الفنّ العربي "المودرن" يتأرّجح ما بين المؤخّرة والحنجرة

تابعنا على:   12:44 2021-01-01

منجد صالح

أمد/ هنالك حكمة تقضي بضورورة التفريق ما بين "البعرة والتمرة"، ما بين الغث والسمين، ما بين السيل الجاري الهادر وفقّاعات الزبد المُتطايرة، ما بين "الطز والمرحبا".

قبل عدّة أيام، قامت "ثورة" على مؤخّرة"، حصل هرج ومرج وسجال وجدال و"تنابز بالألقاب والقوافي" في الأوساط الفنيّة والحقوقية في أرض الكنانة بسبب "مؤخّرة" الفنانة المصرية رانيا يوسف، عطفا على ما صرّحت به الفنّانة الجميلة، "أم عيون كحيلة"، في لقائها بأحد البرامج، ب "إفتخارها وتفاخرها" بجمال "مؤخّرتها المتميّزة"!!!

يقول الإخوة العراقيّون، في هذا المجال، للتدليل على جمال إمرأة تُعجبهم: "خوش قفّة"، أي مؤخرّة مُعتبرة جميلة.

وكانت نفس الفنّانة الممثلة رانيا يوسف قد أثارت عاصفة من الجدل والإنتقادات "حولها وحواليها"، قبل مُدة، قبل عدّة أشهر، في إحدى المهرجانات الفنيّة، في بلاد النيل، بإرتدائها فستانا "مُتحرّرا" بدت فيه "من غير هدوم"، على رأي الممثل المبدع عادل إمام.

الأمر الذى حدا بها و"أجبرها" أن تُقدّم تفسيرا "للجماهير المُتفاجئة" تُبرّر فيه "الحدث الطارئ" وتُلقي بالنهاية "اللوم" على "بطانة الفستان الداخلية" التي "إنحسرت أو سحلت"، "بنت الحرام" رغما عن إرادتها ومقصدها ومُرادها وكشفت "المستور المعلوم"!!!

لسنا هنا في موقف ومعرض نقد أو إستحسان الظاهرة "التشليحيّة" أو "التحرّرية سكر زيادة" السائدة "بصورة طبيعية يوميّة" في بعض الوسط الفنّي والغنائي وكليباته وعروضه على المسارح وفي الصحاري والمهرجانات والحفلات وحفلات الزواج الأسطورية باهظة التكاليف، لكن في تسليط الضوء المُسلّط "كالكشّاف" أصلا وبصورة سرمديّة ودائمة على إلى ما آل إليه الفن العربي بشكل عام و"يا حرام" و"الله غالب"!!!.

دون شكّ ولا تردّد بأننا مع وندعم أي عمل فنّي جميل ومُبدع ومفيد ونافع للناس وللجماهير وربما بشكل خاص لفئة الشباب الذين لا يعرفون الكثير عن "الفن الجميل" وايّام وعصر الفن الجميل، عندما كانت أم كلثوم تقف ساعة كاملة، في حفلتها الشهرية، بهيبتها وطلّتها البهية وصوتها العذب الشادي وتشدو: "يا فؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحا من زمان فهوى .. اسقني وأشرب على أطلاله وأرو عنّي طالما الدمع روى .. كيف ذاك الحب أمسى خبرا وحديثا من أحاديث الجوى ".

هل هناك وجه مقارنة، يا سادة يا كرام، بين هذا الكلام القصيد الشذي المُعطّر وبين "بوس الواوا" و"رجب حوش صاحبك عنّي" لهيفاء وهبي، الجميلة المُغرية، ذات القدّ الميّاس، و"لا باس"، التي تّحرّك شفتيها وتُغنّي من أردافها المُكتنزة الميّالة السّيالة الهزّازة.

وهيييييييي ........، الله يرحمك يا شعبان عبد الرحيم.

ربما بدأ الإنحدار في الفن والغناء العربي منذ "الطشت قالّي الطشت آلي يا حلوة يالي قومي إستحمّي"، و"السح أندح إمبو الواد طالع لأبوه"، و"يا حلوه يا إلي إنت قوليلي بالله إنت"!!!!!

