"الصندوق القومي الفلسطيني"...من الدعم الى الطعن!

تابعنا على:   08:32 2021-03-16

أمد/ كتب حسن عصفور/ عندما تأسست منظمة التحرير الفلسطينية 1964، كحالة انبعاثية، بعيدا عما أحاط بالتأسيس، كان هدفها المركزي تشكيل إطار تمثيلي للشعب الفلسطيني يجسد هويته الوطنية، ويكون أداة كفاحية نحو تحقيق أهدافه بعد مرحلة اغتصاب الأرض، وما نتج عنها من حالة تشريد ولجوء لملايين ن الفلسطينيين.

وكان، من بين قراراتها تشكيل "الصندوق القومي" بهدف "الإشراف على شتى الأنشطة المالية للمنظمة، من إيرادات ونفقات، وتوجيه الاستثمارات في المسار الصحيح، وذلك في إطار الميزانية المعتمدة من المجلس الوطني الفلسطيني".

ولضمان الشفافية في عمل "أول وزارة مالية فلسطينية"، تقرر وجود مجلس إدارة للصندوق، وأن يتم انتخاب رئيسه مباشرة من المجلس الوطني ويصبح عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهو الوحيد الذي تمتع بالانتخاب المباشر بما يمنحه قوة خاصة، لم ينلها رئيس اللجنة التنفيذية ذاته.
بالتأكيد، لم يكن مسار الصندوق من أول رئيس له (عبد المجيد شومان الى محمد زهدي النشاشيبي) خطا مستقيما، واستخدم في محطات ما لحالة من "التسيس" ولغرض غير مقصد أهداف النشأة، انحرافات مؤقتة وآنية، ولكنها لم تصبح منهجا انتقاميا تستخدم لخدمة سلطة مطلقة.

وفي آخر مجلس وطني دورة 23 (المطعون في شرعيته قانونا) أبريل 2018 في مقر المقاطعة بمدينة رام الله، أرتكب أعضاء المجلس ما يمكن اعتباره "جريمة سياسية"، بالموافقة على رغبة الرئيس محمود عباس عدم انتخاب رئيس الصندوق القومي وتكليف مهامه الى موظف من مكتب الرئيس بدرجة مدير عام، لينتقل دور الصندوق ومهامه من خدمة منظمة التحرير الى "خدمة رئيسها"، بعيدا عن أي حق وقانون.

التنازل – الجريمة في تمرير "الفردانية العباسية" مثلت مظهرا انحداريا غير مسبوق منذ تأسيس منظمة التحرير، رافقها تغييب كلي لمجس إدارة الصندوق التي تتشكل من 15 – 20 شخص، تكون إطارا للإدارة العامة ورسم السياسيات ومراقبة العمل، مجلس لم يعد له وجود، وربما لا يذكر أي من أعضاء التنفيذية وجود تلك الهيئة، أو أي من أسمائها.

التواطئ على عدم انتخاب رئيس للصندوق القومي، فتح الباب واسعا لكل ما تلاها من كيفية استخدام الرئيس عباس "سلاح المال"، من سلاح لتعزيز الكفاحية الوطنية الى سلاح لتصفية حسابات شخصية – سياسية، وفقا لما يراها، ما جعل من "مال الصندوق" أحد مراكز "السلطة المطلقة"، التي سعى اليها منذ عام 2005.

في عهد الرئيس عباس أصبحت سياسة قطع الحقوق المالية عن الفصائل المؤسسة للثورة والمنظمة، سمة ملموسة من سمات عهده، وساعده كثيرا "ضعف الفصائل من غير فتح"، التي صمتت كثيرا على تلك الأفعال بعد أن ساهمت في تمرير جريمة عدم انتخاب رئيس الصندوق، ولم نجد وقفة فصائلية موحدة لأي من خطوات قطع الحق المالي عن فصيل ما، وكأن الأمر لا يهمها ما دام الأمر على غيرها، دون أن تدرك أنه يستفرد بها واحدة تلو الأخرى، ولو وقفت جميعها موقفا واحدا وهددت بتجميد عملها في اللجنة التنفيذية وكل أطر منظمة التحرير، وتحركت بكل وضوح لكشف سياسية "الاستبداد المالي" لما وصلت الى ما وصلت اليه، ان تستجدي حقوقها.

استخدام "الصندوق القومي" كسلاح مضاد للوطنية الفلسطينية، وصل الى حد بات من الضرورة والمصلحة العليا ألا يبقى الأمر أسيرا للتخريب الوطني، وآن أوان وضع نهاية لتلك المرحلة من خطف المال العام لتوظيفه لخدمة الرغبة الذاتية.

المواجهة الموحدة هو السلاح الأهم، ولو أصر على "خطف الصندوق ومفتاحه"، يجب الحراك بأشكال متعددة منها ارسال وثيقة للجامعة العربية ودولها، بصفتهم أحد روافد دعم الصندوق، ومن الحق أن تعرف حقيقة مسار ما تقدمه للشعب الفلسطيني، وتلك أحد سبل التصويب الى جانب حملة إعلامية شعبية لكشف آلية استخدام المال العام، وكيفية توظيفه في غير مكانه وأهدافه...

كفى هلعا وارتعاشا...فمن لا يستطيع تصويب مسار "صندوق بات سلاحا مضادا" لا يمكن له أبدا تصويب مسار عام...لتكن بداية التغيير والتصدي من هنا..وغيره على كل الكلام السلام!

ملاحظة: وقف المال عن مؤسسة أبو عمار ليس عقابا لرئيس المؤسسة بل لحامل اسمها...ربما أصبح من الضرورة أن تخرج المؤسسة من أي علاقة لها بمؤسسات تخضع لسلطة الرئيس عباس...وأن تتحول الى مركز وطني عام!

تنويه خاص: دولة الكيان تتحرك نحو تعريف جديد لـ "معاداة السامية" بما فيها وضع اعتبار "معاداة الصهيونية" جزءا منها .. قبل ما تصير السكين على الرقبة مطلوب حراك مضاد فوري...ممكن أولي الأمر ينتبهوا بدل غرقهم في تصفية حساباتهم الصغيرة.

اخر الأخبار