متى يحصل "العرب".. في النهاية على "قنبلة نووية"؟

تابعنا على:   09:44 2020-12-23

محمد خروب

أمد/ العنوان/السؤال.. ليس لي بل أَقتبِس من المُحلّل السياسي الروسي الشهير الكسندر نازاروف, الذي يكتب على موقع «آرتي» (روسيا اليوم) باستمرار، حيث يُركز في تحليلاته العميقة المستندة الى رؤية استراتيجية, على ما يحدث في الولايات المتحدة الأميركية في سنواتها الأربع الأخيرة, التي ميّزت في سياقاتها السياسية والاجتماعية والاستراتيجية وخصوصاً الشعبوية «الترمبية», بكل ما حملته من «افكار» وسياسات داخلية تنهض على تقسيم المجتمع الأميركي إلى مُجتمعيْن اثنين أو أكثر, الأول فيهما ودائماً هو «المجتمع الأبيض», فيما باقي «الشعوب» الأميركية الأخرى تندرج في إطار «ألوان» البشرة والأصول الاجتماعية, وغيرها مما تفيض بها مجتمعات «الرجل الأبيض» الاستعلائية, وبخاصة قاعدة ترمب الإنتخابية العنصرية, المُتكِئة على نسبة وازنة من المجتمع الأميركي, المُؤمن بخزعبلات وأساطير المسيحيين الانجيليين, كأصوات مضمونة (74 مليون ناخب), لمن يدفعون به إلى التنافس على مقعد البيت الأبيض الرئاسي, أو من ينجحون بشرائه أو إغرائه للإنخراط في مشروعهم العنصري المُتصهّيِن.

ما علينا..

السيد نازاروف يناقش في مقالته المنشورة أمس الأحد على موقع آرتي الإلكتروني الفوضى «النووية» التي ستحل بالولايات المتحدة, في حال مضت ولاية تكساس الأميركية في رفع لواء «الانفصال» على الدولة الاتحادية الأميركية القائمة, وبخاصة بعد أن رفعت ولاية تكساس (أيّدتها «18» ولاية أخرى) دعوى أمام المحكمة العليا بغرض إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة في الولايات المُتأرجِحة، وهو ما قد يتطوّر لاحقاً الى حِراك «إنفصالي» فعلي أو مُتدحرِج (بعد رفض المحكمة الدعوى شكلياً كما بات معروفاً, إذ ليس من حق ولاية تكساس النطق باسم تلك الولايات المُتأرجِحة).

هنا.. يصل نازاروف إلى نتيجة لافتة بعد أن يصبح «البيض» أقلية في الولايات المتحدة سنوات قليلة مُقبلة (قدّرها بـ20سنة) لصالح المهاجرين والناطقين باللغة الإسبانية, وغيرها من الأعراق والقوميات وألوان البشرة المختلفة، ما يُسرِّع بانفصال الولايات ذات الأغلبية أو «صافية» اللون الأبيض. الأمر الذي يدعو للتساؤل – وِفق المُحلّل السياسي الروسي – عن مستقبل الترسانة النووية الأميركية المهولة, والتي يتوزّع «تخزينها» على ولايات عدّة، عاقداً مقارنة مثيرة عن الترسانة النووية السوفياتية عشية انهيار الاتحاد السوفياتي,إذ تواجد معظمها في أوكرانيا بالإضافة إلى بيلاروس وكازخستان, والتي وصل مجموعها (2700) رأس نووي، ما يكفي ببساطة لتدمير العالم بأسره.. وإذ خشي الغرب وقوع أسلحة نووية في أيدي دول غير مُستقرة او جماعات إرهابية, ما دفع الدول الغربية للإصرار على أن تُعطي تلك الجمهوريات السوفياتية السابقة أسلحتها النووية إلى «روسيا» رغم العِداء الغربي المعروف لوريثة الإتحاد السوفياتي.

في السطر الأخير.... تحليل نازاروف طويل وعميق, حافل بالاشارات والتفسيرات بعيدة المدى. على نحو يتوقّع فيه (حال تفكِّك الولايات المتحدة الذي يراه قريباً ومؤكداً) أن تسود الفوضى النووية العالم. ونجد هناك مَن يعرِض سلاحاً نووياً للبيع. ولم يجب نازاروف عن سؤاله/العنوان... متى يحصل العرب على السلاح النووي؟, كون السؤال يستبطِن الجواب في الوقت نفسه.. أي سيشترونه.

