أسوشيتد برس: محاولات أردوغان لرأب الصدع مع أمريكا تصطدم بــ"تجاهل" بايدن

تابعنا على:   19:24 2021-03-14

أمد/ نيويورك: رأت وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خفف كثيرا من لهجته المناهضة للغرب والولايات المتحدة، وذلك في محاولة واضحة منه لرأب الصدع في العلاقات المتوترة مع حلفائه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن حتى الآن فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن قابله بالصمت التام.

وجاء في تقرير نشرته الوكالة يوم الأحد، أنه بعد مرور شهرين تقريبا على توليه منصبه رسميا، فإن بايدن لم يتصل بأردوغان حتى الآن، وهو ما يراه البعض في تركيا على أنه مؤشر مثير للقلق، لكن على النقيض تماما، فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأردوغان تحدثا هاتفيا عقب أيام قليلة على انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.

وقالت إن العلاقات بين واشنطن وأنقرة، التي كانت تعتبر استراتيجية لكلا الطرفين، تدهورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الخلافات حول سوريا، والتعاون التركي مع روسيا، وأخيرا التدخلات البحرية التركية في شرق المتوسط، والتي وصفها مسؤولون أمريكيون بأنها مزعزعة للاستقرار.

وتابعت أنه رغم هذه التوترات، فإن الكثيرين داخل حكومة أردوغان كانوا يأملون في 4 سنوات أخرى من إدارة أمريكية يقودها ترامب، الذي كانت لديه روابط شخصية مع أردوغان، ولم يتناول السجل التركي الخاص بحقوق الإنسان، في الوقت نفسه، فإن بايدن أثار استياء مسؤولين أتراك، بعد مقابلة مع صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، تحدث فيها عن دعم المعارضة التركية ضد أردوغان.

في البيانات العامة، لجأ مسؤولون أتراك إلى الحد من أهمية عدم وجود اتصال هاتفي من البيت الأبيض حتى الآن، وأشاروا إلى أن المحادثات جارية على مستويات أخرى، ولكن مسؤولا حكوميا تركيا بارزا، رفض الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموقف، قال في تصريحات "لأسوشيتد برس" إن أردوغان ليس سعيدا بهذا الأمر.

ونقلت عن جين بيساكي، الناطق الرسمي للبيت الأبيض، قولها الأسبوع الماضي، إن هناك العديد من قادة العالم الذين لم يتصل بهم بايدن حتى الآن، وإنها متأكدة من أن الاتصال مع أردوغان سيتم في مرحلة ما.

مأزق أردوغان

وأردفت الوكالة أنه في ظل الأصدقاء القليلين الذين يملكهم أردوغان في ظل موجة السياسات الخارجية الشرسة التي لجأت إليها تركيا خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى اللهجة المناهضة للغرب، والاستبداد المتصاعد، فإن تركيا تتطلع -الآن- لجذب استثمارات أجنبية من أجل إنقاذ اقتصادها المتعثر، وقد تواصل أردوغان مع الولايات المتحدة ودول أوروبية وحلفاء آخرين سابقين في محاولة لإصلاح العلاقات المتدهورة وإنهاء العزلة الدولية التركية.

في هذا الصدد، فإن بايدن، الذي أبدى من قبل رغبته في استعادة الحلفاء الدوليين والعلاقات التقليدية، إضافة إلى تعزيز العلاقات مع الناتو، ستكون له مصلحة في إعادة بناء العلاقات مع أنقرة، وإبعادها عن نطاق النفوذ الروسي.

لكن محللين يرون أنه سيكون من الصعب للغاية تحسين العلاقات، خاصة في بعض القضايا التي لا تتوافق فيها الدولتان على الإطلاق، ومن بينها قرار تركيا بالحصول على نظام الدفاع الجوي الصاروخي الروسي "إس 400" المضاد للطائرات، الذي تقول واشنطن إنه يمثل تهديدا للناتو وبرنامج الطائرة الأمريكية المقاتلة "إف 35".

