هنا سر النجاح ومكمن الفشل !

تابعنا على:   07:25 2021-02-11

د. رياض محمود الأسطل

أمد/ نص البند (١٠) على [ معالجة إفرازات الانقسام من كل جوانبها . . ، من خلال لجنة يتم تشكيلها بالتوافق، وتقدم تقريرها للرئيس الذي يحيلها لحكومة ما بعد انتخابات المجلس التشريعي للتنفيذ]
وهذا يعني ما ياتي:
١ - أن النص - كما يبدو من صياغته - تم تعديله من (تقدم اللجنة توصياتها) حسب الأصول، إلى (تقدم تقريرها)؛ بدليل بقاء كلمة (يحيلها) التي تعود على التوصيات، وليس على التقرير. وهذا يعني أن هناك تضييق متعمد لدور الرئيس أمام دور اللجنة، وأن تعديل النص قد تم على عجل، ولم تتم مراجعة صياغته بعد التعديل.
٢ - ان نص البند المذكور يتحدث عن معالجة كل القضايا التي أفرزها الانقسام، مع أن هناك قضايا تتعلق بسياسات بعض الفصائل، كالقضايا الأمنية والعسكرية، والتي لا يمكن لأحد غير هذه الفصائل ان يبت فيها. وهذا يعني أن هناك قضايا حساسة ستظل خارج اختصاص اللجنة والحكومة، وحتى خارج اختصاصات الرئيس.
٢ - أن النص - في ضوء الإشارة السابقة - يحصر دور اللجنة وبالتالي دور الرئيس ودور الحكومة، في الإفرازات الإدارية والوظيفية وجملة القوانين والمراسيم التي ترتبت على الانقسام أو ظهرت من خلاله .
٣ - أن مهمة الرئيس تنحصر (حسب النص) في رفع التقرير لحكومة ما بعد الانتخابات. وأنه ليس له حق النظر فيه بالتعديل أو الحذف أو الإضافة. وهذا يعني أن النص يحتفظ بدور الرئيس شكلا ، لا مضمونا، وأنه يعطي هذا الدور للرئيس أبو مازن أو لمن يحل محله، من أعضاء المجلس التشريعي الجدد، حسب القانون الأساس، في حالة غيابه او استقالته لأي سبب من الأسباب .
٤ - أن كل القضايا المتعلقة بالانقسام، ستنظر من قبل اللجنة قبل الانتخابات، ولكن تقريرها سيظل معلقا لما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة !
٥ - أن هذا التقرير العتيد سيشكل جوهر برنامج الحكومة الجديدة، التي عليها الالتزام بالتنفيذ، دون مراجعة !.
٦ - أن هذا النص - في المقابل - ينزع من الفصائل الموقعة - ولو نظريا - حق التدخل في التنفيذ، الذي سيكون من اختصاص الحكومة. وهو ما لن تقبل به الفصائل المهينة على الضفة أو على قطاع غزة.
٧ - أن هذا النص يضع تقرير اللجنة فوق الرئيس وفوق الحكومة الموعودة، وحتى فوق الفصائل الموقعة على البيان، لأن النص واضح الدلالة على حرية اللجنة في صياغة تقريرها وإن كان من حق أعضائها أن يعود كل للمرجعية التي رشحته.
فهل تقبل الفصائل التي مارست العناد وتمادت في الانقسام لخمسة عشر عاما، أن تترك الأمر للجنة والحكومة الجديدة دون تدخل، وبكل هذه المثالية والطوباوية غير المعهودة في تاريخ الانقسام ?
وهل يمكن أن يكون هذا النص مقبولا لدى الرئيس والحكومة الجديدة، أم أن الطرفين سيلجآن لمعالجة الصياغة المتعجلة لهذا النص، وينتزعان حقهما في النظر في التقرير الذي لا تعدو قيمته الحقيقية عن جملة من التوصيات القابلة للتعديل، وإعادة النظر والبحث في التفاصيل، ولو من الناحية الإجرائية على أقل تقدير .
وخلاصة القول إن نص هذا البند ينطوي على خمسة مخاطر ومحاذير رئيسة، هي:
١ - أن أحد الفصيلين لن يقبل بترك الأمر في يد الرئيس والحكومة الجديدة، وذلك في حالة عدم حصوله على حصة مرضية في المجلس التشريعي، وبالتالي في الحكومة القادمة.
٢ - أن القضايا الأمنية والخلافات حول السلاح واسترتيجية المقاومة ستظل قائمة وستظل عامل إرباك وتوتير قابل للانفجار الشديد، في حالة تجاوز أحد الأطراف للخطوط الحمر التي يضعها الطرف الثاني.
٣ - أن الحكومة الجديدة لن تكون قادرة على النهوض بتنفيذ التقرير أو تجاوز دور الفصائل الرئيسة، لأنها لا تملك أي قدرة على المجابهة في حالة استنكاف او تغول هذا الفصيل أو ذاك.
٤ - ان قوات الاحتلال وحكومته جاهزة للعرقلة والتدخل في حالة اشتمال التقرير على نصوص تمس ما تزعم حكومة الاحتلال بأنه جزء من أمنها القومي، او مخالف لنصوص اتفاق أوسلو على نحو سافر .
٥ - أن نجاح الحكومة في تنفيذ التقرير أو التوصيات مرهون بحجم احترام الفصائل لدورها ومكانتها. وهو مرتبط بشكل رئيس بمدى التقدم في العملية الديمقراطية، في المرحلتين: الثانية والثالثة. ومما لا شك فيه أن أي تعثر في المسيرة الديمقراطية سيؤدي إلى تعثر الحكومة، وربما إلى عودة التقاسم الجغرافي، بحيث ينحصر دورها في إقليم، في حين يذهب الفصيل الثاني لإدارة ما تحت يده بطريقة منفصلة، في الإقليم الثاني.
ومن هنا ستظل أيدينا على قلوبنا، وربما نضطر إلى كتم أنفاسنا أكثر من مرة، قبل أن تصل العملية الديمقراطية، إلى النهاية المامولة منها، والتي تهدف إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني برمته.

اخر الأخبار