خبراء يتحدثون لـ أمد" عن موقف مصر من فتح وحماس على ضوء التحركات الأخيرة!

تابعنا على:   00:00 2020-10-18

أمد/ القاهرة - أحمد محمد: أشارت عدد من التقارير الصحفية الصادرة خلال الآونة الأخيرة في فلسطين أو ببعض من الدول العربية أن هناك ما يمكن وصفه بحالة من القلق التي تسيطر على الكثير من الأوساط الفلسطينية؛ بسبب الكثير من القضايا العالقة، سواء في الداخل الفلسطيني أو خارجه، وهي القضايا التي ستؤثر على مجرى الانتخابات الفلسطينية سواء الداخلية في الحركات، أو الفصائل، أو الانتخابات العامة المقبلة.

ومن أبرز هذه القضايا التي تمت إثارتها في الآونة الأخيرة حديث عدد من المصادر السياسية المسؤولة عن وجود ما يمكن وصفه بالتحفظ المصري على التدخل التركي في المصالحة، وهو ما بات واضحًا عقب المقال الذي نشره د. صفي الدين خربوش، الوزير المصري الأسبق في صحيفة الوطن، وهو المقال الذي انتقد فيه لجوء القيادة الفلسطينية إلى تركيا للمصالحة.

اللافت أن الكثير من الصحفيين المصريين والآراء المصرية انتقدت بالفعل هذا التوجه إلى تركيا، ويقول الكاتب الصحفي المصري محمد أبو الفضل، مدير تحرير صحيفة الأهرام والخبير في الشؤون الفلسطينية، إنه لا يعتقد أن القيادة المصرية تقلق من وساطة تركيا أو غيرها طالما في صالح القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن القلق يأتي من الانحراف عن الثوابت القومية، ومن التلاعب بمصير قضية محورية للعرب وللأمن القومي المصري، وهو ما ترفضه القاهرة التي لم تفرط في حقوق الشعب الفلسطيني أو تتاجر بها كما يفعل آخرون.

وأضاف أبو الفضل أن القضية لا تحتمل مزايدات إقليمية جديدة واستثمارها في أهداف أيديولوجية؛ لأن خصوصيتها تفرض مراعاة توازنات قوى معينة، على مستويات مختلفة، وهو ما لا تدركه تركيا جيدًا، فكل ما يهمها هو المكايدة والمتاجرة.

وقال أبو الفضل لـ "أمد" : "لا أعلم هل مصر حصلت على إجابات مقنعة من الرئيس عباس أم لا، لكن زيارة وفد فتح الشهر الماضي للقاهرة عقب عودته من إسطنبول تقول أن الحركة تفهم معنى الجغرافيا السياسية، وتعرف أهمية الدور المصري، وتعلم أن أي أدوار إقليمية من تركيا أو قطر أو غيرها لا تلغي دور القاهرة فهو مركزي ومهم لهم، وإذا فقدت فتح التعاون والتنسيق مع القاهرة فهي الخاسرة، خاصة أنها تعيش أضعف مراحلها، وتنخر بها الخلافات الداخلية، ومن مصلحتها تقليل العدوان الخارجية في هذه الاجواء.

وتابع: "أعتقد أن الذهاب إلى إسطنبول هو جزء من تصفية حسابات ضيقة لدى بعض القيادات في إطار مهمة ترتيبات وراثة قيادة الحركة بعد أبومازن".

وعما إذ كان هناك انزعاجا مصريًا من الدور التركي، قال أبو الفضل: "اذا كان هناك انزعاج مصري من الخطوة فهو يأتي من حرف حركة حماس القضية الفلسطينية عن مسارها العربي، وتسليمها بعض مفاتيحها لتركيا التي لن تتوان عن توظيفها لخدمة أجندتها سواء مع إسرائيل التي تملك معها علاجات جيدة، أو ضمن تقديراتها في المنطقة القائمة على تكتيل الأوراق الاقليمية لممارسة لضغوط على خصومها للحصول منهم على تنازلات معينة، مشيرًا إنه لا يعتقد أن أنقرة قادرة على ممارسة هذه اللعبة مع مصر؛ لأن تركيا فاقدة للبوصلة فهي تتنقل بين الملفات لمجرد استفزاز خصومها، وحماس اذا كانت تتصور أن علاقتها بتركيا ستكون مفيدة لها، أو تحدث توازنا كما تزعم فهي مخطئة، لأنها بذلك ستفقد علاقتها للقاهرة للأبد الذي صبرت عليها كثيرًا، ولدى مصر من الأدوات ما يمكنها من تركيا حماس.

