اتهامات "حماس" لـ"المؤسسة الأمنية" بين ظلم وحقيقة!

تابعنا على:   08:09 2013-11-06

كتب حسن عصفور/ ليس جديدا الحديث عن قيام حركة "حماس" في فلسطين، باتهام الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بقيامها ملاحقة مناضليها ومطاردتهم بما يؤدي الى تعطيل العمل المقاوم ويخدم الاحتلال الاسرائيلي، فتلك الاتهامات قديمة منذ تأسيس الأجهزة الأمنية ومع نشوء السلطة الوطنية و"التنسيق الأمني" مع دولة اسرائيل، وتاريخ العلاقة المتضاربة دخل مراحل متباينة وفقا للظروف السياسية، فالصمت على افعالها أو ملاحقتها بـ"لطف" و"لين" ميزت المراحل الأولى لقيام السلطة بأمر مباشر من الزعيم الشهيد ابو عمار، الى أن حدثت الضربة الكبرى لحماس عام 1996 اثر اغتيال يحيى عياش وما نتج عنها من أعمال تفجيرية الحقت ضررا كبيرا بمكانة السلطة الوطنية ومهدت لفوز اليمين المتطرف بقيادة الفاشي بيبي نتنياهو، ما أدى عمليا لـ"اغتيال اتفاق أوسلو" كما رغبت اسرائيل وأطراف عدة اخرى!

وبعد قمة كمب ديفيد عام 2000 وفضح المخطط الأميركي – الاسرائيلي بعدم الرغبة بالتوصل الى "حل سياسي"، والتحضير العسكري للخلاص من السلطة الوطنية وزعيمها ابو عمار - كما كشف ذلك رئيش الشاباك الاسبق يعلون - بدأت السلطة الفلسطينية في وقف اي ملاحقة لحماس أو لحركة الجهاد، بل أنها أخذت باطلاق سراح المعتقلين في قطاع غزة، ومنهم المطلوب الأول للاحتلال آنذاك محمد الضيف،  الا أن حادثة مقر وقائي الضفة الغربية واعتقال اسرائيل لبعض انصار حماس من داخله عام 2002 ظلت عالقة بسواد في الذاكرة..

ولكن بشكل عام يمكن القول ان المطاردة الأمنية الفلسطينية لعناصر حماس والجهاد قد توقفت تقريبا، الى ان استشهد ابو عمار، ودخلت مرحلة جديدة كان الهدوء طابعها كون الادارة الأمريكية ودولة الاحتلال لم تعد تجد في حماس "خطرا" في تلك المرحلة التي شهدت بداية لتنفيذ رؤية امريكا في احضار تيار "الاسلام السياسي" للمشهد السياسي العام، بدأت في مصر بالضغط على الرئيس مبارك لمنح الجماعة الإخوانية فرصتها، وعقدت "الصفقة الكبرى" بين الجماعة و"امن الدولة" لتحديد عدد المقاعد التي ستخصص للجماعة في البرلمان القادم ومكانها، صفقة وقعها خيرت الشاطر ومحمد حبيب مع جهاز أمن الدولة المصري، وهي صفقة لم تعد سرية..وفي ذات التوقيت كانت واشنطن تمارس ضغطها الكبير على الرئيس محمود عباس لاجراء الانتخابات في ظروف انهاك السلطة ومؤسساتها وأزمتها المالية واشكاليات فتح التنظيمية، وهي تدرك ان حماس وافقت على المشاركة بالانتخابات بعد ان اعتبرتها "حرام" عام 1996، موافقة تتجاوب مع الرغبة الأميركية، لعبت تركيا وقطر دورا هاما في التأثير على قرار حماس للتجاوب والمشاركة، وكان لأمريكا ما ارادت ولكن بفوز أكثر مما توقعت بسبب "هرتلة فتح التنظيمية"..

