الَمُغَنيِ الَغَنِيِ، والَلاعبِ الَغاَلِبْ، والَمُعَلِم المَغلُوب

تابعنا على:   13:23 2021-01-28

 جمال عبد الناصر أبو نحل

أمد/ الأمُة العربية، والإسلامية أُمة معطاءة، ووَلاَدَة، وزاخرة بالخير، وهي عِنوان الحضارة، ونبع، وينبوع، ومنبَع العطاء المتدفق، الذي لا يَنَضَّبَ، وخَاصةً بعد بزوغ فجر الإسلام في الجزيرة العربية، والذي أَشرقت أنُوارهُ، ورحمتهُ، وبَركتهُ علي البشرية كلها، وَسَاد بهِ المُسلمون على كُل الأمم في سَالف ذلِكَ الزمَان!؛ ونَعزوُ ذلك الأمر لأنهُم كانوا مؤمنين حقاً، وكان العدلُ دَيَدنَهم سباقين بِفعل الخيرات، مُتسامحين، ومتماسكين، ومتوحدين، وكانوا إِخوانًا متحابين  يُنِزلوا المُعلمين والناس مَنازِلَهُم، ويقدرون أهل العلم، والعُلماء، ويُجلونهم، ويرفعون قدرهم، ويُحب الأخ لأخيهِ ما يحبهُ لنفسِهِ، ولا يتحاسدوا، ولا يتباغضوا، ويُطَبقون ما يتعلمون، ويقوُلوا، ويَفعلُوا، ولا ينتقلون من آية لأُخري حتي يطبقوا التي كانت قبلها؛

فصاروا نُوراً، ومَنارة إيمانية دينية، ورمزاً ثقافياً عربياً، وإسلامياً، وعالمياً، وصرح شامخ عميق، وأنيق، حاذِق، سابق لِشق الطريق، مُشرق، شاهق، سامق، سابق، صادق، ناطق بالحق، مُحلق خفاق بالأفُاق، والِطِباق، ولهُم أُلق، أنيق، عريق؛؛ وننطق بالِحق لقد تركوا أجمل رحيقٌ بِغير حريق، دقيق، ورقيق، وبريق، وبيارق، ونمارق، ولهم عِشقٌ من باشق، وعشاق، ومشتاق، وأشوُاق، واشتياق، فكانوا كصديق، صِّدِيق، صادِق، صدوق، وكان بينهُم وفاق، وعِناق، ومذاق، رائِق، بلا مضَيِق، ولا ضِّيِقَ، فليس بينهم لصٌ سارق، ولا سرادِق، أو بنادق أو خنادق، أو فنادق، فلا نعيق، أو زعيق!؛ وكان لهم رفاق، ومساق، والتصاق، واتساق، وَسَاقٍ، ووفاَقَ، بِغيرِ فِراق، أو شِقَاق، أو نِفاق!؛؛  كَانوا علماً مُرفرفًا خفاقاً عالياً علِياً بين كُل الشُعوب، والأمُم، والمِلل، يصنعُون المعروف، ويَصفُون الصفُوف، ويُكرِمون الضُيوف، ويَصنعون الِسيُوف، وهُم لِلأعداء حتُوُفْ، كانوا يكدِون، ويكدحُون،

ويعملون، ويَتأملُون، ويتألمون، ولا يتكلمون حتي يتعلمون، ويعدلون، ويتقون، ويتقنون، ويجيدون ما يصنعون، كانوا بلسماً، مسكاً مُمسكِاً مُسكِناً، وَسكناً للِجراحِ ،،، ولذلك أبدعوا في الابتكار، والاختراع، والطب، والرياضيات، والَفَلَكَ، والحساب، والأدب، والنحو، والشعر، والفلسفة، والبلاغة، والمنطق، والعلوم، والأحياء، والفيزياء، والكيمياء، وكافة العلوم، فأبدع العلماء العرب المُسلمين،

في كافة العلوم، ونكتفي هنا فقط بذِكر أحد عُلماء العرب، والمُسلمين، وهو العالم "عباس بن فرناس"، والمولود في قرطبة، والذي اخترع الحبر للقلم، وأداة لقياس الوقت الميقاتة "الساعة اليوم"، وأول من حاول الطيران، وشَكَل جناحين للطير، على شاكلة أجنحة الطيور في السماء، وهو أول من استخدم الزجاج لاختراع نسخة بدائية من عدسات تصحيح ضعف النظر، وكان من المهتمين بدراسة علم الفلك فاخترع آلة لرصد حركة الشمس، والقمر والكواكب، وأطلق عليها اسم:" ذات الحلق"، وصنع قُبة سماوية، وله بعض الاختراعات الحربية، والمُركبة من مكونات كيميائية،

