لا مكان للفلسطينيين في قضايا حقوق الانسان الامريكية

تابعنا على:   09:18 2021-03-05

د. نزيه خطاطبه

أمد/ ما ان اعلنت  محكمة الجنائية الدولية في لاهاي  الولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية واعلان القاضية الإفريقيّة فاتو بنسودا المدعية العامة في المحكمة عن فتح باب التحقيق رسميّا في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، وبالتحديد أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع في صيف عام 2014، والذي تسبب بمقتل ما يَقرُب من ثلاثة آلاف شخص، معظَمهم من المدنيين والأطفال وكذلك قتل مئات الشبّان والاطفال على حواجز حيش الاحتلال في الضفة بحجج واهية ، حتى ثارت عصبية إدارة الرئيس جو بايدن الأمريكيّة التي فازت بأصوات اليسار اللّيبرالي, واعلنت رفضها اية صلاحية للمحكمة في الاراضي الفلسطينية واي مس بالكيان الصهيوني وتفوقه الذي يعتبر خط احمر لا يجب الاقتراب منه .

من الممكن تفهم موقف نتانياهو وقادة الاحتلال من القرار الدولي كونه يشكل حالة رعب وقلق وخطرا مباشرا عليهم ويفضح سياستهم ويزج بهم في المعتقلات العالمية, حيث وصفه نتانياهو بأنه سخيف، وقمة النفاق، ومعاد للسامية، وتَوعد بالدفاع عن جنوده، ومنع محققي المحكمة من دخول الأراضي المُحتلّة.

 ولكن ان ترفضه الادارة الامريكية وهي التي اثارت انتباه العالم وجعلته في حالة ترقب طيلة الايام الماضية باعلانها التقرير الخاص بمقتل خاشقجي واقرارها بمسؤوليته المباشرة عن جريمة القتل وضرورة معاقبته, وهي التي لا توفر مناسبة دون الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان في روسيا والصين وايران وعشرات البلدان التي تصنفها بالمعادية او غير الصديقة وتصفها بالقاتلة لشعوبها. ، فحينما تستغل هذه الحقوق ويتم التركيز عليها بشكل مبالغ فيه على دول معينة دون غيرها، مع إغفال خروقات أكبر لحقوق الإنسان وجرائم حرب  في دول أخرى خاصة اسرائيل تمر دونما رقيب ولا حسيب، هنا تعرف تماماً أن الأمر لا يتعلق بحقوق الإنسان وإنما بأجندات سياسية، أصبحت هذه الحقوق ورقة رابحة لتحقيقها ووسيلة ابتزاز .

الرئيس بايدن اعلن مؤخرا عن عودة امريكا لمجلس حقوق الانسان العالمي والذي انسحبت منه بقرار من ترامب في 2018 بسبب ما وصفه بالتحيز المزمن ضد إسرائيل وعدم وجود إصلاح, لكن الواضح أن هدف الولايات المتحدة من عودة عضويتها لمجلس حقوق الإنسان لن يكون إصلاح المجلس لحماية اسرائيل فقط من خلال المطالبة بالغاء البند الخاص بانتهاكاتها، بل استخدام المجلس في صراعها مع الصين وروسيا اللتين تصنفهما الإدارة الأمريكية دولًا قمعية لا يقوم المجلس تجاههم بالدور المأمول, وخشية على معاقبتها نفسها اي امريكا على جرائم الحرب التي ارتكبتها في العديد من دول العالم وخاصة في العراق وسوريا وليبيا وافغانستان واليمن بدعمها للعدوان السعودي لتدمير اليمن ,

ليس مستغربا ان يقوم رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو بمهاجمة المدعية العامة والمحكمة واتهامها ب"معاداة السامية" وهي التهمة التي درج قادة المنظمات الصهيونية في العالم بتوجيهها لخصومهم والمناصرين للقضية الفلسطينية باعتبارها وصفة جاهزة لتخويف الخصوم من تصنيفهم في خانة "اللاسامية".

من المهم ان  يكون هناك اهتمام ومتابعة من قبل القيادة الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني بهذه القضية وملاحقة قادة الاحتلال وعدم الرضوخ للضغوطات والتهديدات الامريكية والاسرائيلية لثنيهم عن ذلك بوعود زائفة .

حيث اكد تقريراعلامي على القناة الاسرائيلية العامة "كان" ان الحكومة الاسرائيلية حذرت السلطة من تبعات تعاونها من خلال تقديم معلومات للمحكمة الدولية قد تسرع في إجراءات التحقيق".واضاف التقرير ان اسرائيل هددت السلطة بوقف العمل باستئناف المفاوضات والتضييق الاقتصادي في الضفة الغربية, مدعيا ان مقربين من الرئيس محمود عباس، يرون أنه "من غير المناسب فتح تحقيق بجرائم حرب إسرائيلية في هذا التوقيت، فيما نتوقع دعم الإدارة الامريكية الجديدة لإطلاق عملية سياسية قد تشهد تجدد المفاوضات مع إسرائيل".

نامل ان يكون ذلك غير صحيح( مع ان هناك سابقة مماثلة  وافقت خلالها السلطة على التخلي عن تقرير غولدستون مقابل وعود تبخرت سريعا )  وان تقاوم قيادة السلطة الضغوط وتعمل على ملاحقة قادة الاحتلال بكل جرائم الحرب التي ترتكب في فلسطين ومنها الاحتلال نفسه وبناء المستوطنات وعربدة المستوطنين . وكما قال رئيس مركز العدالة الدولية في منظمة العفو الدولية ماثيو كانوك: "هذا إنجاز مهم للعدالة بعد عقود من عدم المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كما أنها فرصة تاريخية لوضع حد نهائي للإفلات من العقاب المتفشي الذي أدى إلى حدوث انتهاكات خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأكثر من نصف قرن".

اخر الأخبار