مجدلاني: مباحثات المصالحة الفلسطينية مستمرة وحماس غير مستعدة لإتمامها الآن

تابعنا على:   19:00 2020-12-13

أمد/ رام الله: قال الدكتور أحمد مجدلاني، وزير الشؤون الاجتماعية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأمين عام جبهة النضال الشعبي، إن الحوار بين حركتي فتح وحماس لعقد مصالحة فلسطينية ما زال مستمرًا.

وأضاف في حوار مع "سبوتنيك"، أن حركة حماس وقيادتها غير ناضجة وغير مستعدة للمضي قدما في إتمام القضايا الجوهرية التي يتضمنها ملف المصالحة.

وتابع: السبب في ذلك يعود إلى أن حركة حماس تنتظر الترتيبات الإقليمية خاصة أن إدارة بايدن تميل لحد كبير للتعامل مع الإسلامي السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، ومن هناك قطر وتركيا باعتبارهما راعيين لجماعة الإخوان، من الممكن أن يكون لهما دور ما يعزز من وجودهم الإقليمي".

واستطرد: "بالإضافة إلى ذلك تنتظر حركة حماس انتخابات داخل مكتبها السياسي في مطلع العام القادم، وتأتي الانتخابات في إطار المتغيرات الدولية والإقليمية حيث ترغب الأطراف الفاعلة في حركة حماس والمؤثرة في قرارها في شخصية بديلة عن إسماعيل هنية".

وأكد مجدلاني، أن "قيادة حركة حماس اليوم غير ناضجة وغير قادرة على اتخاذ قرار بهذا المستوى، يحدد مصير الحركة، إما أن تكون جزءًا من المؤسسة الوطنية الفلسطينية وتتحمل مسؤولياتها، أو تظل فصيل إخواني وتحمل مشاريع خاص".

وإلى نص الحوار..

بداية.. كيف ترى إقبال بعض الدول العربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل؟ التطبيع العربي مع إسرائيل يأتي في إطار مشروع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإقرار السلام الإقليمي بديلًا عن السلام الفلسطيني، ضمن صفقة ترامب التي كانت هي الخيار السياسي للإدارة الأمريكية ومشروع إسرائيلي في آن واحد، وهو جزء من التخلي عن مبادرة السلام العربية وقرارات القمم العربية والاندفاع والهرولة للتطبيع مع إسرائيل، سواء كان ذلك بالضغط أو الإكراه أو بالترهيب والابتزاز كما جرى مع السودان والمغرب.

لكن هناك بعض الدول خاصة الخليجية طبعت بدون ضغط أو ابتزاز أمريكي؟ فيما يتعلق ببعض الدول التي خضعت للتطبيع مع إسرائيل، خاصة الخليجية جاءت بعد نجاح أمريكا في استبدال الأولويات في المنطقة العربية وخلقت حجة أن إيران هي من تهدد الأمن القومي الدولي بدلًا من إسرائيل، التبديل في الأولويات جعل من إسرائيل حليفًا ممكنًا في إطار ائتلاف دولي وإقليمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لاحتواء ومواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وهذا ما فسر بشكل كبير هذا الاندفاع الكبير من دول الخليج، البحرين والإمارات وغيرها، سواء من الدول التي أقامت علاقات علنية مباشرة أو علاقات أيضا مباشرة، لكنها غير علينة إلى هذه اللحظة الراهنة.

نعم.. وبرأيك هل يستمر ملف التطبيع العربي مع إدارة بايدن؟ نعتقد أن تغيير الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب، لأخرى بقيادة بايدن لا يعني بالدرجة الأساسية أن التطبيع لم يعد قائمًا، صحيح أن صفقة ترامب لم تعد موجودة على الطاولة كحل سياسي لكن الإدارة الجديدة بدون شك ستكون داعمة ومساعدة لأية علاقات إسرائيلية عربية خارج إطار الحل السياسي مع الفلسطينيين.

وما التحركات المطلوبة فلسطينيا للسيطرة على اتجاهات التطبيع العربي مع إسرائيل؟ نحن نعتقد كفلسطينيين أن هذا الاستبدال للأولويات في المنطقة ليس صحيحا، وما زالت إسرائيل تشكل التهديد الرئيسي للأمن القومي العربي، وأن السلام مع هذه الدول لن يخلق الأمن والاستقرار في المنطقة، فأساس وجوهر ولب الصراع في المنطقة هو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يقوم على أساس انتهاك قرارات الشرعية الدولية وهضم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود الأراضي التي احتلتها إسرائيل في الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لذلك من حيث المبدأ نعلن موقفنا الرافض للتطبيع مع أي دولة عربية باعتباره انتهاك لقرارات القمم العربية وللإجماع العربي ومبادرة السلام العربية.

