الزعيم .. والتاريخ

تابعنا على:   16:45 2020-10-08

وفيق زنداح

أمد/ ونحن نقلب بصفحاته ونقرأ استخلاصاته ونعمل على التوقف قليلا لتقييم مراحله أمام بعض المحطات التي نجد فيها انفسنا امام واجب الاعتراف ... الذي يتعدى الى واجب الاعتذار .. وواجب القول .. لحقيقة كاملة ... كانت هناك العديد من محاولات تغييبها ... او تجزأتها ... او القفز عنها ... حتى تستمر رواية الخداع لأنفسنا ولغيرنا ... ان ما تم اتخاذه بمراحل سابقة من خطوات سياسية ... تعتبر مخالفة وتجاوز وانتهاك للحقوق ... وللشعارات المرفوعة منذ زمن .
ثقافة الاعتراض والنقد ... والتي تصل بمداها لدرجة التطاول والتجريح ... القذف والتشهير .. ثقافة قديمة جديدة....اعتادت الاذان عليها ... ولم تعتاد العقول على استيعابها ... لأنها ثقافة مصلحيه شخصية .... لها ارتباطاتها وحساباتها ... والتي نجد بصداها وتأثيرها ... انها معارضة صوتية ... قد تصل بمداها الى حد ممارسة الارهاب الجسدي والفكري ... كما حدث باغتيال الرئيس الراحل محمد انو السادات وهو يحتفل بانتصارات اكتوبر .

السادات الزعيم المصري .... والذي تعدى بنجوميته وزعامته حدود جمهوريته ... ليصل الى مدى اوسع واشمل .

الزعيم الراحل السادات اخذ على عاتقه بمرحلة صعبة وقاسية العديد من القرارات .. والتي لم يستطع احد اتخاذها في مثل ظروف حكمه التي عاشها وعمل من خلالها .

السادات وتولي الرئاسة المصرية بعد الزعيم جمال عبد الناصر ... لم يكن أمرا سهلا في ظل زعامة ناصر ومراكز القوى التي كانت تدعي تمسكها بالناصرية ... والذي استطاع السادات تجاوزها بحكمة وحنكة .... تميز بها دون ان يسمح لأحد بالمزايدة عليه تحت ذريعة انهم الاقرب للزعيم عبد الناصر .

الرئيس الراحل السادات والذي عمل بظروف داخلية ... قاسية ... بعد مواجهة الكثير من مراكز القوى ... والتفاف الشعب المصري من حوله.... وفر له ارضية قوة مكنته من تجاوز مرحلة النكسة والهزيمة للاستمرار بحرب الاستنزاف بقوة اكبر واقوى .

السادات وقرار الحرب في السادس من اكتوبر .. لم يكن قرارا سهلا في ظل معادلة داخلية عربية ودولية .

الا ان القرار المصري والسوري المشترك عبًر عن قرارا عربيا بضرورة ازالة اثار العدوان ... وانهاء حالة الهزيمة والدخول بحالة النصر باستخدام كافة وسائل القوة المتاحة حتى قطع النفط الذي اتخذه المرحوم الملك فيصل بحرب 73 ... ومشاركة العديد من القوى العربية .
قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس السادات ... وفر له ارضية اقوى واشمل لاتخاذ قرار السلام الاستراتيجي .

وما كاد السادات ان ينطلق بخطابه خطاب النصر الا وان قال انه مستعد للذهاب الى اخر العالم الى القدس وحتى للكنيست الاسرائيلي .

لحظة تاريخية حاسمة ومفترق طرق لم يستوعبه الجميع ... الا انها رؤية الزعيم فيما اختار وخطط واتخذ من قرارات وما تبع ذلك من اتفاقية كامب ديفيد والانسحاب وتحرير سيناء ... وما قام به السادات من سياسة الانفتاح الاقتصادي واصلاح القطاع العام الحكومي والنظام الاقتصادي الاشتراكي .

خلاصة .. خلص اليها الرئيس السادات .... وكانت تعرضه للكثير من النقد والتجريح والتشهير ... الا انه واصل طريقه ... وثبت مع الزمن صحة خطواته ... خطأ وخطيئة من انتقدوه ومن مارسوا المزايدة عليه دون اسباب مقنعة وجادة .

من وجه الانتقادات للرئيس السادات حول قرار الحرب والسلام ... وجدوا انفسهم أمام حقائق سياسية ... لا توفر لهم الكثير من الخيارات الاخرى .

خلاصة مواقف السادات تعتبر الطريق الاصلح والممكن .. الذي يمكن السير عليه .
فالزعيم ليس بما يردده الناس .. انما الزعيم من يخرج عن اطار المألوف والواقع الى افاق اوسع واشمل .

فالزعيم له رؤية استراتيجية بعيدة المدى حول العديد من الملفات والقضايا ... والتي تجعله اكثر قدرة وحكمة على الرؤية الشمولية دون الانتظار لجماهيرية مزيفة ومصفقه له .
الزعيم ... والتاريخ ... وكما فعل السادات بقرار الحرب والسلام والانفتاح الاقتصادي ... وبرغم كل ما يمكن ان يقال عن افرازات ونتائج هذا الانفتاح ... الا انه بالمجمل خطوة اقتصادية لها من نتائجها الايجابية في ظل تراكمات واعمال ومجهودات جرى ويجري العمل عليها في ظل الاصلاح الاقتصادي والتنموي وتطوير وتعزيز القدرات الجارية بالاقتصاد المصري ... وبكافة المناحي والمستويات .

الزعامة ... لها سماتها وصفاتها الشخصية والقيادية .... والتي لا يدركها العامة ... لكنها تتأكد بعد فترة وجيزة يتم تلمسها والشعور بها بالعديد من مناحي الحياة ... كما يتأكد منها المتابعين والمحللين ومراكز الدراسات الاستراتيجية .

لقد انتج التاريخ المصري الكثير من الزعامات التي ستبقى مخلدة بصفحات ومحطات التاريخ ... والتي لها ما لها ... وعليها ما عليها .. الا انها بالمجمل والاعم زعامة تاريخية كان لها من الايجابيات الكثير .

وطالما نتحدث عن زعامات مصر والتاريخ ... فان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد دخل مرحلة الزعامة التاريخية .....وتربع عليها لأنه منقذ مصر من الاخوان ... ومسقط مشروع اخونة المنطقة ... ومن عمل ولا زال يعمل على تطوير وتعزيز قدرات مصر الاقتصادية والعسكرية ... وهو من أكد ويؤكد على سياسة مصر المتمسكة بعمقها العربي الافريقي والمحافظة على الامن القومي ... وما قام به من بناء وتنمية وتطوير كانت شاهدة ومشهود عليها انها قد انجزت بفترة وجيزة وبظروف صعبة ... وبقرارات شجاعة ... تعبر عن زعامة ورؤية شمولية واستراتيجية ... لا زالت في طور فعلها وانجازها الحقيقي .
الكاتب : وفيق زنداح

كلمات دلالية

اخر الأخبار