بايدن لن يحرر فلسطين.. بيدي لا بيد عمرو

تابعنا على:   20:33 2021-01-30

د. خالد رمضان عبد اللطيف

أمد/ رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعد أقل تهديدًا للقضية الفلسطينية من سابقتها، إلا أنه لا يجب الإفراط في التفاؤل، فهي بكل تأكيد لن تعطي الفلسطينيين حريتهم أو حقوقهم بشكل كامل، هي فقط ستسعى إلى تخفيف أضرار السياسة المنحازة للرئيس السابق دونالد ترامب، وربما تكون نقطة الانطلاق من تدمير إرث ترامب عبر التنصل من جريمة "صفقة القرن"، ولاستعادة ثقة الفلسطينيين الغاضبين، فقد تضغط واشنطن على إسرائيل لعدم تهديد الفلسطينيين في المنطقة (ج) بمزيد من التهجير ومصادرة الأراضي، وإزالة العوائق أمام تنمية القطاع الخاص الفلسطيني، وإعادة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" التابعة للأمم المتحدة.

قطعاً، لن يشكل الصراع العربي الإسرائيلي أولوية للإدارة الجديدة، لكن مساره وتداعياته على المصالح الأمريكية يجب أن يثير قلق صانعي السياسة الأمريكيين، ولهذا، يتعين على الإدارة الجديدة أن تتعلم من دروس الماضي، بمعنى أنها يجب أن تكون طموحة لتغيير شروط النقاش، ومتواضِعة فيما يتعلق بإمكانية إنهاء الصراع في أي وقت قريب، مع إعطاء الأولوية المطلقة لوقف أعمال الضم الزاحف لأراضي الضفة الغربية وحماية الفلسطينيين فيها، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة.

خلال العقود الماضية، أثرت السياسات الأمريكية المنحازة للصهاينة بشكل مؤسف على توجيه دفة الصراع، فسهلت ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين، وقد ازدهرت السيطرة وأصبحت هدفًاً صريحاً خلال حقبة ترامب القصيرة والعصيبة، عندما شجَّعهم على بناء المستوطنات، وأصدر لهم في جنح الظلام «صفقة القرن» المزعومة التي انحازت بشكل فج للاحتلال الإسرائيلي، ولهذا، فإن الانخراط الأمريكي القادم يجب أن يخفف من حدة عدم تكافؤ القوة بين طرفي الصراع.

على بايدن ورفاقه، إذا أرادوا حلاً، توجيه رسالة لا لبس فيها إلى الجمهور الإسرائيلي بضرورة تفهَّم عواقب الاحتلال الدائم، وأن الطريقة الوحيدة هي دَمْج الفلسطينيين بوصفهم متساويين في الحقوق والواجبات، واحترام تطلعاتهم في تقرير المصير، كما يتعين عليهم توجيه رسالة مماثلة للفلسطينيين بضرورة التوافق على نظام حكمٍ متماسك يمكنه رسم مسار فعَّال للخروج من المأزق الراهن بطرق تتماشى مع القانون الدولي، كما يتعين على إدارة البيت الأبيض  تغيير الاتجاهات القانونية والسياسية المنحازة التي ضربت الدبلوماسية في مقتل، وفشلت في ضمان حقوق الإنسان للفلسطينيين.

يقيناً، فإن تغيير عدسة الرؤية التي تنظر بها واشنطن للصراع، سينقلها من مقعد المتفرج، إلى مقعد الشريك الفاعل الذي يهيئ الظروف لإجراء محادثات هادفة، عبر حماية الحقوق المنتهكة من الإسرائيليين طوال العقود الماضية، ومن المتوقع أن الإدارة الجديدة ستوضح لطرفي الصراع أن حل الدولتين هو إطارها السياسي المفضل، وبالإضافة لذلك، يتعين على  واشنطن التشديد بأنه في حال استمرت إسرائيل في عرقلة إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة، فإن أي "بديل مؤقت" يجب أن يحترم الحق في المساواة وحرية التصويت في الأراضي المحتلة التي تسيطر عليها الصهاينة.

من الطبيعي أن تكون إدارة بايدن منشغلة بشكل أساسي بالقضايا الملتهبة داخليا، وأبرزها حدة الاستقطاب السياسي، وعدم السيطرة على الوباء، والركود الاقتصادي، وتفاقم معدلات البطالة، فإن السيناريو الأقرب للتصور هو أن تقوم إدارة بايدن بقَصْر انخراطها على التخفيف من الأضرار التي تسببت فيها إدارة ترامب واستئناف المفاوضات، وربما يكون هذا الأمر مفهومًا، لكنه غير فعَّال، والنتيجة المرجحة لمثل هذا النهج هي تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وزيادة التشرذم الفلسطيني، وتنامي مشاعر الإحباط واليأس، ولهذا فإن البعض يراهن على دفع دبلوماسي قوي من قبل الإدارة الأمريكية، ونقطة البداية ستمر عبر الالتزام بالمعايير الدولية، واحترام حقوق الإنسان، في المقابل يجب على الفلسطينيين استغلال السنوات الأربع القادمة للتوحد، ورص الصفوف، وإعادة النظر في شؤونهم الداخلية، وإحياء الحركة الوطنية الفلسطينية التي ظلت على فراش الموت منذ عقود.

كلمات دلالية

اخر الأخبار