يدرك كثيرون في الغرب الإمبريالي, كما الدول التي لا يعترِف هؤلاء المُستعمِرون بأهليتها لامتلاك سلاح نووي, او التوفّر على ترسانة نووية موازية بل ربما اكثر كفاءة وقدرة تدميرية كانت ام تقنِية, للجلوس معها على طاولة مفاوضات مُتكافِئة, لتنظيم والحدّ من انتشار الاسلحة النووية بأمدِيتها وخطورتها المختلفة, على النحو الذي تم ترتيبه ذات عهد مضى, بين الاتحاد السوفياتي والإدارات الاميركية المُتعاقِبة, والتي وُصِفت كإنجاز «هائل» حققته الدولتان العُظيمان زمن الحرب الباردة, وكانت معاهدة «ستارت1», كما تلك التي تمت لاحقاً مع روسيا والولايات المتحدة حول الأسلحة النووية قصيرة ومتوسطة المدى والتي انسحبت واشنطن, ناهيك عن المستقبل «المُظلِم» الذي ينتظر اتفاقية سالت الجديدة التي سينتهي مفعولها بعد شهرين (شباط 2021), حيث اعلنت ادارة ترمب نِيّتها الانسحاب منها؟, ما لم «ترضخ» موسكو لشروطها وإجراء تعديلات عليها فضلا عن اشتراط واشنطن انضمام الصين للاتفاقية الجديدة (او المُمدَّد لها). لكن موسكو رفضت بحزم إدخال اي تعديل جديد، فيما أبدت الصين «استعداداً» للانضمام الى المعاهدة العتيدة «شريطة» توفّرِها على عدد مساوٍ من الرؤوس النووية التي تملكها كل من واشنطن وموسكو. ومعروف ان توفير شرط كهذا يستلزم سنوات بل عقوداً طويلة.

هنا يتكئ المُحلل السياسي الروسي نازاروف على ما يمكن لـ«الفوضى» التي سُتسفر عنها الحرب الأهلية الاميركية التي يتوقّعها بل يتنبأ بحتميتها ما سيُفضي الى تفكّكها, بحيث تستطيع فيه اي دولة في العالم ترغب في شراء رؤوس حربية نووية.. أن تفعَل ذلك.

يُضيف مُستطرِداً (وبما ينسجم مع توقّعاته): لنفترض (يقول نازاروف) ان هذا لم يَحدث، ولنفترض جدلاً أن روسيا والصين وألمانيا وأي قوة أخرى (على سبيل المثال) تمكّنوا تحت رعاية هيئة الأمم المتحدة, من انزال قواتهم ووضع الرؤوس الحربية النووية الأميركية تحت الحماية.. حتى لو غرقت الولايات المتحدة في فوضى شاملة....هل يُوقِف ذلك من انتشار الأسلحة النووية؟.. يَتساءل ثم يُجيب, على نحو يُؤشِّر الى ان الطبيعة العدوانية للولايات المتحدة منذ نشأتها وخصوصاً أنانيتها, تزيد من احتمالات حدوث فوضى تتجاوز في آثارها الداخل الأميركي حال تفكّك الصيغة الحالية للولايات المتحدة.

إن الولايات المتحدة... يقول نازاروف: «تنسحب من المعاهدة تلو الأخرى، وتُدمر نظام انتشار نظام الأسلحة النووية، في الوقت الذي لا تزال فيه الولايات المتحدة من القوة, بحيث تُصِرّ على ان ما تسمح به لنفسها، غير مسموح لبقية العالم بما في ذلك جميع حلفائها».

ثم يخلص الى نتيجة نحسبها مرعبة حقاً:»... إن درجة استقلال وحرية جميع دول العالم، سوف تتصاعد بعدد من المرات، فور انهيار الولايات المتحدة الأميركية, وسيصبح حينها تطبيق حظر انتشار الأسلحة النووية أمراً.. مستحيلاً بالكامل.

هل تسألون ماذا عن العرب».. هل يتوفّرون عليها؟.

من السذاجة الاعتقاد بذلك, ما دام المشهد العربي البائس الراهن مُستمراً ونحسبه سيتواصَل، ما لم يُقلِع عرب اليوم عن سياساتهم الانتحارية الجارية الآن وضعفهم السياسِي والعِلمي غير المسبوقين.

عن الرأي الأردنية

اخر الأخبار