فاخترع ما يشبه اليوم القُنبلة المسيلة للدموع، وصنع آلة قتالية تساعد على ذلك الحصون، واخترع الزجاج، وطريقة لتقطيع الحجارة الكريستال الصخرية، وصُنع الذَهَب، والمجوهرات، وكان له سوق لبيع الذهب والفضة، وأبدع في صَهر وتركيب تلك المواد، وزخرفتها، وأبدع بفن العمارة، في الأندلس، وهذا هو واحد فقط من بحر من علماء العرب، والمسلمين الذين اخترعوا، واكتشفوا للبشرية أعظم الاكتشافات والاختراعات في الوقت الذي كانت فيهِ أوروبا، والغرب كُله غارق في بحرٍ لجُي من الظُلمات.

وأما اليوم يَا حَسرةً على العباد، وبالأخص حال أغلب شباب العرب، والمسلمين اليوم!؛ فإن حالنا اليوم لا يسُر عدواً، ولا صديقاً، لقد أصبحنا في ذيل القافلة بين الأمم، والشعوب!!؛؛ وليس ذلك لأن أرحام الأمُهات المُسلمات صارت عَقيمة عن إنجاب العُلماء الأجلاء والمبدعين،، كَلاَ بل إنها ليست بعقيمة، بل يوجد اليوم عُلماء، وجهابذة، مخترعين ومبدعين عرب مسلمين مَيامين، وأماجِد، ولكنهم ويا أسفاه علي حالهم!!؛؛ لأن أغلبهم إما يتعرضون للتهميش، والتطفيش، والتنفيش، والتطبيش!؛ أو القتل من الأعداء!!.

 وكذلك نري اليوم هجرة العقول العربية، المسلمة لبلاد الغرب، لأن حَال الدكتور، والعَالم، والمُعَلِم مُربي الأجيال، والمُحاضر، والأستاذ الجامعي خاصة غير المتفرغ حالهُ يُرثي لهُ!!؛؛ حيثُ وأنهُ فِي أغلب دول وطننا العربي الكبير- تَجِد رَاتِبْ المُعَلِم مثل راتب بائع الفجل!!؛ بينما تجد المُغني، مليونير رغم أن صوتهُ غير جميل، بلا طعم، ولا لون ولا رائحة، لأن الأغنية والفيديو كليب مملوء بالرقص والراقصات!!؛؛ وأما الكابتن لاعب كُرة القدم فيركب سيارة لُمُوزِين، وراتبه بالملايين، وأما المعلم، والاستاذ الجامعي فيـأخّذ المَلالِيم، وحالهُ سَكَنَ وطَيِنَ!!؛؛ فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!؛؛ فَيرفع، ويعلو، ويبجل المُغني الغني الماجِنْ الجاهل الوضيع، ويخفض، ويُقهر العالم، ويمُوت فقير!!..

 ولنِعرف سبب واحد من أسباب نهضة الغرب، وأوروبا اليوم، ونضرب مثالاً حياً، وهو رد رئيسة وزراء ألمانيا السابقة المستشارة أنجيلا ميركل، حينما طَالب القُضَاة الألمَان بِمسُاواة أجورهم مع رواتب المعلمين، لأنها أعلي من رواتبهم،، فرفضت ذلك، وقالت لهم:" كيف أُساويكم بمن عَلمكم"؛ وثالاً آخر من اليابان، فَبعد ما خرجت اليابان مهزومة في الحرب العالمية الثانية ورفعت الرايات البيضاء،،

كيف تطورت اليابان؟؟ تطورت حينما منحوا المُعلم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير، لأنهم علِموا أن أعظم تنمية هي التنمية البشرية، والاستثمار في بناء الانسان، وتكريم المواطِن لبناء الأوطان؛ وأما نحن فسحقنا المعلم، والعالم، والأستاذ الجامعي ومَحقناهُ، وجعلناه تحت خط الفقر، ورفعنا مكانة لاعب الكرة الكابتن كأنهُ وزير، وأما راتبه فوق راتب الأمير!!؛؛ وأما المغني المطرب المشهور فالمال ينهال عليه كالمطر المُنهمِر!!؛؛ من أُمُة غافلة لاهية، وبعض شبابها اليوم هائمين حيارى كالُسكارى!!؛

فَلم يتعظوا من الانذار الرباني  والموت الجارف للناس من "فيروس كورونا"!!. إن عدد كبير من الشباب العربي، والمسلم اليوم يعرف كل أسماء الفنانين، والمغنين، ولاعبين الكُرة!!؛؛ ولكنه بالمقابل لا يعرف يقرأ آية قرآنية بشكل صحيح من كتاب الله عز وجل!!؛؛ وتشاهدون اليوم المئات من الشباب يجلس على المقاهي لِمُشاهدة مُباراة كرة القدم، وتراهم يصرخون، ويصيحون، ولو سألتهم عن ما هي أركان الصلاة؟؛ فتراهم لا يعرفون شيئاً!؛؛ وكذلك لو سألتهم عن فلسطين، وعن المسجد الأقصى المبارك الأسير فلا علم لهم، إلا من رحم الله!!؛؛ ونحن العرب، والمسلمين تطورنا اليوم في كثافة استيراد، ومن ثم شراء، واستعمال أدوات، ومساحيق الِدهَان "التجميل"!؛ وأضعنا عليها الملايين، وأبدعنا في صُنع رقائق الشيبس، ولكننا لم نُحسن صناعة رقائق شرائح الحاسوب، إلا من رحم ربي؛؛ ونحن اليوم نشاهد نهضة أوروبا "القارة العجوز"، وذلك ليس بفضلٍ منهم، وكذلك الولايات المتحدة؛ بل لأنهم استطاعوا أن يستوعبوا، كل الطاقات الفذة العربية المسلمة من العلماء أصحاب العقول الجبارة، والاختراعات، والابداع!؛

في الوقت الذي قُمنا نحن بإذلالهم وتهميشهم!!.  واليوم إن أُمة اقرأ فلا تقرأ!!؛؛ ففي الوقت الذي ترى فيه الشاب الغربي يقرأ العديد من الكتب يومياً، ويبتكر، ويخترع، ويبرمج الحاسوب، ويصنع الألعاب، أما نحن فتجد أغلب شبابنا العربي المسلم يضيع وقته في اللعب عليها، وكأن الغرب صنع تلك الألعاب خصيصاً لتجهيل شبابنا مثل لعبة "ببجي" PUBG"، لتصبح عقولهم مستأجرة، ومغيبة، ومشلولة عن التفكير! وأما لو تكلمنا عن البحث العلمي العربي، والإسلامي،

فالحقيقة مُرة، ومريرة، مراراً مريراً، وشراً مُستطيرا!؛ ففي الوقت الذي ينفق فيه الأعداء الملايين، والمليارات علي البحث العلمي، ويبحثون حتي في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ويعلمون جيوشهم فنون القتال من خلال انتصارات المسلمين في الزمن المنصرم، وكيفية قيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه لجيش المُسلمين في الحروب، والذي لم يهزم في معركة قَط؛ وتراهم ينفقون الملايين على البحث العلمي الطبي، وخاصة اليوم لاكتشاف علاج لفايروس كورونا المستجد؛؛ وأما نحن نكون بقوائم من ينتظر دورهُ لشراء العلاج لندفع الملايين، ومليارات الدولار لشراء اللقاح!؛ وكذلك  الحال في الانفاق لشراء السلاح!!؛؛

ونحن مشغولين بمتابعة مباراة السوبر لكرة القدم بفارغ الصبر، وكأننا نحضر لمعركة حربية، ولخطط قتالية لتحرير الأقصى، وفلسطين من براثن الغاصبين المحتلين!!؛؛ وفي الوقت الذي نمتلك فيه نحن العرب والمسلمين مخزون كبير وألوف مؤلفة من البحوث ورسائل الماجستير، والدكتوراه القيمة، ولكنها توضع للزينة على رفوف المكتبات حتي تعلُوها الغبرة، والتُراب وتصبح في طي التجاهل، والتغافل والنسيان!!  لقد صنع الغرب الحاسوب المحمول، والهاتف الجوال المحمول، وأصبح ثمن بعض الهواتف النقالة يُباع للعرب، والمسلمين بأكثر من ألف دولار، وسعره أغلي من براميل النفط، بينما صناعته لا تكلفهم عشرين دولاراً،

ونحن لا نزال في غفلة، ونستخدم الهاتف المصنوع في دول الغرب، والشرق للاستماع، والاستمتاع بسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام الهابطة، ونضع من قدر المعلم، والعالم!!؛؛ ولذلك لن تقوم للأُمة قائمة إلا إن رفعنا مقام المُعلم، ومربي الأجيال وراتبهُ، وجعلناه بِمقام مثل الوزير، والأمير، وأنزلناهم منازلهم، وزاد الاهتمام بالعلم، والعلماء، والانفاق علي البحث العلمي، وقمنا بالتطوير المستمر للمناهج التعليمية، مع مواءمة النظرية مع التطبيق والتنمية المستدامة وفوق كل ذلك إكرام المعلمين..

كلمات دلالية

اخر الأخبار