انتخابات فلسطينية في ظل الإنقسام والإحتلال والفصائلية

تابعنا على:   23:04 2021-02-10

د. ناجى صادق شراب

أمد/ على أهمية المراسيم الرئاسية التي صدرت بشأن إجراء الانتخابات على مستوياتها الثلاث، وعلى أهمية الانتخابات التي كانت وما زالت مطلبا جماهيرا ومخرجا وحلا لكثير من المشاكل والمعاناة السياسية التي عانى منها الشعب الفلسطينى، وأدى عدم إجرائها على مدار سنوات طويله لحالة من التكلس والجمود السياسى وتقوية النزعة ألأمنية، وأعطى الفرصة لإسرائيل أن تردد أسطورتها الزائفة لا يوجد شعب ديموقراطى ،ولا توجد سلطة ونظام سياسى ديموقراطى.

الانتخابات الفلسطينية هذه المرة مصيريه حياتيه لا تقبل الفشل والإلتفاف حولها ، لا بديل عن إجرائها ونجاحها. وليست مجرد مناوره سياسيه كما يحلو للبعض وصفها، وليست حفظ ماء وجه لفتح وحماس. الانتخابات إستعادة للشرعية السياسية والقرار السياسى الفلسطيني الملزم. وتجنبا للتفاؤل البعيد والمبالغة في الانتخابات بسبب الخبرات السابقه فليكن معلوما منذ البداية أن الطريق طويل ، وتوفر حسن النوايا مطلوب.

وشجاعة القرار السياسى مطلوبة ايضا. تعانى البيئة السياسية الفلسطينية من أمراض سياسيه مزمنه منها غياب الديموقراطية، إستمرار الإنقسام السياسى والمجتمعى وإستمرار الاحتلال وسياسات التهويد والإستيطان وتنامى النزعات الضيقة للفصائلية . في ظل هذه بيئة سياسة تأتى الانتخابات الفلسطينية ، أضف إلى تعقيدات القرار السياسى العربى والتحولات السياسية نحو التطبيع ، ودوليا تصدر أولويات وملفات لها أولوية على القضية الفلسطينية .

فى هذا السياق تبرز أهمية ألإنتخابات الفلسطينية الثالثة،ولا ينبغي تحميلها أكثر مما يلزم، أولا ضرورة تحديد ألأهداف إلى أهداف ملحه لا تحتمل التأخير وأهداف إستراتيجية عليا لا يمكن أن تتحقق بدون تحقق المجموعة ألأولى .الهدف الملح من الانتخابات العمل على إنهاء الإنقسام في ظل حكومة وحده وطنيه لها صفة الشرعية وقراراتها ملزمه بحكم المشاركة للكل.

وإعادة بناء المؤسسات السياسية وفاعليتها ، وتقوية البنية القانونية الحامية لحقوق المواطن، والعمل على صياغة رؤية تنموية تعالج الفقر والبطالة ، وتعمل على إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والمجتمعية التى يعانى منها المواطن الفلسطينى ، وخلق بنية إقتصادية تستوعب الطاقات الشبابية والتي تشكل عصب الحياة.ومن بين ألأهداف ترشيد ألإنفاق المالى وإعادة النظر في العلاقة القائمة مع إسرائيل بما يحقق قدر أكبر من الإستقلالية وتفعيل الخيارات والمسؤولية الدولية ،وتفعيل دور الأمم المتحده وصولا لدولة فلسطينية كامله العضوية تحت الاحتلال، والعمل على تقوية العلاقات العربية والإقليمية .

وبالعودة لملف الإنقسام وهو أصعب الملفات يمكن لهذه الحكومة الشرعية أن تضع تصورات وظيفية لحل وتفكيك بنية ألإنقسام وإستيعابها ودمجها في بنية السلطة الواحدة. هذه هي الأهداف التي قد تستغرق بعضا من الوقت لكنها تشكل قوة دفع كبيره في تحقيق ألأهداف العليا البعيده وأهمها العمل على إنهاء الاحتلال بالخيارات الفلسطينية المتعدده والمتفق عليها ،وبناء نواة نظام ديموقراطى قوى وفاعل بمنظومته القيمية الشاملة.

فهذه الانتخابات ستكون بمثابة انتخابات إنتقاليه تمهد للإنتخابات الرابعة التي يمكن ان تؤسس لمرحلة انتخابات الدولة الكاملة. في هذا السياق يمكن النظر لهذه الانتخابات وأهميتها في هذه المرحلة. وعليه نجاحها سيمهد ويدفع في إتجاه نجاح لكل الخيارات الفلسطينية .

والفشل سيعنى طى صفحة القضية الفلسطينية فلسطينيا لأنه سيترتب عليه الفصل السياسى الكامل والذهاب للحلول الإقليمية.بدون تحديد والتوافق على هذه الانتخابات كمن يدور حول نفسه أو يجرف في البحر.والتاكيد على أن الهدف ليس ىالتنافس على السلطة والوصول إليها بقدر ألإتفاق على إدارة السلطة.والرسالة ألأهم التي تحملها ألإنتخابات دحض كل الروايات الإسرائيلية التي تلصقها بالشعب الفلسطيني من إرهاب وعنف وعدم تؤهله للسلام والدولة.

الهدف من هذه الانتخابات ليس فلسطينيا فقط بل إسرائيليا بمعنى إبراز كل الجوانب العنصرية ولإحتلالية التي تمارسها إسرائيل. وكما يقال لا يقرع الانتخابات إلا انتخابات أخرى ، ولا يقرع الديموقراطية إلا ديموقراطية أخرى .

ورسالة للعالم أن هذا الشعب يستحق الحق في دولته المستقلة، وأن مسؤولية إنهاء الاحتلال مسؤولية كل المجتمع الدولى. من هذا المنظور تبرز هذه الانتخابات التي تتجاوز الانتخابات التقليدية في أي دولة ، فالهدف منها ليس فقط المشاركه السياسية وتداول السلطة بل الهدف منها بناء الدولة وإنهاء الاحتلال . ونجاحها يتوقف على العامل الفلسطيني أكثر من توفر الضمانات الإقليمية والدولية ومراقبة المنظمات الدولية ،عوامل النجاح فلسطينية أولا بدرجة المشاركة السياسية الواسعة ، وبتوفير بيئة سياسية آمنه ، وبقبول نتائج الانتخابات فنحن لسنا أم مباراة غير صفريه فيها فائز وخاسر نحن امام مبارة صفرية الكل فيها فائز بنجاحها والكل فيها خاسر بفشلها.

اخر الأخبار