لماذا الطلاق؟

تابعنا على:   22:49 2020-11-22

ناريمان شقورة

أمد/ أثناء تصفحي لموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وإذْ بأحد المجموعات النسائية تطرح سؤالا حول ارتفاع نسب الطلاق تحديدا في السنوات الأخيرة وللفئة العمرية الأقل من ثلاثين عاماً للنساء؟؟
نعم ليس الموضوع جديدا ولا حتى الإجابات ستكون مفاجئة أو جديدة ولكن قد يكون طرأ عليها بعض الجديد بحكم كل جديد يطرأ على حياتنا، واعتقد من بين الأسباب المؤدية إلى هذا التضخم في النسب ما يلي:
- الوضع الاقتصادي المتردي برأيي عامل مهم يقود إلى الخلافات الزوجية التي قد تنتهي بالانفصال، كالبطالة من جهة، وقلة الدخل من جهة أخرى الذي يرافقه غلاء معيشي، وكثرة في الالتزامات مثل القروض والأقساط (سيارات ومدارس خاصة وأثاث منزلي وأدوات كهربائية واشتراكات كهرباء ومياه وانترنت أو إيجارات شقق، وشيكات وخلافه).
- راتب الزوجة الموظفة أو العاملة، نعم راتب الزوجة والذي بمثابة معيل رئيسي للحياة الزوجية، قد يكون سببا في الخلافات، حيث يعتبر الزوج راتب زوجته حقا كاملاً له ولمنزله، فيحاسبها أين وكيف أنفقت، ومن نقاش ومحاسبة إلى نهاية غير مرجوة.
- الجنس/ لا يمكن تجاهل هذا السبب الهام جدا في ارتفاع نسب الطلاق ولكن تحت أقنعة وأغلفة منوعة، فقد يطلب الزوج من زوجته أمورا معينة وضمن الإطار الشرعي وترفضها الزوجة بشدة ما يثير غضب الرجل، وعلى النقيض قد تكره الزوجة معاشرة زوجها لها لأي سببٍ كان مثل العنف أثناء الجماع أو التلفظ بما ترفضه هي، أو الشتم والسب، ولأسباب تتعلق بالنظافة الشخصية لكلا الطرفين أو أحدهما كالروائح الكريهة المنبعثة من الأماكن الحساسة أو الأقدام أو الأفواه أو الجلد أو الشعر حتى، ومن ناحية أخرى الضعف الجنسي لدى فئة من الرجال أيضا قد يكون سببا رئيسا وراء الانفصال حيث يترتب عليه التوتر والغضب والثورة لربط البعض الكثير من الطرفين أمر الرجولة بالقوة الجنسية.
- تدخل أهالي الزوجين في حياتهما الشخصية وإملاء ما يجب فعله وما يجب الانتهاء عنه وهو ما يختلف غالبا عما يريده الزوجان.
- الاختلاف الثقافي والبيئي والاجتماعي والتعليمي والعمري بين الزوجين، فكيف يكون لزوجة تبلغ من العمر 20 عاما نفس الاهتمامات المشتركة لزوج تجاوز الأربعين مثلا؟؟، وكيف يتفق ابن البيئة المحافظة مع ابنة البيئة المنفتحة؟؟ نعم هناك علاقات ناجحة كثيرة من بين هذه الاختلافات، فترى طبيبة تزوجت من عامل حرفي غير متعلم وبينهما سعادة، وقد نلاقي زيجات خاصة من الجيل القديم والزمن الجميل تزاوج الفرق فيها الخمسة عشر عاما وهي ناجحة، لكن باعتقادي المتواضع أنها استثناءات تحتاج إلى جلد كبير في وقتنا المعاصر وهو ما نفتقده جميعا.
- الصفات الشخصية لأطراف الزواج/ بعض الأزواج أو أحد أطراف الزواج قد يمتلك عصبية زائدة كجزء من شخصيته وعادةً الغضب يقود إلى ما لا تحمد عقباه، البخل الشديد حد الشح، أيضا هي صفة صعب أن يتقبلها الإنسان خاصة بخل الرجل الذي يمثل رب المنزل، فالبخيل يكون كذلك في كل شيء في الإنفاق والكلمة الطيبة والمشاعر، وبعض الصفات في الأنثى نفسها قد لا يتأقلم معها الرجل فتكثر الخلافات التي تذهب بالعلاقة إلى النهاية، كما ومن بين تلك الصفات التي تتسبب بالطلاق هو الشك وعدم الثقة وعدم الاحترام، فنجد بعض الرجال اعتاد أن المرأة هي المسؤولة عن الطلبات المنزلية وهي التابع الذي عليه تنفيذ القرارات التي اتخذها الزوج بشكل فردي، و.......صفات أخرى.