وبدوره يقول د. أحمد فؤاد أنور، أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة الإسكندرية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، معلقًا على القضية، إن توجه فتح وحماس لتركيا لرعاية مباحثات مشتركة تم بناء على خواء.

وأضاف أنور في تصريحات خاصة لـ "أمد": "أن هذا التوجه يرتكز على جهود جهة نفعية بامتياز لم تقدم الكثير لجهود رأب الصدع ووقف الانقسام على مدار 13 عامًا، بل على العكس عززت ذلك الانقسام ورسخت أقدامه بتشجيع حركة حماس دعائيًا وسياسيًا في مواجهة فتح، لذا من المستغرب أن يندفع الرئيس محمود عباس أبو مازن، وراء التيار الإخواني رفع تركيا الأمر الذي من شأنه مضاعفة معاناة الشارع الفلسطيني، والمواطن البسيط بشكل يومي وخطير بسبب التمادي في تحركات من شأنها أن تؤثر بالسلب –لسنوات – على العلاقات مع أطراف عربية لا غني عنها، وكأنه استهداف لدول قررت أن تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل ولدول شجعت تلك الخطوة ورحبت بها".

 وأردف أنور : "وفي تقديري توجد مؤشرات على حنق مصري من بعض الممارسات والتصريحات، مما ينذر بسحابة صيف لن يجني من خلالها الفلسطينيون سوى مزيد من الخسائر، وهي خطوة لا تثير قلق القاهرة بقدر ما تثير شفقتها من مزايدات وتقلبات قد يكون الأجدى هو التفكير بشكل عملي لحلحلة جمود مسيرة السلام، والعمل على تشكيل وفد مشترك إماراتي بحريني فلسطيني للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي بشأن صياغة اتفاقات من شأنها تقليل خسائر الجانب الفلسطيني، وإلزام الجانب الإسرائيلي بخطوات محددة على غرار تجميد الضم، وتثبيت التجميد بشكل نهائي، ووقف الاستيطان، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين مقابل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وهو ما يمكن اعتباره في النهاية خطوة من أجل تنفيذ المبادرة العربية التي ترفضها إسرائيل منذ نحو عقدين كاملين".

واختتم أنور تصريحاته لـ "أمد" قائلًا: "أرى كذلك، أن التقارب التركي مع فتح وحماس لن يثمر سوى عن تضييق اقتصادي وسياسي على القادة الفلسطينيين، وعلى المواطنين البسطاء على حد السواء، خاصة في ظل انشغال تركيا بوقف تدهور اقتصادها وبتورطها شبه الكامل في سوريا والعراق وليبيا وأرمينيا بشكل متزامن، ومع جود معارضة قوية لسياسات أردوغان في السجون التركية، وفي المنفى، وكذلك عند الوضع في الحسبان سابق تدخل تركيا عام 2009، وكذلك وعودها الرنانة الكاذبة بشأن كسر الحصار عن قطاع غزة".

ويضيف: "يجدر بنا في النهاية أن نوضح أن الجفاء بين مصر وقادة فتح وحماس سيستتبعه بالضرورة جفاء مع أكثر من دولة خليجية مما يجر الجميع لمعارك جانبية، ويحرم رام الله بشكل خاص من مجال حيوي وأساسي للمناورة، في ظل تاريخ طويل من السجالات الاشتباكات السياسية تارة والمسلحة تارة أخرى بين فتح وحماس".

عمومًا فإن التطورات السياسية الحاصلة على الساحة الفلسطينية باتت دقيقة، الأمر الذي بات يمثل اهتمام واضحًا على مختلف الدوائر السياسية الفلسطينية.

كلمات دلالية

اخر الأخبار