قرأت قبل يومين خبرا أن تامر حسني تفوّق على محمد رمضان ب"ثلاثة ملايين مشاهدة"، "مُبارك وبالتوفيق دائما".

ومع إحترامي لكل الناس، لكنّني، بكل صدق، لا أعرف ولست مُتابعا لأي أغنية لا لتامر حسني ولا ل محمد رمضان، بل أكثر من ذلك، فإن حدود علمي تنحصر فقط في أنّ محمد رمضان ممثل، أما كونه مُغنّي فهو أمر جديد و"لابس ثياب العيد"!!!.

صحيح انني سمعت عنه "بعض الطراطيش" مُغنيا من خلال "فضائح" كلمات "أغاني المهرجانات" التي يؤدّيها، وتابعت "فشخراته وبهلوانيّاته ومفاخراته" بسيّاراته باهظة الثمن مزركشة الألوان، وبأنّه "نمبر ون"، و"الله الأذن بتزنّ"!!!!!

ومؤخّرا، وليس مؤخّرة، اشتهر محمد رمضان ب"عناقه" مع المُغنّي الإسرائيلي في ربوع دبي، "قلب العروبة النابض" حسب الرأي الجديد "الطالع من الفرن سخن" ل وليد بيك جنبلاط. الأمر الذي حدا بنقابة الفنّانين إلى إيقافه ومُقاضاته.

هل نحن في مرحلة "شرّ البليّة ما يُضحك"، في مرحلة "السح الدح إمبو" في بعض من الفن العربي "المودرن"، الذي لا هو شرقي ولا هو غربي، وإنما ضائع تائه بين "حانا ومانا" و"على الله الصبر يا جبر" لُقيانا ومرسانا.

"وقفت والخوف بعينيها تتأمّل فنجاني المقلوب قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب، يا ولدي"، "يا قارئة الفنجان، ورحمة الله عليكما يا نزار قبّاني وعبد الحليم حافظ، وأطال الله في عمر القيصر كاظم الساهر ليبقى منارة لجمال غناء الشعر العربي البديع: "احبيني بلا عُقَدٍ وضيعي في خطوط يدي، أحبيني لأسبوع لأيام لساعات فلست أنا الذي يهتم بالابد".

"مؤخّرة سما المصري أشهرتها وأغنتها وأغوتها وأخيرا أوصلتها إلى "نحيب دموع عينيها" وإلى السجن بتهمة الفجور والحضّ على الفسق والخروج على عادات وتقاليد المجتمع"، لكن مؤخّرات وأرداف العديد من الممثلات والفنّانات أوصلتهنّ إلى النجومية وعالم الشهرة والمال والجمال والمجون وإلى إحتلال الصفحات الأولى في المجلات وفي صفحات الصحف والجرائد الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي.

هناك عالمات "يدفنّ أنفسهن" في المختبرات من أجل العمل على إيجاد لقاحات وأدوية لإنقاذ البشرية، واستاذات جامعيات مُعتبرات ومبرّزات في شتى بحور العلم والادب والثقافة، وكاتبات وأديبات وشاعرات بديعات ونابغات، أحلام مستغانمي ومي زيادة وغادة السمّان، وفنّانات ونجمات، فيروز ونجوى كرم واسمهان وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وماجدة الرومي ووردة الجزائرية وعفاف راضي وفايدة كامل "أم البطل".

وبالنهاية تأتي "إحداهن" بمؤخّرة متكوّرة ومُتحوّرة أنثويّا و"تأكل الجو" و"تحتل" الشاشات وصدر الصحف والمجلّات، وتُغطّي على العالمات والأستاذات والفنّانات الحقيقيّات والنجمات، وتقتني افخم الموديلات، من باريس وروما ونيويورك، وكادلاك ورولزرويس وفيراري السيّارات والقصور والفيلات وحتى في سيراييفو!!! .

فعلا أننا لسنا في زمن الفن الجميل، زمن "الحنجرة الذهبية" و"الأداء الذهبي"، وإنّما في زمن "المؤخّرة الذهبية"، التي تبيض ذهبا، في زمن الفن "المودرن" .. و"دُقّي يا مزّيكا"!!!

كلمات دلالية

اخر الأخبار