الواقع السياسي المعاش في الضفة

تابعنا على:   10:34 2020-12-12

 د. خالد معالي

أمد/ بات الواقع السياسي المعاش في الضفة الغربية، يتعقد اكثر فاكثر مع مرور الوقت، فالفهم العلمي الصحيح للواقعية السياسية يقتضي، بان نتريث ونفكر بعمق ووضوح ونعيد التقييم، فالتناقضات الثانوية والتكتيكية على المستوى السياسي او الاقتصادي، يجب ان تبقى في المؤخرة لصالح التعامل مع التناقض الرئيس، والخطر الاستراتيجي الداهم الذي يبتلع الضفة ساعة بساعة ويقتل حلم الدولة، فتوحيد الطاقات الخلاقة وعدم حرف البوصلة عن وجهتها الصحيحة، كانت هي مهمة القادة العظام عبر التاريخ.

تتسارع الاحداث، ويتم فرضها في الضفة الغربية، ويبقى العامل الرئيس المتحكم بالاحداث السياسية هو الاحتلال بحكم انه القوة المسيطرة والاكبر، وهذا لا يعني ان كل امر بيد الاحتلال، فهناك امور تخرج عن سيطرته في احيان عديدة، عدا عن انه له نقاط ضعف واضحة يمكن الدخول من خلالها واضعافه، وقلب الطاولة، والايام دول.

نظرة للواقع السياسي في الضفة الغربية، يتبين انه في حالة احتقان وضغط شديد، سواء على المستوى الداخلي من ناحية عدم تجديد الدماء، او من ناحية تراجع الامال بالمصالحة بعد تلقي حسين الشيخ للرسالة، او ناحية ضغوطات "كورونا" على الوضع الاقتصادي والوضع العام، وحالة المرحلة بما يساهم بالضغط على القضية الفلسطينية من ناحية التطبيع وهرولة بعض قادة الدول العربية نحو الاحتلال.

من الناحية الداخلية الفلسطينية، فان اي بعثرة للجهود وتعطيل الطاقات لا يصب في صالح القضية الفلسطينية ، ولذلك فان الواقع السياسي المعاش ومع خطورته وحالة التضييق المصاحبة له من قبل الاحتلال، تفترض ان اي خلاف داخلي او تناقض هنا وهناك، لا يصح ان يتترجم لاحتكاكات او مواجهات ومناوشات داخلية، والاصل ان لغة الحوار البناء هي اللغة التي يجب ان تسود، وشتان بين لغة الحوار البناء والنقد العلمي الصحيح والسليم، وبين لغة السلاح والتراجع للخلف.

الانسان قد يختلف مع ذاته احيانا، فكيف بقوى ومصالح سياسية معقدة، وعقليات وافكار متضاربة، وكل فرد او مؤسسة او قوة تعتقد انها الافضل والاصلح؟! اذن لا بد من الحد الادنى في حالة مثل هذه من التوافق والوحدة، والا ضغطت التناقضات الفرعية على التناقض الرئيس وبتنا رهينة بيد الاحتلال ولعبة مفضله له.

لا يصح اليأس من الواقع السياسي المعاش في الضفة الغربية وان كان لا يسر صديق، بل نتفائل ونعمل على تغييره للافضل، عبر توحيد الطاقات والجهود، وعدم بعثرتها، فيد الله مع الجماعة، ولا يصح ان يغني كل على ليلاه، وتتفرق الجهود وتتلاشى دون تحقيق اي هدف سام وراق لشعبنا.

طبيعي جدا وعادي ان تختلف وجهات النظر او المصالح هنا  او هناك، لكن على ان لا تتحول لاي شكل من اشكال العنف والتشنج وهدر الطاقات، بل تتوحد في بوتقة النضال وكنس الاحتلال، ولا مجال لمضيعة الوقت، فالوقت يداهم الجميع ما لم يتوحدوا على برنامج وطني مقاوم ومشرف، يعيد الصورة النمطية الجميلة للكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال.

ليعلو صوت الوحدة وصون الدم الفلسطيني، وثمن الوحدة والاتفاق والاخوة اقل بكثير من ثمن النزاع وتعظيم التناقضات الداخلية وعلو صوتها، فلا صوت يعلو فوق صوت الوحدة والاخوة، فالدم والهدف والمصير والعدو واحد، فعلام الخلاف؟!

في هذه الاوقات العصيبة، والمرحلة الصعبة من تاريخ قضيتنا الفلسطينية وامتنا العربية والاسلامية، لا يصح ان يتنحى الاخيار جانبا ويتركوا الساحة لمن يريد ان يعبث فيها، فلا يوجد شعب عبر التاريخ تحرر من محتليه ومغتصبيه، وهو متفرق متنازع مشتت القوى والاهداف والبرامج ويغلب التناقضات الفرعية على التناقض الرئيس.

كلمات دلالية

اخر الأخبار