- الانترنت: اقتحام الشبكة العنكبوتية حياتنا وتصدرها أولوياتنا خلق الكثير من الخلافات الزوجية لما أنتجته من قضاء وقت كبير عليها من طرف الأزواج وبالتالي إهمال الشريك لشريكته والعكس أيضا، ومن ناحية أخرى تعطيل بعض الأعمال المنزلية المهمة بسبب هدر الوقت في أمور ليست ضرورية وبالتالي تراكم المشكلات.
- مواقع التواصل الاجتماعي( السوشيال ميديا): نعم نفس هذه المواقع التي قربت البعيد، وقصرت المسافات وجعلتنا في الغربة غير مغتربين كما من قبل حيث الكاميرات والاتصالات المفتوحة مع الأهل والأصدقاء طيلة الوقت بمجرد الاتصال بالانترنت، هي نفسها التي ساهمت بطريقة أو بأخرى بنشوب خلافات زوجية بدأت سطحية وتعمقت، حيث أتاحت للجميع فرص الاطلاع على حيوات الآخرين وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية، الأمر الذي جعل الكل أو الأغلبية تراقب وتطلع إلى الغير، فأصبحت الزوجة تقارن زوجها بأزواج صديقاتها وقريباتها ماذا يقدم في المناسبات! وكيف يتغزل بزوجته على الملأ! وكيف يحبها ويهتم بها في هذه المواقع! وكيف يعتني بأولاده وكيف يصطحبهم في نزه ورحلات ومطاعم و....الخ، وأيضا الزوج يطلع إلى الوجبات التي تعدها زوجات أقربائه وأصدقائه والطريقة التي تزين بها المائدة والبيت أو حتى اهتمامها بالرياضة والأناقة، وتبدأ المقارنات والعتاب والطلبات والتذمر وعدم الرضا على الحياة الحالية.
- جائحة كورونا: ربما في بعض الحالات كانت هذه الجائحة الحديثة الدخيلة على العالم كله سببا في تعارف الأب على أبنائه وزوجته الذين طالما انشغل عنهم ما بين العمل وتأمين متطلبات الحياة والخروج مع الأصدقاء ما أدى إلى ترابط بعض الأسر وتعمق العلاقات، ولكن على الصعيد الآخر فقد حدث العكس تماما، فعندما عاش الأزواج يوميا في الحجر المنزلي لأشهر سويا اكتشفوا أن من تزوجوهم أشخاص مختلفين بعد كل تلك الأعوام، لأن الخروج إلى العمل ما قبل كورونا كان يجمع الأسرة في أوقات معينة وساعات معدودة يغلب عليها التعب والانشغال ما يقلل فرص المشاكل حول تدريس وتربية الأطفال وحول التدقيق في صغائر الأمور كوضع الأشياء في أماكن معينة والترتيب وغيره، وتدخل كل طرف في الآخر من جهة ومن جهة أخرى الخوف من المرض والمجهول خلق نوعا من التوتر العصبي لدى البعض، والعصبية بسبب الاستغناء عن بعض السلوكيات مثل التنزه مع الأصدقاء والخروج إلى المقاهي، أو حتى بعض العادات مثل طلبات الطعام الجاهزة والغسيل والتجفيف خارج المنزل لبعض السيدات اللاتي وجدن أنفسهن أمام أعباء جديدة لم تكن في الحسبان جراء الإغلاق.
- نعم ربما هناك أسباب أخرى وخفية لم تخطر ببالي أثناء الكتابة، لكن الأكيد أن للطلاق تبعات سيئة لكل الأطراف خاصة في حال وجود أطفال وما يترتب على ذلك من محاكم وقضايا ومشاكل، لذلك يجب التفكير جيدا قبل الخطوة الرئيسية وهي الزواج من كل الجوانب الفكرية والثقافية والاجتماعية والأخلاقية، وإعطاء فرصة للتجربة واختبار كل طرف للآخر قبل الزواج.
- يضاف إلى ما سبق تكثيف برامج التوعية والتثقيف بالعلاقات الزوجية بهدف الحد من الخلافات وتجنب الطلاق خاصة وان الوسائل الإعلامية متعددة جدا وسهلة الوصول إلى الجميع.

كلمات دلالية

اخر الأخبار