الرئيس عباس..خطاب النشوة السياسية وانتخابات بمن حضر!

تابعنا على:   08:29 2021-01-27

أمد/ كتب حسن عصفور/ على أنغام أول احتجاجات شعبية – نقابية رفضا لـ "مجزرة قرارات القضاء" في رام الله، قادتها نقابة المحامين الفلسطينيين، التي مثلت رأس حربة لمواجهة المجزرة، ألقى الرئيس محمود عباس خطاب أمام "ثوري فتح"، تناول المشهد السياسي، تناول جملة من القضايا التي تستحق التفكير العميق، وتجاهل القضايا الأهم التي تشعل الساحة السياسية.

الخطاب العباسي الأخير، كشف كم أنه "متشوق جدا" لإجراء الانتخابات بكل أشكالها، بعد غياب طويل لا يليق بـ "بلد حضاري" كفلسطين، منتظرا اتفاق القاهرة الفصائلي، الذي سيكون وفق مخرجات "اتفاق إسطنبول" سبتمبر 2020، وهو مسبقا يضع إطار اللقاء لتفاهم "الثنائية السياسية" بين فتح وحماس، دون اعتبار لرأي القوى غير المشاركة، ولما قرره منفردا.

بالطاب الأخير فتح الرئيس عباس أول "بازار سياسي" للانتخابات المقبلة، أن تكون ضمن "وحدة وطنية" فلا مانع له، وأن تكون ضمن "قائمة وطنية" فلا مانع، دون تدقيق في الفارق بين هذه وتلك، ويكمل البازار بالمشاركة في الانتخابات، من يريد المشاركة أهلا وسهلا، ومن لا يريد أهلا وسهلا، حيث أصحبت وفقا لما قال وكأنها انتخابات "بمن حضر".

والحق، أنها "لغة جديدة" جدا على المشهد الفلسطيني، تكشف خفة نادرة بكل مكونات الحركة الوطنية، وكأن الأمر وفقا لـ "مزاج سي السيد السياسي"، تريدون أهلا بكم، لا تريدون فإلى جهنم... فالمسيرة ذاهبة الى نهايتها وفقا لما يراه لا غيره.

خطاب الرئيس عباس في يوم 26 يناير 2021، قد يصبح وثيقة خاصة لمدى الافتراق الفكري عن مفهوم التوافق الوطني العام، وترسيخه مفهوم "السوق السياسي"، وكأننا أمام بضاعة يتم الترويج لها، وليس امام استحقاق يريد إعادة بناء الكيانية الوطنية الفلسطينية.

منطق الخطاب يعكس احساس الرئيس عباس بـ "نشوة انتصارية" عامة على خصومه السياسيين، تكمن من فرض منطقه وقراراته القضائية ومراسميه الانتخابية، ويرى أن الضوضاء التي أثيرت عبر بيانات متنافرة رافضة لها، لم تنل منها ولن تجبره على التراجع عنها، وأنه ماض في مساره وفقا لما خطط له، على قاعدة المراسيم الملتبسة جدا.

رسائل الرئيس عباس في خطاب "السوق السياسي"، أن كل ما حدث لا قيمة له ولن يكون، منطق يستند الى مبدأ، اصرخوا كما شئتم رفضا، لكن الأمر قد انتهى، ولا تراجع عنها، فإن أعجبتكم "لا مانع"، وإن لم تعجبكم "لا مانع"، فما سيكون هو ما تم إقراره.

مظهر الخطاب يشير الى أن الرئيس عباس حريص على اجراء الانتخابات، لكن جوهره وترجمة لغته تقول أن الانتخابات ليست قائمة، ولكنه يبحث عن "ذرائعية" تمنحه تبريرا سياسيا رسميا للتوقف عنها، بعد أن ضمن المسألة الجوهرية، بتجديد شرعيته المهتزة منذ زمن، من خلال تعديل القانون الخاص بمنصب الرئيس، ونشره رسميا، وموافقة غالبية الفصائل على ذلك التعديل، خاصة حركة حماس، بصفتها المعارض الأكبر.

عدم اهتمام الرئيس عباس، بأي من الملاحظات العامة، حول قرارات القضاء والمراسيم الانتخابية، والتجاهل الكلي لها في الخطاب، هي الإشارة التي لا يجوز أن تمر مرورا عابرا كونها تحدد الإطار القادم لأي انتخابات يريد.

الاستخفاف بالرفض الشعبي – الحزبي لما أصدره يعكس "ثقة شخصية" مفاجئة، يبدو أنها تستند على عناصر غير فلسطينية، كون المشهد العام متعاكس تماما مع كل ما أعلنه، ولا يقتصر أمر الرفض على فصائل، بل طال جزءا من قيادات مركزية في حركة فتح (م7)، التي يرأسها الرئيس عباس، الى جانب نقابة المحامين، ومؤسسات حقوقية ومدنية، وعمليا لا يوجد من هو مع "قرارات الرئيس ومراسميه" سوى فتح ناقص جزء منها.

تحدي الرئيس للغالبية الشعبية – السياسية، وبتلك الصورة المستخفة، لا يمكن ان يمثل "رسالة طمأنة" لمن يبحث عنهم في "شراكة السوق السياسي" عبر خطاب نصر واهم لبضاعة انتخابية فاسدة قانونا.

ملاحظة: كلمة مندوب أمريكا في مجلس الأمن حول المسألة الفلسطينية تمثل حالة "انتعاش سياسي مؤقت"... اقوال ملفتة ولكن طولوا بالكم وبلاش "صربعة" لنشوف آخرتها وصدقها...ما تنوسوا أن أمريكا رأس الحية!

تنويه خاص: كم هو محزن أن تمر ذكرى رحيل د. جورج حبش دون ان يقف الإعلام الرسمي أمامها...أبو ميساء أحد أبرز مكونات الثورة والقضية، اسم سيبقى لامعا الى الأبد..شاء من شاء واللي مش عاجبه في ستين ألف داهية!

اخر الأخبار