ندرك تماما، اليوم، أن هناك تغييرات دولية وإقليمية متسارعة ويتطلب من القيادة الفلسطينية المراجعة والتدقيق العربي ومراجعة العلاقات الفلسطينية العربية وإيجاد حوار جديد مع الدول العربية على قاعدة محددة تقول: إذا لم تكن مبادرة السلام الأساس والناظم للعلاقات العربية الإسرائيلية وللتطبيع مع إسرائيل في مقابل الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ربما نكون بحاجة لصيغة جديدة للتفاهم ورؤية جديدة للموقف العربي، بدون المساس بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبدون التأثير على مصالح الفلسطينيين.

وإلى أي مدى قد يؤثر التطبيع العربي مع إسرائيل على المصالح الفلسطينية؟ بدون شك، اليوم أي دولة عربية تقيم علاقات وتطبع مع إسرائيل على حساب المصالح الفلسطينية يؤثر ويضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وعلى العكس من ذلك نحن نرى أن الحكومة الإسرائيلية تعتبر أن هذا التطبيع هو مكافأة لها ويشجعها على الاستمرار في سياسة الاستيطان وتهويد القدس.

إذا كانت الإدارة الجديدة لن تختلف كثيرا على سابقتها.. لماذا تواصلت السلطة الفلسطينية مع إدارة بايدن؟ هناك إشارات مطمئنة نقلها فريق الرئيس بايدن، الذي أعلن بوضوح أن هناك نهجًا جديدًا للتعامل مع عملية السلام والفلسطينيين، وبالتالي إزاحة مشروع ترامب عن الطاولة، بما في ذلك سياسة الضم والاستيطان نعتبرها نحن أساس أي علاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن إدارة بايدن كانت قد أعلنت عن عدة إجراءات مهمة منها فتح قنصلية فلسطين في واشنطن، وقنصلية أمريكا في القدس، واستئناف مساعدات وكالة الأونروا، وغير ذلك من القرارات التي نراها إيجابية ومن الممكن أن يبنى عليها.

نعم.. وهل برأيك هذه الإجراءات كافية لإعادة العلاقات بين فلسطين وأمريكا؟ نحن بحاجة إلى إعادة الحوار مع الإدارة الأمريكية على أسس مختلفة، بحيث لا تكون هذه العلاقة مرتبطة بعملية السلام مع الإسرائيليين، ولكن يجب في البداية اتخاذ الجانب الأمريكي لبعض الإجراءات منها رفض وعدم التعاطي مع صفقة ترامب التي دشنها ترامب، وإلغاء كل الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بشأن الاستيطان وعمليات الضم، وآخرها إعلان بومبيو خلال زيارته لأحد المستوطنات اعتبار كل المنتجات التي تخرج منها أنها منتجات إسرائيلية، وهو ما يخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

بالإضافة إلى ذلك هناك إجراءات أخرى نعتقد أنها ضرورية لإعادة بناء الثقة بين الإدارة الأمريكية الجديدة والقيادة الفلسطينية، وأن من شأنها أن تؤدي إلى إعادة العملية السياسية من خلال مؤتمر دولي للسلام بمشاركة كافة الأطراف الدولية، وهذا هو الطريق الصحيح لعملية سلام تؤدي في النهاية إلى إنهاء الاحتلال وتعميم الأمن والاستقرار في المنطقة.

تعاني وكالة الأونروا من أزمات اقتصادية وتمويلية كبيرة.. برأيك ما السبيل لإنقاذها؟ نأمل أن يتم استئناف الدعم العربي لوكالة الأونروا الذي توقف بضغط من إدارة ترامب، ونأمل من الأشقاء العرب الوفاء بالتزاماتهم التي وعدوا بها في مؤتمر المانحين للعام الماضي والعام قبل الماضي، وهذا من شأنه مساعدة الوكالة في هذه المرحلة الانتقالية ودفعها إلى الوفاء بالتزاماتها ليس من الجوانب الخدمية التي تقدمها فقط، بل في تسديد رواتب العاملين والتي تقدر بـ 124 مليون دولار.

طالبت القيادة الفلسطينية أكثر من مرة بعقد مؤتمر دولي للسلام.. برأيك ما الذي يمكن أن يضيفه هذا المؤتمر للقضية الفلسطينية؟ في السنوات الماضية كنا في إطار مفاوضات ثنائية برعاية أمريكية منحازة بالكامل لإسرائيل، ومنذ عام 2017 ومنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي مشروعه وخططته نحن لم نعد نعتبر أمريكا مؤهلة لرعاية العملية السياسية، وأيضا من خلال تجاربنا السابقة، وتحديدا في عام 2015 كان هناك قرار وتوجه في المجلس الوطني المركزي باتخاذ خيار آخر للعملية السياسية، والمفاوضات من خلال مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الرباعية الدولية.

