعاون ألاستخباراتي والعسكري بين البلدين ناهيك عن اتفاقات التعاون العلمي والتكنولوجي والاقتصادي وهو ما يشكل تطورا من شانه إحداث تغير جيوسياسي عميق في خارطة المصالح الإقليمية وكذلك الدولية إذا ما تحول هذا الاتفاق مستقبلا إلى واقع مفروض على الأرض وذلك نظرا لما تمثله كلا الدولتين من ثقل على المستوى الدولي والإقليمي وكذلك بالنظر لحجم الصراعات التى تنخرط فيها كلا الدولتين مع قوى دولية وإقليمية وازنة على مناطق النفوذ

إن توقيت الإعلان عن هذا الاتفاق كان بمثابة رسالة مدوية وجريئة ارسلالها كلا البلدين للإدارة الأمريكية التي بدأت لتوها الانخراط في رسم سياساتها الخارجية الجديدة على الصعيد الدولي وعلى صعيد الشرق الأوسط فالصين تتجرا و لأول مرة على الدخول وبهذه القوة الى منطقة الشرق الاوسط ليس اقتصاديا بقوة ولا سياسيا على استحياء كما عهدنا بل هذه المرة عسكريا واستخبارتيا وهو مايعنى ان الصين بدات وبشكل عملي مرحلة جديدة من مراحل التطور الامبراطورى والذي مضمونه مد اليد الغليظة لحماية المصالح الاقتصادية عبر التسلل العسكرى فى منطقة كالخليج الفارسي والتى هى تاريخيا منطقة نفوذ غربي متوارث بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهو مايدق ناقوس خطر فى اوساط الدوائر السياسية فى الغرب وخاصة فى الولايات المتحدة الامريكية والتى تفهم جيدا ان اى نفوذ صيني فى المنطقة انما سيعنى تاكلا خطيرا فى نفوذها خاصة وان الخطوة الصينية اتت ابكر بكثير مما كانت تتوقع مراكز الابحاث الاستراتيجية الامريكية والتى كانت تقدر ان الصين لن يكون بمقدورها البدا فى تحويل نفوذها الاقتصادى الى سياسي وعسكرى بهذه السرعة وان تتجرا فى مد هذا النفوذ العسكرى الى منطقة الخليج والتى هى منطقة نفوذ امريكية لما يزيد عن نصف قرن حتى وان خف اعتماد الولايات المتحدة عليها كمصدر رئيسي للطاقة الا انها تبقى منطقة نفوذ استراتيجي لايمكن لاى امبراطورية التخلي عنها اوحتى القبول بالشراكة فيها مع قوى امبراطورية اخرى.

على الطرف الاخر تدرك ايران جيدا ان ما تقوم به امر خطير للغاية فايران التى لااحد بمقدوره انكار انها قوة اقليمية وازنة الا انها وبهذا الاتفاق تدخل فى لعبة سياسية كبيرة بين دول فى مدار امبراطورية اوسع نطاق من مدارها الاقليمي وهو مايعنى ان ايران قد تكون الخاسر الاكبر فى هذه اللعبة وقد يعيد التاريخ نفسه وتدفع ثمن مشابها للذى دفعته لروسيا مطلع القرن الماضى والذى ادى الى خسارتها لاقاليم شاسعة من اراضيها.

ان الاتفاق الايراني الصينى فى الحقيقة يحمل فى طياته مخاطر صراعات دولية واقليمية خطيرة مستقبلا اذا مامضى قدما وتطور لكن فى المقابل فانه سيمثل على المدى المنظور ورقة سياسية قوية و رابحة فى يد كل من ايران والصين يمكن لكلا الدولتين استخدامها في مواجهة اى سياسات ستحدثها ادارة بايدن فيما يخص بالعلاقات الصينية الامريكية والمفعمة بالاشكاليات السياسية والاقتصادية والتى ليس اقلها حجم الفائض التجارى الصينى فى الصادرات بين البلدين.

وملف الديمقراطية وحقوق الانسان فى الصين وكذلك العلاقات الامريكية الايرانية والتى تتصدرها ازمة الاتفاق النووى الايراني والذى ورثته ادارة بايدن من سلفه ترامب مرورا ببرامج التسلح الصاروخى الايراني وصولا الى تمدد النفوذ الاقليمى الايرانى فى المنطقة على حساب الحلفاء الاقليميين للولايات المتحدة لذى فانه من المرجح ان نشهد في الاسابيع والشهور القادمة مشهد صراع سياسي ودبلوماسي عميق فى المنطقة يظهر فيه كيف تدافع القوى الامبرطورية والاقليمية على اكبر مساحة ممكنة لها تحت الشمس.

اخر الأخبار