للمرة الأولى منذ 31 عام.. بتسيلم تصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري

تابعنا على:   18:05 2021-01-12

أمد/ لندن: قالت صحيفة “الغارديان” إن منظمة حقوق إنسان نشرت تقريرا قالت فيه إن إسرائيل ليس ديمقراطية بل دولة تمييز عنصري.

وفي تقرير أعده أوليفر هولمز، قال إن التقرير الصادر عن منظمة بتسيلم الإسرائيلية سيثير الكثير من الجدل، ورفضته السفارة الإسرائيلية في لندن، واعتبرت ما ورد فيه مزاعم كاذبة.

وجاء في التقرير: “واحد من المبادئ المنظمة في قلب السياسات الإسرائيلية: هو الحفاظ على تفوق جماعة واحدة- اليهود على حساب الفلسطينيين”.

وقال المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في لندن أوحاد زيميت، إن التقرير هو “أداة دعاية”. و”ترفض إسرائيل المزاعم الكاذبة فيما يطلق عليه التقرير والذي لا يقوم على الحقيقة ولكن مواقف أيديولوجية مشوهة”.

وقال مدير بتسليم هاغية إلعاد: “اسرائيل ليست ديمقراطية لديها احتلال مؤقت مرتبط بها”، بل “هي نظام واحد بين نهر الأردن والبحر المتوسط، وعلينا النظر للصورة الأوسع ونرى أنه: أبارتهايد”.

وتضم هذه المناطق الضفة الغربية والقدس الشرقية التي سيطرت عليها بعد حرب 1967 وقطاع غزة الذي احتلته حتى عام 2005.

وترى الصحيفة أن التحول في المفهوم نحو التمييز العنصري هو جزء من حركة يقودها ناشطون واكتسبت زخما بعد تهديدات إسرائيل بضم مناطق واسعة من الضفة الغربية، مما أثبت أن الاحتلال ليس مؤقتا بل دائما. بالإضافة للقوانين الأخيرة التي جسدت حقوق اليهود على حساب العرب داخل إسرائيل. ونشرت منظمة يهودية أخرى “ييش دين” ورقة في الصيف الماضي، قالت فيها إن نظام التمييز العنصري حاضر في الضفة الغربية.

لكن “بتسيلم” ذهبت أبعد في تقريرها، وقالت إن إسرائيل خلقت نظاما في كل المناطق يتمتع فيه المواطنون اليهود بالحقوق الكاملة، وفي الوقت نفسه تم تقسيم الفلسطينيين إلى أربع فئات كل منها يتمتع بمجموعة من الحقوق بناء على المكان الذي يعيشون فيه، ولكنهم دائما في المرتبة الثانية بعد اليهود.

وفي أدنى المرتبة، مليونا فلسطيني يعيشون في قطاع غزة الذي فرضت عليه إسرائيل حصارا فيما تصفه بتسيلم “سيطرة فعلية”. ويأتي فوقهم سكان الضفة الغربية البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة تقريبا والذين يعيشون ضمن عدة جيوب غير متواصلة في ظل نظام عسكري صارم وبدون حريات سياسية.

وبناء على اتفاقيات أوسلو في التسعينات من القرن الماضي فالسلطة الوطنية تتمتع بالحكم الذاتي، إلا أن تقرير المنظمة الإسرائيلية يرى أنها تابعة لإسرائيل ولديها سلطات محدودة وبموافقة إسرائيلية. وبعد ذلك يأتي سكان القدس الشرقية البالغ عددهم 350.000 نسمة الذين عرضت عليهم المواطنة الإسرائيلية ورفضها الكثيرون منهم، ومن حاول منهم رفضت طلباتهم.

وتقول المنظمة إن في أعلى الهيكل تأتي فئة الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل أو “عرب إسرائيل” ويتمتعون بالمواطنة الكاملة، ويشكلون خُمس سكان إسرائيل. ومع ذلك تقول بتسيلم إنهم يظلون في المرتبة الثانية بعد اليهود.

وأشار التقرير إلى القوانين التي تميز في امتلاك الأراضي وتلك التي تفضل المهاجرين اليهود، والقوانين التي تمنح اليهود حقوقا سياسية إضافية. وردّ زيميت قائلا إن كل مواطني إسرائيل متساوون في الحقوق، والعرب ممثلون في كل فروع الحكومة، البرلمان والمحاكم، بما في ذلك المحكمة العليا والخدمة العامة والسلك الدبلوماسي حيث يمثلون دولة إسرائيل في أنحاء العالم.

وفي عام 2017، كانت مفوضية الأمم المتحدة لغرب آسيا أول فرع في المنظمة الدولية يتهم إسرائيل بالفصل العنصري بناء على القانون الدولي، وهو تحرك وصفه وزير الخارجية الإسرائيلي السابق بأنه مثل الدعاية النازية. وفي العام الماضي عندما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيضم أجزاء من الضفة الغربية، حذر 47 خبيرا من أن هذا سيكون “بلورةً لواقع ظالم، شعبان يعيشان في نفس المكان وتحكمهم نفس الدولة وبحقوق غير متساوية… هذه رؤية أبارتهايد في القرن الحادي والعشرين”.

وناقش مدير منظمة بتسيلم، في مقال نشرته صحيفة “الغارديان” أن منح اليهود التفوق على الفلسطينيين غير أخلاقي ويجب وقفه. وتحت عنوان: “نحن أكبر منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل ونسمي هذا أبارتهايد”.

وجاء في المقال: “لا يستطيع أحد العيش في إسرائيل- فلسطين بدون الإحساس أن هذا المكان هُندس بشكل مستمر لتفضيل شعب واحد فقط: الشعب اليهودي. مع أن نصف من يعيشون ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط هم فلسطينيون. والهوّة بين من يعيشون هذه الوقائع تملأ الجو وتنزف في كل مكان على هذه الأرض”.

