مقابلة بندر بن سلطان.."انتقام وتحريض" من الفلسطيني وعليه!

تابعنا على:   10:14 2020-10-06

أمد/ كتب حسن عصفور/ ليس خيار الفلسطيني، أي كان موقعه، ان يذهب لحرف المعركة السياسية المركزية من مواجهة العدو القومي، الى مواجهة مع المفترض أنه العمق القومي لفلسطين القضية والشعب، أي كانت درجة الخلافات، وحتى بعض الخطايا الكارثية من هنا أو هناك.

ومسبقا أسجل، ان إدارة الرسمية الفلسطينية وخاصة الرئيس محمود عباس وبعض فريقه، لرفض اتفاق التطبيع الأخير، رغم أحقيته السياسية، خرج عن مسار الصواب ما حاولت بعض الأطراف أن تتصيد ذلك لتفتح حرب سياسية متعددة الرؤوس ضد "الفلسطيني"، بل وتصل الى حد الانحياز للرواية الإسرائيلية في معاكسة كلية للتاريخ، ليصبح "العمى السياسي" سيد المقال.

ويوم 5 أكتوبر 2020، خرج الأمير السعودي بندر بن سلطان، في مقابلة "تفصيلية" على قناة "العربية" وقدم رواية تركزت على المسألة الفلسطينية، يتضح من سياقها أنها مبنية على ضوء موقف الرئيس عباس الأخير ومن معه، قام بندر خلالها بعملية "حرف مسار تاريخ بأكمله"، بل وتزوير مواقف لخدمة موقف السعودية "الغاضب" من موقف "الرسمية الفلسطينية".

جوهر الأمر، بعيدا عن ترداد تفاصيل أحداث سياسية تاريخية، لم يكن الفلسطيني هو العقبة أمام تحقيق السلام في المنطقة، ولم يكن هو من رفض مبادرات السلام مع دولة الكيان، فتلك حركة تزوير رسمية لتاريخ، يؤدي في نهايته لخدمة "الرواية الصهيونية" على حساب الشعب الفلسطيني، خاصة في مرحلة هي الأخطر على القضية، مرحلة الضم والتهويد وتصفية التمثيل بخلق "بدائل تمثيلية" جغرافية وسياسية.

بالتأكيد، لا يوجد في التاريخ مسار ثورة أو حكم يسير في خط مستقيم، ولو الأمر جدال حول هذا سيكون الفلسطيني أقل عناصر المشهد العربي انحرافا عن ذلك، ولكن لو اريد من "محاكاة التاريخ" لفائدة سياسية مستقبلية، فتلك فقدها كليا حديث بن سلطان، بل أنه قام بعلمية تأويل غريب لمحطات كفاحية للشعب الفلسطيني، وعلاقاته العربية، وتلك نقطة تستوقف التفكير، هل الهدف تصويب المواقف أم إطلاق مواقف "انتقامية" تحدث تسميما مركزا في المشهد العام، لا رابح منه سوى عدونا القومي الذي كان وسيبقى الى حين اعترافه بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، ولن نطالب أكثر مما أقرته الأمم المتحدة، وكذلك مبادرة السلام العربية.

استحضار بندر بن سلطان لموقف الحاج أمين الحسيني ورفض التقسيم ليس قراءة في تاريخ بل تحريضا على حاضر بغلاف التاريخ، واستحضار كل محطة خلافية مع الدول العربية منذ انطلاقة الثورة، دون الحديث عن مسبباتها وزمانها، ليس سوى حركة تحريض سوداء ليس ضد الفلسطيني الراهن، بل ضد الفلسطيني زمانا وراهنا ومستقبلا، وكأنها محاولة تصفية الفلسطنة كحاضر تاريخي.

محطات تفصيلية تستحق التوقف فيما قاله الأمير بن سلطان، لكن القضية المركزية التي تستوجب الاهتمام، موقف القيادة الفلسطينية من السلام مبادرات وأفعال، وكونه كان سفيرا لسنوات طويلة ووسيطا في محطات مهمة، نعيد التذكير بأن أول مبادرة للسلام طرحها الفلسطيني هي برنامج النقاط العشر عام 1974 حيث تم وضع قيام سلطة فلسطينية فوق أراضي 67 هو الهدف المباشر، ثم إعلان ياسر عرفات التاريخي في الأمم المتحدة 1974 ومقولته التي لا يزال صداها حاضرا، يد غصن الزيتون ويد البندقية، ومطالبته ألا يسقطوا الغصن من يده، لكنهم رفضوه.