وطردت الولايات المتحدة أنقرة من برنامج الطائرة "إف 35"، وفرضت عقوبات على مسؤولين أتراك بارزين في صناعة الدفاع، إضافة إلى حظر تصاريح الصادرات العسكرية لتركيا، وتدفع تركيا بأن نظام الدفاع الجوي الصاروخي الروسي "إس 400"، الذي كلّفها 2.5 مليار دولار، لا يمثل تهديدا لحلف الناتو، وطالبت مرارا بإطلاق حوار لحل الأزمة، بينما تصر واشنطن على عدم رفع العقوبات طالما استمر نظام الدفاع الروسي على الأراضي التركية.

ونقلت الوكالة عن ميرف طاهر أوغلو، من مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، قولها "سيكون من الصعب على أردوغان التراجع عن نظام الدفاع الروسي، لأنه قام بصفقة كبيرة، وسوف يكون لذلك نتائج على استقلال القرار الجيوسياسي التركي".

ويمثل الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد السوريين الذين يحاربون تنظيم داعش نقطة أخرى خلافية بين تركيا والولايات المتحدة، حيث تدفع أنقرة بأن هؤلاء المقاتلين شاركوا في تمرد كردي مستمر منذ عقود، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن العلاقات لا يمكن أن تتحسن ما لم تتوقف واشنطن عن دعم الجماعة الكردية السورية.

وفي 2019، اتهم بايدن الرئيس السابق ترامب بخيانة حلفاء الولايات المتحدة، بعد قرار الأخير بانسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا؛ ما مهّد الطريق أمام الهجوم العسكري التركي ضد المقاتلين الأكراد.

ضغوط متوقعة من إدارة بايدن

في السياق، فإنه من المتوقع أن تضغط إدارة بايدن على تركيا في نزاعها مع اليونان حول موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط؛ ما تسبب في مواجهة متوترة بين الدولتين الحليفتين في الناتو، ومنذ ذلك الوقت، أوقفت تركيا بحثها عن احتياطيات الطاقة في المناطق البحرية المتنازع عليها، وتراجع أردوغان كثيرا عن لهجته الشرسة.

إزاء ذلك، قالت غونول تول، مديرة مركز الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط، إن تركيا لا يمكن أن تقدّم تنازلات في شرق المتوسط؛ لأن هذه يُنظر إليها على أنها قضية قومية من جانب قطاع عريض من المجتمع التركي.

وقالت "أسوشيتد برس" إنه "من المتوقع أن تؤكد إدارة بايدن قضيتي الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل أكبر مما فعلته إدارة ترامب، خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ونظيره التركي مولود شاووش أوغلو، أكد بلينكين أهمية المؤسسات الديمقراطية، والإدارة الشاملة، واحترام حقوق الإنسان في تركيا، وفقا للبيان الأمريكي حول الاتصال".

وتعهد الرئيس أردوغان الأسبوع الماضي بإجراء سلسلة من الإصلاحات لتحسين حقوق الإنسان، لكن محللين قالوا إنه من غير المرجح أن يكون لتلك الوعود تأثير كبير، أو أن تؤدي إلى إطلاق سراح شخصيات بارزة من السجن، مثل الناشط عثمان كافالا، المتهم بوجود علاقات بينه وبين احتجاجات مناهضة للحكومة عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.

وأشارت ميرف طاهر أوغلو إلى أن إدارة بايدن تحتاج إلى رؤية المزيد من الديمقراطية في تركيا قبل المضي قدما في إصلاح العلاقات مع حكومة أردوغان، التي يمكن أن تأتي من خلال إصلاحات قضائية بارزة، أو إطلاق سراح بعض الشخصيات السياسية المثيرة للجدل.

يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى تسلم رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير انقلاب عسكري فاشل في عام 2016، ويقول مسؤولون أمريكيون إن أنقرة لم تتمكن من تقديم وثائق تسمح بتسليمه، وتتهم تركيا واشنطن بتوفير الملاذ الآمن له.

وحسب الوكالة، فإن هناك عنصرا آخر مثيرا للاضطرابات في العلاقات الأمريكية التركية، يتمثل في القضية المرفوعة ضد بنك حق الحكومي التركي، المتهم بمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأمريكية بمبلغ يصل إلى 20 مليار دولار، في حين نقلت أسوشيتد برس عن غونول تول قولها إنه إذا صدر حكم قضائي ضد بنك حق التركي، فإن هذا سيكون مدمرا للاقتصاد التركي، ولا يمكن أن أرى كيف ستتم إعادة العلاقات إلى طبيعتها بعد ذلك.

اخر الأخبار