بعد انقطاعها لمدة طويلة.. برأيك ما أهداف إعادة السلطة الوطنية علاقاتها وتنسيقها الأمني مع إسرائيل؟ الاتفاقيات الانتقالية قائمة وهي تحدد طبيعة وشكل العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، وليس لها أي أبعاد سياسية، هو مجرد إطار قانوني مؤقت للتعاون بين الطرفين، وتسعى القيادة الفلسطينية للخروج من إطار التعاون الثنائي إلى مرحلة تشييد وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

كان هناك أزمة كبيرة بين فلسطين وإسرائيل بخصوص أموال المقاصة.. إلى أي مدى وصلت الأزمة وهل خصمت تل أبيب أموال الأسرى من هذه الأموال؟ أموال المقاصة هي أموال ضرائب فلسطينية، ليست منحة أو مساعدة، وكانت تحتجزها إسرائيل، وهو ما أثر بشكل كبير على إيرادات الدولة ومدى الوفاء بالالتزامات المطلوبة، سواء رواتب الموظفين أو مجابهة الظروف الصحية والاجتماعية التي تأثرت بقوة بجائحة فيروس كورونا، وأموال المقاصة لم يخصم منها أي شيء، وحولت بالكامل إلى الخزينة العامة لوزارة المالية في السلطة الوطنية الفلسطينية.

بعد مباحثات وصفت بالإيجابية بين حركتي فتح وحماس.. هل توقف ملف المصالحة إلى هذه المحطة؟ الحوار مستمر وما زال قائما؛ لكن من الواضح تماما أن حركة حماس وقيادتها غير ناضجة وغير مستعدة للمضي قدما في إتمام القضايا الجوهرية التي يتضمنها ملف المصالحة، وسبب ذلك يعود إلى أن حركة حماس تنتظر الترتيبات الإقليمية خاصة أن إدارة بايدن تميل لحد كبير للتعامل مع الإسلامي السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، ومن هناك قطر وتركيا باعتبارهم راعيين لجماعة الإخوان من الممكن أن يكون لهما دور ما يعزز من وجودهم الإقليمي.

بالإضافة إلى ذلك تنتظر حركة حماس انتخابات داخل مكتبها السياسي في مطلع العام القادم، وتأتي الانتخابات في إطار المتغيرات الدولية والإقليمية حيث ترغب الأطراف الفاعلة في حركة حماس والمؤثرة في قرارها في شخصية بديلة عن إسماعيل هنية، لذلك القيادة اليوم غير ناضجة وغير قادرة على اتخاذ قرار بهذا المستوى، يحدد مصير الحركة، إما أن تكون جزءًا من المؤسسة الوطنية الفلسطينية وتتحمل مسؤولياتها، أو تظل فصيل إخواني وتحمل مشاريع خاصة.

لماذا توسع إسرائيل من عمليات الاستيطان في هذا التوقيت؟ من الملاحظ أن حكومة نتنياهو تسابق الزمن وتريد أن تستفيد من أي دقيقة متبقية في عمر إدارة ترامب، التي توفر لها الحماية والرعاية والدعم السياسي واللوجيستي في فرض الاستيطان ومصادرة الأراضي والضم الفعلي للأراضي الفلسطينية من أجل تعطيل حل الدولتين واستئناف المفاوضات على هذا الأساس، لذلك جاءت زيارة بومبيو الشهر الماضي لبعض المستوطنات الإسرائيلية في الضفة والجولان من أجل تدعيم هذه الرؤية.

تطالب فلسطين الاتحاد الأوروبي بتوقيع عقوبات على إسرائيل بسبب سياسات الضم.. كيف ترى الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية؟ الموقف الدولي عامة لا يزال مقتصرًا على بيانات الشجب والاستنكار، بما في ذلك الموقف الأوروبي، لكن إلى الآن لم يتبلور موقف أوروبي جماعي تجاه فرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكها القانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 2334، لكن بعض الدول الأوروبية اتخذت قرارات منفردة في مواجهة الاستيطان، منها بلجيكا التي أبلغت إسرائيل أن أي مشروع تموله الحكومة البلجيكية وتقوم بإسرائيل بهدمه أو عرقلته سوف تتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ذلك وتصبح مطالبة بالتعويض.

لذلك أعتقد أن اليوم ما نفعله وما تعمل عليه الدبلوماسية الفلسطينية مع دول الاتحاد هو كيفية الوصول لموقف أكثر عملية وجدية، لأن إسرائيل إذا لم تتضرر مصالحها وتشعر أن أي قرار تتخذه من الممكن أن يكون له كلفة، لن تتوقف ولن تعيد النظر في قراراتها وتستمر فيها.

اخر الأخبار