الوحدة أساس القوة والضعف يكمن في غيابها ..!

تابعنا على:   06:58 2020-11-07

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/ الوحدة على مستوى الخلية الإجتماعية الواحدة من الأسرة وصولا إلى المجتمع المنضوي تحت سلطة واحدة وقانون واحد ومؤسسات موحدة تمثل بنيان الدولة المجتمع ...الخ.
إن غياب الوحدة عن أية مؤسسة من الخلية الاجتماعية الأولى وصولا إلى المجتمع الموحد والدولة السيدة ... لا يعني سوى شيء واحد هو (التفكك والضعف والضياع) وهنا تتناسل الأزمات والمشكلات ويستعصي حلها والخروج من دوامتها ...!
في حين تكمن القوة وكافة تجلياتها في الوحدة الراسخة على مستوى الأسرة والمؤسسة والمجتمع وصولا إلى الدولة السيدة التي تحتكم للقانون وتتحقق فيها العدالة للجميع فتتوفر فيها شروط الحرية والإبداع والمساواة .. ويتحقق الأمن والاستقرار فيها للجميع ... وهنا تنطلق عملية البناء والنمو والإزدهار وتحقيق التقدم والرفاه ...!
اذا كان ذلك بالنسبة للشعوب والمجتمعات المتحررة والمستقلة، تمثلً الوحدةُ أساسُ القوة والتقدم والنجاح، فإنها أي الوحدة بالنسبة للشعوب والمجتمعات والدول المحتلة مثل الشعب العربي الفلسطيني أكثر ضرورة وأكثر احتياجا .. إذ لا مستقبل يبنى ولا أمل يتحقق له في ظل غياب الوحدة عنه وعن أي شعب أو مجتمع أو دولة محتلة ...!
في ظل ظروف الاحتلال الصهيوني لفلسطين وما الحقه بالشعب الفلسطيني من تشتت وتشرد وقتل ودمار وضياع .. فإن أهم سلاح يجب أن يمتلكه الشعب الفلسطيني لمواجهة مثل هذا العدوان والاحتلال هو وحدته حول هدف واحد وقيادة واحدة وسلطة واحدة وقانون واحد ومؤسسة واحدة وبرنامج نضالي وكفاحي واحد ....!
لقد استطاعت الشعوب الرازحة تحت الاستعمار في القرن العشرين أن تواجه المُستعمر بوحدتها في إطار جبهة وطنية عريضة ضمت كافة ألوان الطيف السياسي وببرنامج وطني موحد، وأن تخوض كفاحها ضد المستعمر على هذا الأساس الوحدوي، وتحقق هدفها الوطني في التحرر والاستقلال وبناء الدولة المستقلة والنماذج على ذلك كثيرة في افريقيا وآسيا من الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب افريقيا ...
الشعب الفلسطيني لن يكون استثناء عن هذه القاعدة فوحدته هي أساس قوته التي يتغلب من خلالها على كل عناصر الضعف ويقوى بها على مواجهة العدوان والاحتلال والاستيطان وبها يتمكن من انتزاع حريته واستقلاله وتحقيق أهدافه الوطنية، والشعب الفلسطيني يملك من الإرادة والقدرة الشيء الكبير والكثير .. فتجربته النضالية اليوم تزيد على قرن كامل من الزمن في مواجهة الاستعمار والاغتصاب والاحتلال الصهيوني، وقد خاض غمار النضال بوسائل متعددة وحافظ على وحدته المجتمعية والنضالية والسياسية من خلال توحد قواه في اطار منظمة التحرير الفلسطينية التي مثلت الجبهة الوطنية العريضة التي ضمت في اطارها كافة القوى الوطنية والمجتمعية .. واستطاعت من خلال ذلك استعادة الهوية الفلسطينية من الذوبان والغياب وانتزعت اعتراف العالم بشرعية نضاله من أجل العودة والحرية والاستقلال وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ...!
كان ظهور حركات سياسية ذات شعارات دينية خارج أطر منظمة التحرير الفلسطينية أحدث شروخا في جسد الوحدة الوطنية الفلسطينية واتاح للعدو فرصة مهمة لإستثمار هذه الشروخ والاستقواء من خلالها على الشعب الفلسطيني ومواصلة سياسة الهضم والضم والإنكار والطمس لحقوقه الوطنية ومواصلة التوسع والاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ...!
لذا فإن المسؤولية كبيرة وبالغة تقع على كافة القوى بشكل عام ومنها القوى والفصائل التي لازالت خارج أطر م.ت.ف وأعني حركتي حماس والجهاد .. اللتان لا زالتا تقدمان ذرائع مختلفة لتبرير بقاؤهما خارج أطر م.ت.ف .. ولم تعد تلك الذرائع مقنعة لأي عاقل ولأي غيور على المصلحة الوطنية الفلسطينية ..!
وهنا يمكننا طرح السؤال على حركة حماس التي نافست على انتخابات السلطة وفازت بها عام ٢٠٠٦م ... وما تبعها من إنقلاب واستفراد في التحكم في جزء من الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع واهية بل وكاذبة كشف الواقع والزمن زيفها وسقوطها ... ولم يعد هناك ما يبرر استمرار هذا الانقلاب وما نتج عنه من كوارث على الكل الوطني وعلى مستقبل الشعب الفلسطيني ..!
اليوم بعد أن أغلقت كافة الطرق لإنهاء هذا الإنقلاب، لم يبقى إلا التوجه إلى الإنتخابات التشريعية والرئاسية ... على أن يسبقها أولا: تمكين الحكومة الفلسطينية من بسط حكمها على كامل الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة كما هو الحال في المحافظات الشمالية كي تتمكن من القيام بكافة مسؤولياتها الوطنية فيه وكي تتم الإنتخابات في أجواء طبيعية على أساس من الوحدة الكاملة ..!
ثانيا: الإلتزام من قبل كافة القوى والفصائل بالنتائج التي ستسفر عنها الإنتخابات ...
ثالثا: التزام جميع القوى والفصائل بكافة الإلتزامات التي التزمت بها م.ت.ف ودولة فلسطين مع كافة الدول والمجتمع الدولي من عضويات واتفاقيات دولية وغيرها تعزز من مكانة فلسطين على طريق إنتزاع كافة الحقوق الوطنية وإنهاء الإحتلال وإقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس ...!
كل هذا لا يتأتي إلا على قاعدة وحدة المجتمع والقيادة والبرنامج والمؤسسة والقانون الذي يحكم الجميع حكاما ومحكومين ...
فهل تدرك حركتي حماس والجهاد هذه المعاني للوحدة واستحقاقاتها في ظل تعاظم التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني قبل الولوج للخروج من حالة الإنقلاب والإنقسام والضعف والتشظي ؟!
إن الوحدة أساس القوة والإنتصار ... وإن التشظي والإنقسام أساس الضعف والإنكسار ...

اخر الأخبار