حركة فتح أكبر من الانكسار او الاندثار

تابعنا على:   12:50 2021-03-06

د. محمد المصري

أمد/ حركة فتح هي حركة الشعب بأكمله، عبرت عنه وعكست اماله وطموحاته، وكانت خير ممثل اجتماعي وسياسي له، من حيث الغنى والتنوع والتعدد واختلاف المرجعيات.

  كانت فتح حاملة شعار بسيط جمع حوله كل الناس في كل المواقع، كان شعاراً بسيطاً ومتقشفاً ولكنه كان شعاراً قوياً جامعاً عاطفياً وفكرياً ونضالياً.

تمثل الشعار في مرونة الصياغة ومرونة التطبيق واستيعاب الواقع والتعامل مع المتغيرات بطريقة عملية تسمح بالقفز عن المطبات وتجاوز العقبات، والنجاة من المكائد والمؤامرات.

ولهذا، كانت حركة المجتمع الفلسطيني الذي تعود البقاء والصمود، وربما كان ذلك سر بقاء هذه الحركة وتصاعدها وجماهيريتها وشعبيتها التي لم ولن تنكسر.

ولهذا لم تستطع الانشقاقات المدعومة ولا الفلتات الممولة ولا القيادات المغامرة ولا الشخصيات صاحبة الاجندة ان تفت في عضد هذه الحركة او تضعفها او تلغيها او تشقها، رغم الاحداث العظيمة والعواصف الهائلة التي شهدتها هذه الحركة العظيمة. والسبب كما قلنا ان هذه الحركة تشبه جمهورها، في سعيه الابدي للخلاص، في رغبته ان لا ينتحر، وان لا يغامر، وان لا يصادر الحريات او يقمع الآراء، حركة فتح تشبه جمهورها، في انها لم تأخذه الى العدم او الموت او الى الانتحار او الى الشعار العالي او المقامر او غير المنطقي او غير الواقعي.

ولهذا، استطاعت هذه الحركة ان تتعامل مع العالم عندما كان قطبين في حرب باردة، وعندما تحول العالم الى قطب احادي بالغ العنف، وعندما تحول العالم للمرة الثالثة الى متعدد الاقطاب يتنازع النفوذ والمصالح. ظلت فتح تلعب الادوار المنوطة بها لخدمة شعبها، لان حيادها ايجابي، ولان مواقفها تنحاز الى شعبها ولأنها تعرف المسافة الامنة التي يجب ان تحافظ بها على نفسها.

هذه الحركة اعطت للشعب الفلسطيني حدود هويته من خلال كوكبة من القادة العظام، في النضال والسياسة والادب، ومنذ 56 سنة تقريباً، فإن حركة فتح هي التي تراكم من اجل بناء هذه الهوية الوطنية وتبلورها بحدودها الروحية والجغرافية.

ولان الحركة العظيمة كذلك، فقد استطاعت بقيادتها ان تتصدى لإمبراطورية عظمى ارادت فرض حل مستحيل على الشعب الفلسطيني، وتصدت للمشروع الصهيوني وما تزال وتفشله وتمنعه من تحقيق حلمه من الفرات الى النيل.

حركة فتح وقيادتها الشجاعة والشرعية استطاعت ان تقف سداً منيعاً امام التهميش والتغيب والتجاوز، وافشلت فكرة القيادة البديلة، والتغول الاقليمي، والانخراط في احلاف لا تخدم القضية الفلسطينية. استطاعت القيادة الشرعية ان تقود شعبها في أقسى الظروف وأعتى الشروط، فلا الحصار المالي ولا التهميش السياسي ولا محاولات الشطب ولا الالغاء او الاهمال او حتى ضرب حل الدولة الفلسطينية استطاع ان يهز شعرة في رأس هذه القيادة.

ولهذا كله، فإن هذه الحركة، لا تستحق الان هذه المواقف المتشنجة ولا التصريحات التي لا يستفيد منها سوى الاعداء والخصوم.

ليس هذا وقت تصفية الحسابات او الحرد الذي لا يؤدي الى نتائج. خصوصاً ان ليس هناك فروق في المواقف كبيرة، وليس هناك رؤية اخرى غير المطروحة على الطاولة اصلاً.

ليس هذا وقت المعاتبة وشق الصف وإضعاف الحركة في آتون معركة ديموقراطية ستغير من المشهد الكثير.

ألان، فإن كل موقف غير توحيدي سيفسر على أنه يصب في خدمة الأعداء او الخصوم، ونحن لا ننفي عن كل من يمتلك رؤية أو رأي في حركة فتح لا الوطنية ولا الفلسطينية، ولكننا نقول أن هذا موقف يضعف الحركة ويزيد من البلبلة ويربك الصفوف ويسمح بفتح الأبواب لدخول كل الشياطين منها.

فتح، لم تكن يوماً قاسية على أبنائها، ولم تبطش بمخالفيها، ولم تكن غير أم رؤوم لكل من خالفها الموقف، ولهذا، ما يزال الوقت متاحاً للمراجعات وتوحيد الصفوف.

ما يزال الوقت متاحاً أن تكون هناك وقفة تأمل حقيقية، يستعاد فيها الصواب والرؤية الحق.

فتح، حركة عملاقة، لا تنحني ولا تنكسر لهذه القامة او تلك، ولا تذوب لغياب هذا القائد او ذلك. لهذا، لا أحد يعتقد أنه يستطيع أن يجد ظلاً أرحم وأوسع من ظل حركة فتح. كان ذلك في الماضي وكذلك في الحاضر.

كلمات دلالية

اخر الأخبار