جيش العراق عروبي قومي وطني .. وسند للأمة

تابعنا على:   15:19 2021-01-07

عبدالحميد الهمشري

أمد/ العراق بلد عربي محوري ، ذو شأن إقليمي استراتيجي ، فهو البوابة الشرقية للوطن العربي قبالة إيران والشمالية قبالة تركيا ، ويعتبر خط الدفاع الأول في وجه الأطماع الفارسية والتركية ، وخط الدفاع الثاني من الجهة الغربية ضد العدو الصهيوني ، وما أهله لذلك امتلاكه لجيش وطني قومي إقليمي ، يملك كفاءات عسكرية عالية ذات تسليح جيد وتدريب رفيع المستوى ، أثبت كفاءته في مختلف الحروب التي خاضها سواء ضد إيران أو العدو الصهيوني الدول التي طلبت الغوث لمساندتها ضد اعتداءات تتعرض لها ولا طاقة لها بصدها فكان خير المعين لها والمفرج عنها.

تعطل دوره الذي كان فيه سنداً وعوناً لكل العرب وضد جل الأطماع المحدقة والمحيطة بهم من كل جانب ، قدم تضحيات جسام في فلسطين وسوريا وساند موريتانيا من خطر هجومي كانت تتعرض له على حدودها الجنوبية ما مكنها من درء ذلك الخطر ، و قدم عونًاً لليمن  مكنها من الحفاظ على وحدتها التي  تواجه الآن خطر البعثرة والتقسيم ..

في ذكرى تأسيسه المئوية التي  تصادف سنوياً يوم السادس من كانون الثاني (يناير) نود التذكير بأنه أنشئ من كبار ضباط كان لهم باع طويل في الجيش العثماني ،  حيث جرى الاهتمام ببناء جيش  ذي مهنية عالية ، حرصوا على أن يتشكل هذا الجيش من مختلف مكونات الشعب العراقي وهذا كان وراء استمراره بقوة وثبات حتى حله بريمر الحاكم العسكري للعراق في العام 2003، هذا الجيش تمكن منذ بدء تكوينه  الدفاع عن ارض وحدود العراق من العابثين الذي يغردون خارج السرب العراق ويتآمرون مع أعداء وطنهم الطامعين به يشاركون في نهب ثرواته لصالحهم ولصالح أمريكا وإيران والعدو الصهيوني ، وبهذا كانت مؤسسته العسكرية وقادتها أحد أركان الحركة الوطنية العراقية  لم يغفلوا لحظة واحدة عن الفاسدين ، ففي العام 1941 قاد الجيش العراقي ودعم وبقوة ثورة وطنية قادها رشيد علي الكيلاني في العراق ، كان هذا الجيش المقدام عمادها وداعمها.

 ما حدا  بالقوات العسكرية البريطانية مهاجمة العراق والتعرض لثوار الجيش حيث تمكنت وبعد معارك طاحنة معه من الانقضاض على الثورة ودحرها ومن احتلال العاصمة بغداد ، حيث جرى الانتقام من الجيش بإعدام قادته الذين دعموا الثورة وساهموا فيها وتعليق جثثهم على مدخل وزارة الدفاع ، ما أثار غضب العراقيين وزاد حقدهم على من فعلوا ذلك البريطانيين والوصي  على العرش ونوري السعيد حيث انتقمت من الأخيرين الجماهير العراقية  الحاقدة عليهما ، جراء ما صنعاه بقادة  الجيش في العام 1942  على أثر نجاح ثورة 14 تموز (يوليو) 1958 ، حيث علقا  جثتيهما بعد مقتلهما على باب وزارة الدفاع قبل سحلهما في الشوارع ، وللعلم حاولت الإدارة البريطانية أن تفعل ما فعله بريمر شيخ إيران و ذيولها وذيول أمريكا والعدو الصهيوني في العراق الذين قدموا للعراق مع المحتلين وباركوا لهم احتلالهم وأشاروا عليه بحل الجيش العراقي الذي حله ليس كما أوحى لهم أن ذلك يتم بناء على رغباتهم ، بل بناء على قرار اتخذ مسبقاً من قبل إدارة البوشين الأب والإبن اليمينية الحاقدة  إرضاء للوبي الصهيوني وحكومة اليمين الصهيونية المتطرفة في تل أبيب، نتيجة للدور الذي لعبه الجيش العراقي الذي شارك في كل الحروب العربية ضد العدو الصهيوني مغتصب الأرض الفلسطينية  في الأعوام 1948 و1967 و1973، وكان فعله شديد الوطأة على العصابات الصهيونية في العام 1948.

لكنه لم يكن يملك قرار حسم المعركة مع هذا العدو حيث كان على وشك دخول مدينة حيفا بقيادة عمر علي ، إلا أن القيادة السياسية في العراق لم تمنحه هذا الحق ، وعومت الأمور حتى جرى سحبه للعراق الذي ظل مقيماً في شمال الضفة الغربية وحافظ عليها ولم يمكن اليهود منهما ،  جنين التي شهدت معركة شديدة الوطأة على اليهود ولا يزال شهداء الجيش العراقي في جنين الشاهد الحي على صنيعهم الذي أرعب اليهود باعتراف عصاباتهم وكانوا كذلك في طولكرم حتى كفر قاسم ، كما شارك سلاح جوه بغارات جوية في العمق الصهيوني عام 1967 ،  وكذا الحال في حرب تشرين الأول  1973 رغم عدم علم القيادة العراقية بموعد الحرب فإنه وباعتراف قادة العدو صد هجوم الجيش الصهيوني الذي كان يستهدف احتلال العاصمة السورية دمشق التي كانت تبعد قواته عنها حين وصل الجيش العراقي لأرض المعركة مسافة  8 كيلو مترات فقط.

 وقد دحرها بعد أن ألحق بها خسائر فادحة وبوقت قياسي أرغمته على التراجع  ، فارتدت قوات العدو على أعقابها لمسافة كبيرة عنها ولو ترك له حرية إكمال المعركة لحرر الجولان السوري من براثن المحتلين  ، حيث بدأ الجيش العراقي يتأهب لشن هجوم  مضاد على قوات العدو ، لكن أفسده قرار وقف أطلاق النار الذي قبلته سوريا بعد أن تركها قرار انور السادات بوقف القتال لوحدها في الساحة .كما أن العراق  شارك مصر في حرب 1973 بقوة جوية ساهمت منذ اليوم الأول للحرب في الضربة الجوية داخل سيناء بسربين من طائرات الهوكر هنتر البريطانية بطياريها العراقيين والتي كانت قد أرسلت الى مصر وبطلب منها قبل الحرب إلى جانب مشاركة  أسراب طائرات الميغ والسوخوي الروسية في المعارك على الجبهة السورية وبكثافة منذ اليوم الثاني للحرب.

الدولة العبرية ظلت تحسب ألف حساب للجيش العراقي حتى  جرى حله حيث أنها ومنذ العام 2003 تسرح وتمرح في الأجواء السورية والعراقية وحتى العربية كما يحلو لها  .

العبث الصهيوني في العراق ابتدأ بدعم الأكراد الذي تمردوا على الحكومة المركزية العراقية منذ الملكية واستمرت بعد ثورة تموز 1958  وحتى منحهم العراق حكماً ذاتيا في سبعينيات القرن الماضي حيث كان الموساد الصهيوني ومستشارين عسكريين يهود يقدمون كل دعم لهم حتى يطيلوا أمد القتال لإنهاك الجيش العراقي وهذا باعتراف قادة صهاينة شاركوا الأكراد تمردهم في العراق .

أما بالنسبة لإيران فقد خاض العراق حرباً دامت ثماني سنوات أبتدأتها إيران وذيولها وانتهت بهزيمتها في تلك الحرب وباعتراف خميني الذي أعلن أنه كان يفضل تناول السم على وقف إطلاق النار مقراً بهزيمة جيشه في هذه الحرب.

قرار إيران بوقف إطلاق النار تم بعد المعارك الضارية التي خاضها الجيش العراقي مع القوات الإيرانية فقدت فيها الكثير من قواتها وقدراتها القتالية والعسكرية في معركة تحرير الفاو، لم تعد معها لدى إيران الإمكانية للاستمرار فيها ، وقبول العراق بوقف إطلاق كان حصاد استبسال الجيش العراقي الذي أسكت صوتها من التغني بتصدير الثورة لإحكام سيطرتها على العراق والخليج العربي واليمن وسوريا ولبنان والتي بانت أهدافها للملأ أجمعين منذ اليوم الأول لاحتلال بغداد والعراق وحل جيش العراق.

ولم تتمكن من إعادة الكرة وتنفس الصعداء الا بعد اجتياح العراق وحل جيشه بمساعدة لوجستية وعسكرية إيرانية أنهت قتالا ً استمر ما يزيد على الأسبوعين في أم قصر ، ولم تتمكن القوات الغازية من علوج أمريكا وبريطانيا إلا بعد أن فتحت الجبهة الإيرانية بكاملها لدول التحالف مكنها من الوصول للمطار الذي استخدمت فيه أسلحة نيترونية محرمة دولياً.

بعد حل الجيش العراقي شكلت جيشاً لا يملك القدرة على الدفاع عن أمن العراق بعد أن سيطرت عليه مليشيات موالية لإيران .

فاتني أن أنوه إلى مساعدة الكيان الصهيوني العبري لإيران أثناء حربها مع العراق حيث كان يمدها بالأسلحة والمعدات وقطع غيار الطائرات العسكرية الإيرانية

فالجيش العراقي الذي شكل في العراق بعد حل جيشه الوطني وتدمير معسكراته وبيع معداته وأسلحته بالسكراب من قبل فاسدي العملية السياسية من عملاء إيران وأمريكا والعدو الصهيوني  ،  ليس امتداداً للجيش العراقي البطل صاحب الماضي الشامخ، بل  امتداد للعملية السياسية التي اعتمدتها أمريكا والعدو الصهيوني لتدمير العراق وهو يحتاج لسنوات طوال حتى يستطيع استرداد دوره ليكون سنداً للأمة في حال تسلم حكومة وطنية قومية على غرار القيادة الوطنية القومية التي جرى استهدافها واستهداف قادتها والتخلص منهم كونهم  كانوا يشكلون خطراً على مخططات أمريكا وبريطانيا والعدو الصهيوني الذي انطلقت نحوه 39 صاروخاً استهدفت تل الربيع ومراكزه العلمية .

ورغم هذا الوضع المأساوي فإن بشائر الأمل قادمة لإعادة الهيبة العراقية ببناء جيشها المقدام كما أرادته القيادة العراقية الممثلة بالقائدين الشهيدين صدام حسين وعزة إبراهيم ورفاق دربهما وقادة جيش العراق بكل تشكيلاته ومراتبه ليعود العراق سنداً للأمة من جديد وكما كان.

اخر الأخبار