ويقول إنه لا يشير إلى التصريحات الرسمية التي تؤكد هذا، فهي كثيرة، مثل قول نتنياهو عام 2019: “إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها” أو قانون “الدولة القومية” الذي يجسد “تطوير المستوطنات كقيمة قومية”.

ويضيف: “ما أحاول فعله هو النظر والحصول على شعور عميق عن شعب مقبول وغير مقبول، وفهم لبلدي الذي تعرضت له منذ ولادتي في حيفا. وأصبح الآن إدراكا لم يعد أحد يستطيع تجبنه”.

ويتابع: “رغم وجود تكافؤ وتساو ديمغرافي بين الشعبين اللذين يعيشان هنا، إلا أن الحياة تدار بحيث تجعل نصفا يتمتع بغالبية القوة السياسية ومصادر الأرض والحقوق والحرية والحمايات. وأنت بحاجة لعمل كبير لكي تحافظ على مستوى الحرمان هذا للنصف الآخر، علاوة على تسويق الوضع وكأنه ديمقراطية داخل الخط الأحضر أو حدود الهدنة عام 1949، باحتلال مؤقت مرتبط بها. وفي الحقيقة فإن القوانين التي تنفذها الحكومة تشمل كل شخص وكل شيء ما بين النهر والبحر، وتتبع نفس المبدأ الذي تسيطر عليه، وهو العمل على تأكيد تفوق جماعة واحدة وفقط وهي اليهود وحرمان الجماعة الأخرى وهي الفلسطينيين. وهذا هو الأبارتهايد بعينه”.

ويؤكد مدير المنظمة الإسرائيلية أنه “لا توجد بوصة في المناطق تسيطر عليها إسرائيل، يتمتع فيها الفلسطينيون واليهود بحقوق متساوية”. فالمواطنون من الدرجة الأولى هم اليهود و”نحن نتمتع بهذا الوضع داخل خطوط 1967 وخارجها، في الضفة الغربية”. أما الفلسطينيون فهم يقسّمون إلى أوضاع مختلفة، وكلها تعطيهم وضعا أقل من اليهود.

وعلى خلاف التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، فالأبارتهايد الإسرائيلي هو النسخة الثانية، فأنت لا ترى علامات “للبيض فقط” على المقاعد، ففي إسرائيل تعتبر “حماية الطابع اليهودي” للمجتمع أو الدولة هي تعبير ملطف لإخفاء الحقيقة، مع أن الجوهر نفسه. ولا يقوم التمييز الإسرائيلي على اللون ولكن التفوق الذي تجب هزيمته. وحتى تمرير قانون الدولة القومية، بدا وكأن إسرائيل تعلمت من دروس جنوب أفريقيا، لتجنب التصريحات والقوانين، لأنها تؤدي إلى أحكام أخلاقية وتداعيات.

وقال: “نقوم بهندسة ديمغرافية للسكان من خلال زيادة عدد اليهود وتخفيض عدد الفلسطينيين، ونسمح للهجرة اليهودية والمواطنة الإسرائيلية في أي مكان تسيطر عليه إسرائيل. ويحدث العكس بالنسبة للفلسطينيين: فهم لا يستطيعون الحصول على حق المواطنة في أي مكان تسيطر عليه اسرائيل حتى لو كانت عائلتهم من هنا”. ويضيف: “نقوم بهندسة القوة عبر تخصيص أو حرمان الحقوق السياسية. وكل اليهود لهم حق التصويت (كل اليهود لهم حق الحصول على المواطنة) ولكن عدد الفلسطينيين الذي يتمتعون بالمواطنة هو أقل من الربع.

و”في 23 آذار/ مارس سيصوت الإسرائيليون للمرة الرابعة في عامين. وسيكون احتفالا بالديمقراطية كما توصف الانتخابات عادة. بل ستكون يوما آخر سيراقب فيه الفلسطينيون المحرمون غيرهم يقررون مستقبلهم”. و”نقوم بهندسة السيطرة على الأرض من خلال مصادرة مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين ونحرمهم من تطويرها أو نستخدمها لبناء المدن اليهودية والأحياء والمستوطنات في داخل الخط الأخضر. ونقوم بعمل هذا من تأسيس الدولة عام 1948″.

ويقول: “في القدس الشرقية والضفة الغربية، فنحن نفعل هذا منذ الاحتلال عام 1967. والنتيجة هي مواجهة الفلسطينيين من النهر إلى البحر واقع الهدم والتشريد والفقر والازدحام، فيما يتم تخصيص الأراضي لمشاريع تطوير يهودية جديدة”. ويؤكد: “نقوم بهندسة أو تقييد حركة الفلسطينيين. وتعتمد الغالبية ممن ليسوا مواطنين أو مقيمين على التصاريح وحواجز التفتيش للسفر من منطقة أخرى وكذا السفر للخارج. وبالنسبة للمليونين في غزة فقيود السفر مشددة، وهذا ليس بانتوستان، لأن إسرائيل جعلته أكبر سجن مفتوح على وجه الأرض”.

 ويرى إلعاد أن حيفا حيث وُلد كانت مدينة ثنائية القومية قبل النكبة، وبعد 73 عاما أصبحت إسرائيل دولة ثنائية القومية بتكافؤ ديمغرافي. ويقول إنه وُلد في حيفا ويريد العيش فيها، ولكنه يريد مستقبلا مختلفا. ووصف الأمور بأسمائها- أبارتهايد- ليس لحظة يأس بل هي لحظة وضوح، خطوة في الطريق الطويل ملهمة بالأمل.

اخر الأخبار