أولويات المشهد الفلسطيني دون "مصالحة"!

تابعنا على:   08:31 2020-12-16

أمد/ كتب حسن عصفور/ منذ أن قرر الرئيس محمود عباس عودة "التواصل" – وليس العلاقات لأنها لم تتوقف – مع دولة الكيان، بعد تلقيه رسالة ملتبسة حول التزامها بالاتفاقات الموقعة، لم تحددها مع منظمة التحرير، والقطار السياسي يسير باتجاه الاستعداد لما بعد ترامب.

خيار الرئيس عباس (لم تقره أي من مؤسسات منظمة التحرير)، وباركته الحكومة وحركة فتح، أثار ضجة وغضب واسع ليس بين معارضيه بل من تحالفه السياسي أيضا، ولكنه كان قرارا لا بد منه وفق تطورات إقليمية ودولية أخذت بتكوين ملامح لمشهد جديد، لا يمكن أن يقف متفرجا، ويضيع "فرصة" قد يراها مناسبة لمنع الانهيار الكلي للمشروع الذي يحمله.

بالتأكيد، كان يعلم أن ذلك القرار سيكون على حساب "مسار المصالحة"، الذي لم يخلق مكونا إيجابيا واحدا منذ بدايته التلفزيونية الأخيرة، ورحلات بدت وكأنها "لإرضاء" بلدانها وليس لمصلحة وطنية، بعد أن قرر طرفي الانقسام "خطف اللقاء العام" ليصبح ثنائي لا غير.

ولم تترك حماس الفرصة، فبادرت بحشد إعلامي واسع، مستغلة الغضب العام، لتعمل على تشكيل محور يبدو وكأنه "البديل المرتقب" للحالة الرسمية، وقعت فيها بـ "حسن نوايا" بعض أطراف المنظمة وكادت أن تنهي مسارها بالانتقال من "القطبية الانقسامية" الى "الانقسامية التمثيلية"، ما يساهم فعليا في تمرير المشروع الانفصالي، الذي يمثل جوهر المشروع التوراتي، وخطة ترامب للتهويد والضم.

وعليه ذهبت حماس لتوضيح مشروعها كما لم يسبقها ذلك، بتعزيز ما لديها من "حكم وحكومة" تحت "شعارات تضليلية"، دون أن تخفي جوهرها الذي تحدثت عنها شخصيات قيادية مركزية فيها، بلغة التفافية كونها تعلم يقينا أن "وضوحها" يعني سقوطها الوطني، ولذا فهي ستكتفي راهنا بما لها مع تعظيمه بالممكن المالي – الأمني ليخلق واقع سياسي جديد.

خياران واضحان أنهما متعاكسان، فالرئيس وحكومته، والى حين توضيح مصير تنفيذية منظمة التحرير التي دخلت في "كومة سياسية" دون سبب وطني، سيذهب في الخيار العام نحو العمل للتوافق حول ترتيب المفاوضات برعاية دولية عربية جديدة، تفتح بابا ما نحو "الحل الممكن" لدولة فلسطينية في حدود تقارب حدود قرار الأمم المتحدة، وليس بكاملها، وتقاسم ما في القدس الشرقية والبراق.

ولأن الرئيس يدرك جيدا، أن حماس وتحالفها لن يكون عاملا مساندا أو مساعدا في هذه المرحلة، فقرر الانطلاق وحيدا نحو التعايش مع الفرصة القادمة، بعد سنوات عجاف أوشكت على تدمير المشروع الوطني نحو محميات وكيانية منعزلة – منفصلة.

وكان التأييد العربي العام، وكذا الترحيب الدولي الواسع لقراره بالتواصل مع دولة الكيان، قوة مضافة له بالخلاص من مسار معطل لما يريد، ومعتقدا، وقد يكون صائبا تماما، ان قرار حماس يرتهن لتحالفها في قطر وتركيا، وكلاهما يسيران نحو تعزيز تطبيعهما مع إسرائيل، بل أن إيران الحليف العسكري – الأمني لها، أعلنت أنها لن تعارض اتفاقا فلسطينيا إسرائيليا لو حدث، وتلك كانت تمثل الدعم الأبرز لموقف الرئيس عباس.

حماس، تدرك جيدا جدا، أنها لم تعد اللاعب المقرر في المسار الوطني العام، كما توهمت خلال السنة الأخيرة، وخاصة بعد الموقف الأمريكي من الرئيس عباس والسلطة، واعتقدت أن الفرصة دقت بابها السياسي لخطف "القيادة" كما خطفت قطاع غزة، ولكن دون حرب دامية، ولذا ستعيد أولياتها ليس ضمن "مصالحة"، كما تعلن لغة، ولكن لترتيب تحالف نسبي في قطاع غزة يمثل مركز "صداع تشويشي" على السلطة والرئيس عباس، الى حين اتضاح المشهد الجديد.

ربما تحتاج حركة فتح، قبل غيرها، بإعادة ترتيب تحالفها وفق توافق سياسي نسبي، وعدم الارتهان على التطور الخارجي لفرضه واقعا، فتشكيل "درع سياسي" هو الجدار الواقي لها، وعليها الكف عن سياسة الاستعلاء التي واكبت سلوكها في الآونة الأخيرة.

ترتيبات كل من طرفي الانقسام لن تكون في سياق مصالحة شاملة، أي كانت أكاذيبهم العلنية، ولكن كلاهما سيعمل على "ترتيبات جزئية" تتوافق مع خيارهما القادم.
ملاحظة: عدم لقاء الرئيس محمود عباس لقاء وفد حماس في قطر، أكد المؤكد، لا صلح ولا يحزنون..سارع الحمساوي مشعل بالرد أن "القيادة ترهلت"..ولسه ياما في جرابك يا حاوي!

تنويه خاص: غادر المبعوث الأممي ملادينوف فلسطين الى ليبيا..قد لا يكون أنصف الفلسطيني كما يريد لكنه كان حاضرا وفاعلا بما هو أفضل من سابقيه..بأمل ان يكون فنيسلاند نوريجيا منصفا قدر الممكن!

اخر الأخبار