المنبوذ!

تابعنا على:   08:50 2013-11-06

راجح الخوري

في النهاية ليس من منبوذ اكثر من ذلك المسكين المتعربط منذ اللحظة الاولى بالمهمة المستحيلة، التي يثبت كل يوم استحالتها الفعلية وهو الاخضر الابرهيمي .

لماذا ؟
لأسباب كثيرة، آخرها انه دخل الى سوريا قبل ايام بعد غياب عقابيّ استمر عشرة اشهر، وهو يعلن ان بشار الاسد كان شخصاً منبوذاً قبل الاتفاق على الكيميائي وتحوّل شريكاً وانه لم يسقط ولم تساوره الشكوك لجهة قدرته وما يحق له . هذا التصريح الذي حاول نفيه عبثاً، إعتبر محاولة استرضاء للاسد، الذي سبق له ان اهانه لمجرد انه فاتحه بقرار "جنيف -1" اي بموضوع الانتقال السياسي، ولهذا سارع "المجلس الوطني السوري" الى مطالبة الجامعة العربية باعفائه من مهمته، بينما اعتبر المراقبون في دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها انه هو المنبوذ، وخصوصاً بعدما رفضت السعودية استقباله، على رغم انه كان قد التقى الامير سعود الفيصل في باريس قبل ان يبدأ جولته .
رفع صفة النبذ عن الاسد فتحت للابرهيمي ابواب الترحيب في دمشق الى درجة ان صحيفة" البعث" أطرت عليه ووصفت زيارته بالايجابية، وخصوصاً لأنه تبنى كلام وليد المعلم من ان الجهود لعقد مؤتمر جنيف تركز على الافساح في المجال للسوريين انفسهم للاتفاق على حل.
وبعدما جاء الى بيروت يبدو انه ارتكب "المعاصي" في نظر دمشق، اولاً عندما قال ان المؤتمر لن يعقد اذا رفضت المعارضة المشاركة فيه، ومن المعروف انها ترفض المشاركة في وجود الاسد، وثانياً عندما قال انه لم يلمس اي معارضة "لفكرة" المؤتمر في اشارة الى السعودية، وثالثاً عندما اشار الى سعي لعقده في الاسابيع المقبلة وهو ما لا يناسب دمشق على ما يبدو !
قبل ان يغادر بيروت صبّت دمشق جام غضبها عليه. وزير الاعلام عمران الزعبي سارع الى انتقاده معتبراً انه "ليس لديه لغة واحدة، ففي سوريا يتحدث بمنطق وعندما يغادرها يتحدث بمنطق آخر"، وهو ما دفع صحيفة "الثورة" ليس الى انتقاد "تسرعه" لعقد المؤتمر فحسب، بل الى نشر افتتاحية عنوانها "الابرهيمي عين واحدة وألسن متعددة"، بمعنى انه "يسعى الى إرضاء جميع الاطراف على حد سواء متناسياً ان دوره كوسيط يستوجب منه الحياد وعدم الانحياز الى أحد"!
هذا كلام مضحك طبعاً لأن دمشق تريد من الابرهيمي ان يكون مساعداً لوليد المعلم ومبشراً أممياً بان الاسد ليس منبوذاً وان له دوره في مستقبل سوريا، وخصوصاً بعدما اعلن عزمه على خوض الانتخابات المقبلة. وبعدما كررت امس "ان نظام الاسد لن يذهب الى جنيف لتسليم السلطة او لتشكيل هيئة إنتقالية ومن يتصور غير ذلك سيكون موضع تهكّم"، لن أتردد لحظة في التساؤل : الى متى يبقى الابرهيمي منبوذاً وموضع تهكّم ؟

عن النهار اللبنانية

اخر الأخبار