تعديلات الرئيس عباس "القانونية" تربك المشهد الانتخابي...!

تابعنا على:   08:30 2021-01-14

أمد/ كتب حسن عصفور/ بشكل مفاجئ وبخط متوازي، أقدم الرئيس محمود عباس على القيام بـ"رزمة تعديلات" لقوانين تتعلق بالسلطة القضائية، بما يمس جوهر استقلالها، وأصبحت كأنها ملحق لمكتب الرئيس، ما اثار غضبا قانونيا عاما، وصمت حزبي مريب، مستثنى حزب الشعب دون سواه، من أعلى صوته رفضا لتلك "المجزرة القانونية".

ولكن، التعديل الذي توازي مع تلك القرارات القانونية، والذي سيأخذ مجالا للنقاش الوطني، ما حدث على قانون الانتخابات، وبالتحديد الخاص بتغيير مسمى رئيس السلطة الى رئيس دولة، وبلا شك ما حدث ليس "تعديلا ثانويا – هامشيا"، او لغويا كما قد تراه بعض الأطراف، لكنه تغيير جوهري كونه يمس الحقيقة السياسية للكيان القائم.

تعديل منصب رئيس السلطة الى رئيس دولة، هو نص يلغي كليا تعبير "السلطة القائمة" نحو دولة فلسطين، لتصبح الوريث الشرعي للكيانية الفلسطينية القائمة منذ مايو 1994، وبذا تنتهي تعاملات وتبدأ رحلة جديدة مع واقع سياسي جديد.

والتعديل "القانوني" الذي أعلنه الرئيس بخصوص المنصب الرئاسي، رغم أنه ليس مكتمل الأركان الدستورية، فهو يحتاج مصادقة جهة تشريعية – دستورية ما لإكمال بعده الشرعي، ولكن مع "غياب تلك الهيئات"، يصبح تناول الأمر ممكنا، الى حين ان يحدث جديدا، رفضا سياسيا من قوى، او قبولا به.

من الناحية السياسية، يعتبر التعديل قفزة كبيرة نحو "فك ارتباط" ببعض ملامح الفترة الانتقالية التي طال أمدها كثيرا، وهي أول خطوة يمكن قياسها لكسر قيودها، وفتح الباب نحو وضع سياسي – قانوني جديد، بعد أن بات هناك رئيس دولة فلسطين ليس كما كان ما قبل 13 يناير 2021 الى جانب رئيس السلطة، بل انتهى التعبير كليا من المخاطبة الرسمية لصفة الرئيس منصبا ومعلما.

ومع أهمية الخطوة، لكن هناك بعض ما يستحق التفكير قبل التحليق بفرحة التعديل، والتي بدونها يصبح الأمر "يحمل شبهة ما" لتمرير بعض قواعد الحكم الفردي، أو فرض واقع جديد على مسار الانتخابات التي يتم الإعداد لها.

الخطوة الأولى التي يجب أن تترافق، رغم أنها كان يجب أن تسبق، هو إعلان دولة فلسطين ذاتها، فكي يكون لها رئيسا يجب أن تكون قائمة، بمعنى كان يجب أن يترافق التعديل في القانون الأساسي، الدستور المؤقت، تعديل كل ما يتصل بالسلطة الفلسطينية، ليصبح الأمر متكامل الأركان.

لا يمكن الحديث عن رئيس لدولة على كيان سلطة هو أقل مكانة دستورية، ولذا لا يمكن الحديث عن صواب الخطة بوجود رأس للكيان في غياب الكيان ذاته، أو على حالة كيانية اقل قيمة قانونية، فهنا ليس ارباكا فحسب بل تناقضا لا يحمل تغييرا إيجابيا.

ومع أن الرئيس عباس لم يقم وزنا لكل المؤسسات والقوى السياسية بتمرير "تعديل جوهري" بتلك الطريقة السرية، لكن السؤال، لماذا توقف الأمر عند المنصب وليس الكيان، هل هي "مناورة مسبقة" لخلق سلطة رئيس فوق أي جسم تمثيلي يمكن انتخابه لسلطة أقل من دولة.

هل انتخاب التشريعي القادم، قبل انتخابات الرئيس يعني أن سلطته ليست كما كانت في الفترة الماضية، ومن بين ما يثير النقاش، أنه لا يحق لرئيس التشريعي أن يكون رئيسا مؤقتا في حال شغور منصب الرئيس، كونه أقل قيمة دستورية من المنصب.

وبالنسبة للجسم الانتخابي، وفقا للمنصب الجديد، ما هو الجسم الذي يحق له انتخاب الرئيس، هل هو ذاته الخاص بالتشريعي، أي في حدود الضفة الغربية، والقدس وقطاع غزة (بعيدا عن الترتيبات الخاصة بالعاصمة الأبدية)، ما يعني أن فلسطين دولة لمواطنيها فقط، وليست دولة الشعب الفلسطيني، فيما لو أن تم الحديث عن "دولة الفلسطينيين" فالانتخابات تحتاج قانونا مختلفا تماما عما هو قائم، بحيث يتلاءم الواقع القانوني مع الجسم الانتخابي لكل الفلسطينيين في العالم.

وسؤال قد يكون ثانوي، هل الحكومة القائمة ستتواصل كحكومة سلطة تنفيذية، ام يجب تصويب واقعها لتصبح "حكومة الدولة" بصفتها أيضا حكومة الرئيس...ولو أصبحت للدولة كيف ستتعامل مع قطاع غزة وحكومة حماس...

الأمر به الكثير من تفاصيل وأسئلة لا يمكن لها أن تمر مرور التعديل السري، خارج كل مؤسسة دستورية...

ما حدث من قرار بحكم القانون، أوجد رئيس دون أن يعلن الدولة، وتلك معادلة شاذة بكل المقاييس، تحتاج تصويبا أو تراجعا الى حين...

ملاحظة: ما يحدث في أمريكا هزة سياسية بكل المقاييس...هزة لن تعيد أمريكا لما كانت عليه رغم أمنيات المعجبين...أمريكا تتغير والعالم سيتغير وبالتأكيد نحو الأفضل إنسانيا قبل أن يكون غيره!

تنويه خاص: في ذكرى الغياب لشهداء الثورة الكبار، القائد الحاضر حيث حضور الشعب أبو إياد صلاح خلف...شكل مع الخالد المؤسس "ثنائي سياسي قيادي فريد"...أبو الهول مسؤول الأمن الذي كان انسانا قريبا لكل من عرفه...ابو محمد العمري من كان قياديا كثيرون لا يعرفون قيمته...

لروح الثلاثي سلاما ولا غياب لكم رغم الغياب!

اخر الأخبار