وبعد الانقلاب الحمساوي وخطف القطاع عام 2007، عادت المطاردة الأمنية بقوة، وباتت الملاحقة لا تميز بين سياسي وامني، فاكل متهم تحت ستار العمل على تشكيل خلايا لنشر الفوضى..وصلت لاحقا لتجفيف مصادر حماس المالية..مرحلة شهدت كثيرا من الملاحقة ومعها كثيرا من الاتهامات..لكن المطاردة في هذه المرحلة لم تكن جزءا من "التنسيق الأمني" ولكنها جزءا من "سياسة الدفاع الذاتي"، وهو ما يمكن اعتباره مختلفا عن الحملات السابقة، كونها عمليات مطاردة لحركة حماس كحركة سياسية بكل أجهزتها الأمنية والمالية والاعلامية، حملة جاءت كرد فعل على الانقلاب الحمساوي في غزة..

ولكن في الآونة الأخيرة عادت الاتهامات من حماس للأجهزة الأمنية بقيامها بمطادرة واعتقال عناصرها خاصة العسكرية – الأمنية منها، وبدأ حرب اعلامية متبادلة، حاولت المؤسسة الأمنية في كثير من الأحيان الرد على تلك الاتهامات باتهامات مضادة لحماس ومحاولتها العمل على تصدير "أزمتها" بعد سقوط الاخوان وخسارتها الاقليمية الى نشر الفوضى بالضفة الغربية، مقولة لا تنفي الاعتقالات ولكنها تبررها..

الا أن الأيام الأخيرة دشنت حملة هجوم "نوعي" من حماس للمؤسسة الأمنية ونشرت وثائق مرسلة من جهاز المخابرات الفلسطيني بقيادة ماجد فرج الى الأجهزة الأمنية الاسرائيلية تقدم معلومات عن قيام حماس بحفر أنفاق في قطاع غزة، ونشرت صورا للوثائق، وبعدها قام احد قيادات حماس المهندس اسماعيل الاشقر بالقول أن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية قدمت ما يزيد على 3600 معلومة أمنية عن "المقاومة" لاسرائيل..ومعها تزامن اتهام الجهاد الاسلامي للأجهزة الأمنية بالاعتداء على مشيعي الشهيد الاسير حسن الترابي..اتهامات تصل الى مرحلة خطيرة جدا، خاصة تلك المتعلقة بقطاع غزة، وما يثير الدهشة هنا هو أن المؤسسة الأمنية التي تسارع دوما وبعد لحظات من أي تهمة حمساوية لها بالرد الفوري تكذيبا او توضيحا، وهو ما لم تفعله بعد نشر وثائق حماس لارسال المعلومات عن الانفاق أو ما قاله الأشقر..

لو صحت معلومات حماس عن الوثائق والمعلومات المرسلة، تكون المسألة خارج "التنسيق الأمني" ضمن الاتفاق كما تحاول الأجهزة تبرير ما تقوم به، طبعا متجاهلة بشكل متعمد أن "التنسيق الأمني" له ثمن مباشر هو التزام اسرائيل بما وقعت عليه بالاتفاقات وليس "هبة مجانية"..تنسيق مرتبط بانسحابات متتالية من الأرض، ولكن تلك مسألة أخرى، عن الاتهامات الجديدة التي تدخل الأجهزة في خانة تقديم خدمات أمنية مجانية عن قطاع غزة لدولة الاحتلال، وهي ليست مجبرة أو معنية ولا صلة لها بما تقوم به حماس في قطاع غزة أو منها، فلا وجود لها، لذا ما لم ترد الأجهزة على ما نشرته حماس باتهامها لها، تكون وقعت في دائرة المحظور وطنيا، وهنا يجب محاسبتها رسميا وشعبيا..وللمحاسبة أشكال عدة، تبدأ بلجان المجلس التشريعي والحكومة وقبلها الرئاسة الى أن يتم طرد كل مسؤول عن تقديم تلك الخدمات الضارة وطنيا وتقديمهم للمحاكمة الوطنية..ذلك هو طريق البراءة وغيرها تكون "الجريمة" مشتركة!

ملاحظة: هل حقا يمكن التعامل بجدية عن قيام وفد فتحاوي بزيارة القيادي الاسير مروان البرغوثي لقبول منصب "نائب الرئيس"..مجنون يحكي وعاقل يسمع أو اعكسوها!

تنويه خاص: نأمل من اللجنة الفلسطينية الخاصة بمتابعة قضية استشهاد الزعيم الخالد أن تسارع بنشر التقرير الذي وصلها..الشعب بحاجة للمعرفة عشية ذكرى الاستشهاد!

اخر الأخبار