تعامل الرئيس الشهيد أبو عمار إيجابا مع مبادرة الأمير فهد للسلام* عام 1981، حيث رفضتها إسرائيل فورا في على لسان رئيس حكومتها في حينه مناحيم بيغن. وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيان جاء فيه، "إن إسرائيل ترى في الاقتراح السعودي خطة لتدميرها على مراحل، وبموجب هذا الاقتراح فإن الاعتراف بإسرائيل تبعاً لذلك ليس سوى وهم. وأن هذه الخطة تناقض اتفاقية كامب ديفيد".

وفي 1984 عقد المجلس الوطني الفلسطيني في الأردن لقطع طريق بعض العرب على مصادرة الشرعية الفلسطينية، ومع انطلاقة الانتفاضة الوطنية الكبرى 1987، بدأت حركة أمريكية لعقد مؤتمر سلام يرتكز على شطب منظمة التحرير والقدس، وبدأ مؤتمر مدريد/ واشنطن، ورغم كل شروطه الكارثية وطنيا، التي وضعتها أمريكا ووافق عليها العرب، وافقت القيادة الفلسطينية أن تكون جزءا من المؤتمر، الى أن وصلنا لاتفاق إعلان المبادئ في أوسلو 1993، حيث كان حقا "مفاجأة القرن" كأول اتفاق سياسي بين ممثلي الشعب الفلسطيني ودولة الكيان الإسرائيلي.

لكن إسرائيل اغتالت الاتفاق وليس الفلسطيني..وتواصلت المبادرات ولم يكن الرفض دوما فلسطيني، حتى جاءت مبادرة السلام العربية 2002 استنادا لمبادرة الأمير عبد الله في حينه، وافق عليها الرئيس المؤسس ياسر عرفاتـ ورفضتها فورا ولا زالت حكومة دولة الاحتلال.

وبعد أن اغتالت إسرائيل أبو عمار، وأزاحت "العقبة" من طريقها، لم تتقدم بخطوة عملية واحدة نحو تنفيذ أي مما تم الاتفاق عليه، بل بدأت في تحطيم التمثيل والكيان، والمحطات متعددة وأبرزها مؤتمر أنابوليس 2007.

أين هو الرفض الفلسطيني لجوهر السلام، ولماذا حرف المسار من تحميل إسرائيل بصفتها دولة رافضة للسلام الشامل الى الفلسطيني الذي تفاعل مع كل مبادرات الحل الشامل.

دون فتح تاريخ له وعليه، ليس للفلسطينيين وحدهم، فمن كان منكم بلا خطيئة ليرجم الشعب الفلسطيني بكل صخور الدنيا وليس بحجر، ولكن فتح النيران بما تحدث الأمير بندر بن سلطان لا يرمي لتصويب مسار بل لتدمير تاريخ ومسار أيضا.

ولكيلا تذهب الأمور وفقا لما تشتهي دولة الكيان العدو، أتمنى من الأمين العام لجماعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن يسارع فورا للقيام بمبادرة خاصة لمنع الانهيار العام، وعليه الا يقف عند بعض مما قيل ويقال، فالمسؤولية القومية تجب كل الصغائر.

ملاحظة: في ذكرى انتصار أكتوبر المجيد 1973 لمصر وجيشها نقول "تسلم الأيادي" ولشهداء الثورة الفلسطينية وسوريا والأردن فيها لروحكم السلام..ولتحضر روح النصر الأكتوبرية ثانية لحماية ما يجب حمايته مشروعا قوميا.

تنويه خاص: نصيحة للرئيس محمود عباس أوقف كل مظاهر الفوضى السياسية التي انتشرت...قف وفكر الى أين ذاهبون بما حدث... ليس هكذا تورد سبل حقوق الوطن سيادة الرئيس!

 الملفات المرفقة

اخر الأخبار