اختبار جديد لحركة فتح

تابعنا على:   13:50 2021-03-04

د. ناصر القدوة

أمد/ دشن الدكتور ناصر القدوة مشروعه ورؤيته السياسية بإطلاق " الملتقى الوطني الديمقراطي " كمنصة سياسية وانتخابية للمجلس التشريعي ، خارج الإطار الرسمي لحركة فتح دون ان يعني خروجه منها كما قال في الاجتماع الافتراضي لكثر من ٢٤٠ شخصية ، تاركا اللجنة المركزية امام اختبار صعب، سيتوقف على ردها وموقفها من خطوته، الصورة  المستقبلية للحركة ، فإما ان تنتصر فتح لتراثها التعددي وفكرتها الاولى كتعبير عن تيار للوطنية الفلسطينية الجامعة او ينتصر التحالف الجديد بين بيروقراطية السلطة واجهزتها وراس المال الطفيلي الذي يتغذى من علاقته الزبائنية بالاحتلال والسلطة معا.

ولا يبدو في الأفق ان مسيري الحركة التاريخية والاوسع شعبية، يدركون حركة الواقع الجديد امام انغلاق افاق التسوية السياسية مع الاحتلال، وتردي الاوضاع المعيشية، وتراجع النزاهة والحكم الرشيد. فالموضوع لم يعد متعلقا فقط بأحد أعضاء اللجنة المركزية العاديين، وهو ناصر القدوة، بل بمناضل تاريخي، قاد اهم روافد الثورة الفلسطينية المعاصرة وهو الاتحاد العام لطلبة فلسطين، واختلف مع خاله ياسر عرفات الزعيم المؤسس لحركة فتح على البرنامج المرحلي وظل الاتحاد لفترة طويلة أحد المعارضين الشرسين لسياسة منظمة التحرير، لكن عرفات بكل جبروته وصولجانه، احتمل ناصر ورفاقه الشباب، رغم مناكفاتهم السياسية الدائمة له في المجالس الوطنية والمركزية لمنظمة التحرير ،عرفات لم يفصلهم من فتح ولم يتهمهم بالردة او التجنح والخيانة ولم يقطع المخصصات المالية عن اتحاد الطلبة .

كما ان القدوة، الدبلوماسي العريق الذي تتلمذ على يد أبو الدبلوماسية الفلسطينية زهدي الطرزي، وقاد بعثة منظمة التحرير في الامم المتحدة بنجاح، ثم وزيرا للخارجية، ثم مساعدا لكوفي عنان في الملف السوري بعد اندلاع الازمة السورية. والاختبار الصعب أمام اللجنة المركزية، هو ان اختلاف الرؤى السياسية كما كان يحدث بين أبو اياد وابوعمار او وبعض أعضاء اللجنة المركزية الاخرين كان يحل وديا واخويا، وتعود الامور الى مجاريها بحسب عرف غير مكتوب هو "قانون المحبة الفتحاوي”.

اما الان وقد استنت القيادة الحالية لفتح سنة جديدة بدأتها مع عضو لجنتها المركزية محمد دحلان وقامت بفصله وشيطنته هو وكل رفاقه وشيطنة كل غزة معه ، واختار الرجل الابتعاد منعا للصدام، وتمسك بفتح وتراثها، ولم ينزو او يعتكف بل استمر بنشاطه، وهو يتقدم بقائمة انتخابية يصر انها لفتح ولمشروعها الوطني الجامع.

ماذا ستفعل اللجنة المركزية مع ناصر القدوة الان، هل ستنفذ قرار رئيسها الصارم بمعاقبة كل من يخرج عن قرارها، ام ستعيد النظر ويدرك الأعضاء ان نظرية الثور الأبيض والأسود ستستمر، وستأكل الحركة قادتها واحد تلو الاخر، لان منطق الاقصاء ومنهجه لا يفضي الا الى النهايات المأساوية. امل كل الوطنيين، ان ينجح الفلسطينيون في عبور هذا الاستحقاق الديمقراطي بسلام ونجاح، لان في ذلك طوق للنجاة لقضيتهم ولصورتهم كشعب مضطهد وضحية احتلال استيطاني. فصل القدوة من اللجنة المركزية، يعني ان المسبحة قد انفرطت، فعلى قائمته اعضاء مجلس ثوري للحركة وأعضاء في لجان الأقاليم التنظيمية، ونبيل عمرو هو الاخر عضو المجلس الاستشاري للحركة وهو بمثابة مجلس حكماء الحركة يستعد لإعلان قائمته الانتخابية والتي يعتبرها رافدا لفتح وللتيار الوطني، فهل يفصل أيضا من المجلس.

كل التقديرات تشير ان تيارات فتح والقوائم الوطنية الحليفة يمكنها الانتصار بالأغلبية البرلمانية، ولن تحتاج الى الاستجداء في صفقات الغرف السوداء، لان الانقلاب على التحالفات، يعني افقاد النظام السياسي هويته في مساومات اضطرارية للحفاظ على السلطة، لكنه يؤسس عمليا لنهاية فتح كقائدة للنضال الفلسطيني، ولنهج الاعتدال والواقعية السياسية الذي حمى المشروع الفلسطيني من التصفية الكاملة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار