فرص الوفاق الدولي

تابعنا على:   17:20 2021-01-27

مفتاح شعيب

أمد/ ما زالت القناعة قائمة بأن رحيل دونالد ترامب عن البيت الأبيض وتسلّم جو بايدن القيادة الأمريكية حدث فارق تشكّل في ظروف استثنائية، وكان موضع رهانات بالنظر إلى ما شهدته السنوات السابقة من تقلبات عنيفة بسبب سياسات حافة الهاوية التي انتهجتها القوى المتنافسة، وأساساً الولايات المتحدة وروسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي.

الأسبوع الأول لإدارة بايدن في السلطة يسمح بالاستنتاج بأن العالم تغير، ولم يعد بالإمكان حرف مساره. كما لن تستطيع أي قوة، مهما عظمت، أن تلعب منفردة، أو تحتكر، دون سواها، دفة القيادة. وهذه الحقيقة الواقعية تسمح أيضاً بالاستنباط أن إدارة بايدن لن تكون نسخة متحورة عن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، بل ربما تكون، في تعاطيها مع قضايا عدة، مضطرة لكي تكون أقرب إلى سياسة ترامب، ليس حباً فيه، وإنما استجابة لضرورات التطورات الشاملة التي تتوالى من يوم إلى آخر باتجاه وضع جديد يتطلب كثيراً من الواقعية والتروي وعدم الانجراف وراء المغامرات غير المحسوبة.

الرئيس الصيني شي جين بينج، اتخذ من افتتاح منتدى دافوس منصة للتحذير من حرب باردة جديدة ستفضي بالجميع إلى طريق مسدود. والحرب التي يقصدها جين بينج ستكون بلاده أحد قطبيها في مواجهة الولايات المتحدة، بينما ستصطف دول عدة متعددة الأحجام حول هذا الطرف، وذاك. وكل القراءات والبيانات تشير إلى أن هذا الوضع هو حال العالم اليوم. وما يتحدث عنه البعض همساً وإيحاء، كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس جريئاً في التصريح به من دون لغة دبلوماسية، فقد أعرب عن مخاوفه من انقسام العالم إلى شطرين مع بروز قوتين اقتصاديتين عظميين سائدتين في منطقتين لكل منهما عملة مهيمنة وقواعد تجارية ومالية، وشبكة إنترنت واستراتيجيات جيوسياسية وعسكرية خاصة بكل منهما. وينسجم تشخيص جوتيريس مع كل القراءات التي تقول إن المجتمع الدولي لم يعد موحداً، وإن استفحال هذا الأمر سيقود إلى نتائج مدمرة على المدى البعيد. وإزاء هذا الوضع ربما لن يفي مصطلح «الحرب الباردة» بالغرض، ولن يعبّر عن خطورة هذه اللحظة بالنظر إلى أن المقومات والشواهد الراهنة تختلف عما كان يدور أثناء الصراع بين واشنطن وموسكو منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991. ففي تلك الفترة كان الصراع أيديولوجياً بالأساس، بين شيوعية مثالية ورأسمالية ماكرة. أما اليوم فإن ميدان المنافسة اقتصادي بالدرجة الأولى، وهو ما يؤكد خطورة الصراع واحتمال انزلاقه إلى المواجهات العسكرية عند أول تقاطع للمصالح حول الثروات والأسواق ومناطق النفوذ.

وفي مواجهة الصين، قالت الإدارة الأمريكية الجديدة إنها ستتعامل بصبر، كما ستسعى إلى التفاهم مع روسيا حول الأسلحة النووية والصواريخ العابرة، مع التسليم بأن العلاقات الدولية بلغت درجة حادة من التأزم والخلافات. والانقسام الذي يتحدث عنه الجميع يسيطر على العالم، ويضرب وحدة الدول أيضاً، والولايات المتحدة أفضل نموذج. والحل يكمن في البحث الجاد عن فرص للوفاق الدولي لتجاوز هذا الوضع وإنقاذ الإنسانية من الهلاك.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار