عقب مقتل الشاب اللبناني..

الأورومتوسطي يدين الإعتداءات على اللاجئين السوريين في بلدة بشرّي شمالي لبنان

تابعنا على:   14:35 2020-11-30

أمد/ جنيف: أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة الاعتداءات التي تعرض لها عدد كبير من اللاجئين السوريين في بلدة بشرّي شمالي لبنان، عقب مقتل الشاب اللبناني "جوزيف طوق" على يد أحد اللاجئين السوريين المقيمين في البلدة.

وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقره جنيف في بيانٍ صحفيٍ، يوم الإثنين، وصل "أمد للإعلام" نسخة عنه، إنّ "طوق" (28 عامًا) قُتل يوم الإثنين الماضي 23 نوفمبر/تشرين الثاني عند حوالي الساعة 16:45 أثناء وقوع خلاف بينه وبين "م.ح" لاجئ سوري (27 عامًا)، حيث أطلق الأخير عدة عيارات نارية على "طوق" أدت إلى مقتله على الفور، ثم سلّم نفسه إلى قوى الأمن الداخلي بعد شيوع الخبر.

ووفق متابعة الأورومتوسطي، تجمّع بعض الأهالي في بلدة بشرّي حول مبنى السراي في المنطقة احتجاجًا على الحادثة، كما اعتدى شبان من البلدة على عدد من اللاجئين السوريين وأحرقوا عدة منازل يقيم فيها لاجئون سوريون، ما دفعهم إلى الهرب بشكلٍ جماعي، حيث توجّهوا إلى مدينة طرابلس شمالي لبنان، ليبيتوا ليلتهم في العراء والحدائق العامة والطرقات.

وفي مقابلة أجراها المرصد الأورومتوسطي مع "حسين رجا"، أحد اللاجئين السوريين في بلدة بشرّي، قال "يوم الحادثة كنت أجلس في البيت، حيث حاول بعض أهالي بشرّي الدخول إلى بيتي لكنهم لم يستطيعوا. بعدها وبمساعدة من أحد الأهالي قمت بتأمين سيارة لإخراجنا من البلدة إلى طرابلس، وعندما وصلنا إلى مفوضية اللاجئين لم تقدم لنا أي مساعدة، إلى أن جاءت بعض الجمعيات واستطاعت أن توفر لنا مسكناً".

 وأضاف "لن أعود إلى بشرّي كون الخطر مازال قائمًا، وأبحث حاليًا عن بيت وعمل في طرابلس. سأعود إلى بشرّي لأخذ الأغراض التي نحتاجها فقط. عدد العائلات التي تركت البلدة بسبب الحادثة حوالي 200 عائلة سورية لاجئة".

وشدّد الأورومتوسطي على أنّ جريمة القتل التي راح ضحيتها شاب لبناني فردية وتستوجب محاسبة القاتل وإنصاف عائلة الضحية، ولكن لا يمكن القبول بأن تتحول ردّة الفعل على جريمة فردية إلى عقاب جماعي بحق اللاجئين السوريين وكل من يحمل الجنسية السورية.

وفي مقابلة أخرى أجراها المرصد الأورومتوسطي مع "كفى الفرج"، إحدى اللاجئات السوريات في البلدة قالت "يوم وقوع الجريمة كنت في البيت، وبعدها بوقتٍ قصير سمعنا أصوات تكسير وضرب قرب بيتنا، حيث حاول البعض خلع باب البيت لكنهم لم يفلحوا، ثم خرج زوجي ليخبرهم بأنه لا علاقة له بما فعله القاتل فانهالوا عليه بالضرب مع شاب سوري آخر، ثم تدخل جارنا اللبناني وأبعدهم عنه، ونمنا عنده في تلك الليلة. في اليوم التالي أتى رب عمل زوجي وأخرجنا إلى طرابلس. العائلات السورية التي خرجت من بشرّي توزعت بين القبة وطرابلس، والكثير منهم تعرضوا للضرب والتكسير".

 وأضافت "أثناء مروري بجانب مستشفى الحنان في طرابلس رأيت الكثير من السوريين الذين تعرضوا للضرب. في الحقيقة لن أعود إلى بشرّي ثانيةً، ولن آخذ أغراضي كوني خائفة من تعرضي لهجوم هناك، فضلاً عن أن أغراضي تكسرت وأصبحت غير صالحة للاستعمال".
 
ويستضيف لبنان حوالي مليونًا ونصف المليون لاجئ سوري، 950 ألفًا منهم فقط مسجلون لدى المفوضية السامية للاجئين، ولم يعد منهم إلى بلادهم طوعًا سوى نحو 2,500 لاجئ. ومنذ وصولهم إلى لبنان لم تبذل الحكومة اللبنانية جهودًا جادة لمعالجة مشاكلهم وتنظيم تواجدهم، ما جعلهم عرضةً للعديد من الانتهاكات.

قال "وضاح غجر"لاجئ سوري مقيم في بشرّي للمرصد الأورومتوسطي "بعد أن وقعت الحادثة، وعند السادسة مساءً اتصل بي كفيلي وأخبرني أنّ القاتل سوري، وطلب مني البقاء في البيت. فكّرت بالرحيل لكن عند السادسة لم يعد هناك باصات يمكن أن تقلّنا إلى طرابلس. وعند الساعة الثامنة قام البعض بالهجوم على بيوت السوريين وتكسيرها وحرق الدراجات النارية. وقد كانت أكثر الساعات صعوبة، حيث هجم بعض الشبان بيتي وضربوني على ظهري بالعصي وأنا أعاني من ديسك الظهر، ما كاد أن يتسبب لي بالشلل، ثم أتى كفيلي وساعدني بالخروج أنا وعائلتي، وأمنوا لي الطريق".

وأضاف "لجأنا إلى بلدة كفرعقا، حيث بتنا ليلتنا هناك ثمّ نزلنا إلى طرابلس. نحن الآن مشردون من بيت لآخر، فنحن غير قادرين على العودة إلى بشرّي لأننا خائفون جداً. أنا الآن أبحث عن عمل وبيت في طرابلس".

وتعيش عائلات سورية منذ نحو 13 عامًا في بلدة بشرّي، ولا توجد إحصاءات رسمية دقيقة لأعدادهم، ولكن حسب التقديرات فقد بلغ عدد العائلات السورية في البلدة من 127 إلى 150 عائلة.

وقال الناشط "محمد ضباب"، شاب سوري يعيش في طرابلس وأحد من قدم المساعدة للاجئين السوريين الهاربين من بلدة بشرّي للمرصد الأورومتوسطي "قدمت المساعدة للاجئين منذ لحظة وصولهم إلى طرابلس، حيث استطعت تأمين إقامة لبعضهم والتنسيق مع الجمعيات للمساعدة. شاهدت عن كثب أوضاع اللاجئين، حيث كانوا يعيشون في صدمة كبيرة بسبب ما حصل معهم، بالإضافة لعدم اكتراث مفوضية اللاجئين وعدم تقديم أي مساعدة لهم. الذين هربوا كانوا من كل الفئات العمرية؛ شباب وأطفال ومسنين، والأصعب من ذلك أن جميعهم تركوا بيوتهم دون أخذ أغراضهم أو أدويتهم وحليب الأطفال والحفاضات في ظل أوضاع صعبة جداً، وقد ساعدهم بعض المقتدرين ورجال الدين على تأمين إقامتهم وبعض الحاجيات الأساسية اللازمة لهم".

وأضاف "حالياً يقيم هؤلاء في بيوت مؤقتة، ويخرجون كل صباح أمام مفوضية اللاجئين بانتظار المساعدة ثم العودة ليلاً إلى البيت. الوضع في بشرّي ما زال صعباً جداً وحتى أرباب العمل والكفلاء بالرغم من حاجتهم لهم لكنهم ينصحونهم بعدم العودة في الوقت الراهن. حالياً يوجد تنسيق بين البلدية والجيش للسماح للاجئين بالعودة لأخذ أغراضهم مع التعهد بعدم الاعتداء عليهم، لكن 70٪ من السوريين يرفضون تسجيل أسمائهم لأخذ الأغراض كون أن الأغراض أصبحت غير قابلة للاستعمال".

وقال "طارق الحجار" المستشار القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي "إنّ عدم توقيع وانضمام لبنان إلى إتفاقية الأمم المتحدة عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين للتحرّر من التزاماته تجاه اللاجئين، لا يعفيه من التزامه بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي والإنساني والتشريعات والأعراف الدولية التي التزم بها وكرّسها في الدستور اللبناني، وبالتحديد في مقدمته في فقرة (ب) والتي تنص على أن لبنان :"عضو مؤسس و عامل في منظمة الأمم المتحـدة و ملتزم بمواثيقـها والإعلان العالمـي لحقوق الإنسـان وتجسّـد الدولة هذه المبادئ في جميـع الحقوق والمجالات دون إستثناء"، مؤكداً أن هذا الالتزام من شأنه تأمين الحماية اللازمة للاجئين السوريين وتأمين الحد الأدنى من الحقوق لهم بالتعاون مع المنظّمات والهيئات الدولية المختصة التي يجب أن تقوم بدورها الكامل وتتحمل مسؤوليتها في هذا المجال.

ودعا المرصد الحقوقي الدولي في نهاية بيانه السلطات اللبنانية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المتسبب في جريمة قتل الشاب اللبناني عبر المحاكمة العادلة، والعمل في ذات الوقت على ضمان أمن وسلامة اللاجئين السوريين في بلدة بشرّي، بما في ذلك حمايتهم من الأعمال الانتقامية، وحظر الممارسات التمييزية بحقهم، وكبح تصاعد خطاب الكراهية وتحميلهم مسؤولية جميع المشاكل والاضطرابات التي أصابت لبنان على جميع المستويات.

وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات اللبنانية والجهات الدولية لا سيما المفوضية السامية للاجئين على تحمل مسؤولياتها في تقديم المساعدة الضرورية للاجئين الهاربين من بلدة بشرّي، والعمل على تأمين عودتهم إلى البلدة مع توفير الحماية لهم من أي اعتداء محتمل.

اخر الأخبار