وترجل أمير الإنسانية

تابعنا على:   00:07 2020-10-02

سفيان قديح

أمد/ عند رحيل العظماء، فقط وحده الصمت من يكون له كلمة، يخيم على العالم ويرمي ظلاله على أعتابه، ربما يطول الصمت بُرهةً؛ لأنَّ رحيلَ المؤثرين يغرز في خاصرةِ التاريخ خنجراً لا يلبث أن يُدمي القلوب، يترك حزناً عميقاً وجرحاً لا يندمل. فأمثالهم لا يُمكن تعويضهم مهما طال الزمان أو قَصُر.

إنّ مواقفَ العزّةِ، والكرامةِ، والشهامة التي امتاز بها شيخ الدبلوماسية والتي كان يَطلق عليه الكويتيون هذا اللقبَ حينما كان وزيراً للخارجية.
مواقف لا تُنسى تجاه الكثير من القضايا العربية والإسلامية، مواقفٌ تُسجل في لوحةِ الشرف العالمي، وخاصةً موقفهم تجاه قضية فلسطين حيثُ جعلها قضيةً مِحوريةً ومهمةً بالنسبة لدولة الكويت ولشعبِ الكويت الشقيق.
المتتبع لتاريخ القضية الفلسطينية، يجد أنّ الكويتَ هي عُنوانٌ مهمٌ بالنسبة للقضية الفلسطينية ولدعمِ القضية مادياً ومعنوياً، فهي مهد أكبر فصيلين فلسطينيين وقِبلة كثيرٍ من الفلسطينيين منذ النكبة ومن ثم النكسة.

مواقفُ الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح لا يُمكن أن تُنسى؛ لهذا خيم الحزنُ على ربوعِ وعموم فلسطين حينما سمع الجميع لحظة وفاة الراحل الكويتي، فَنُكست الأعلامُ، وأُعلن الحداد ونعته كلُّ الأحزابِ الفلسطينية عبر جميع منابرها الاعلامية، فالراحلُ الكُويتي هو من أهم الأعمدة الداعمة للقضية الفلسطينية قولاً وفعلاً.
فمواقفُ العزِّ والشرف والقوةِ كان هو أصلها فهو صاحبُ القرارُ والكلمةُ في تَناسي الماضي وتضميدِ الجراحاتِ، وبدايةُ طَيِّ الصفحاتِ من أجلِ أن تبقى قضيةُ فلسطينَ القضيةَ الأولى للعرب والمسلمين.
فمن الدعم المادي اللامحدود حكومةً وشعباً، إلى فتحِ سفارة دولة فلسطين ومن ثم تشكيل اللجنة الفلسطينية الكويتية المشتركة لدعم الشعب الفلسطيني، وانحياز الكويت وتأييدها للقرارات الصادرة بشكل إيجابي لصالحِ القضية الفلسطينية ومساندة الكويت للفلسطينيين في قطاع غزة خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيثُ قامت الحكومة الكويتية بالإسراع وأخذ السّبق في المشاركة بعملية إعادة إعمار كثيرٍ من البيوت والمنشآت التي تم هدمها من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
ولا ننسى انبراء كثير من السياسيين الكويتيين وعلى رأسهم رئيس مجلس الامة الكويتي منصور الغانم للدفاع عن القضيةِ الفلسطينيةِ أمامَ المحافل الدُّولية في مجلسِ الأمن والأمم المتحدة، حينما التزم الجميع الصمت رفع الكويت صوته عالياً مطالبِاً برفعِ الحصار الجائر عن قطاع غزة.

وكأن اللهَ عزّ وجل أبى إلا أن يختمَ لأميرِ الكويت بكمال صفحة عزٍّ، بدأ مسيرتها قبل سبعين عاماً برفضه للتطبيع مع الصهاينة قولاً وفعلاً.
هذه مواقفُ العز التي ستُدرس للأجيال القادمة أن الكويت كان بها أميرٌ لم يقبلْ تطبيعاً مع الاحتلال الإسرائيلي، وستُورثُ هذه الوصية الأميرية لمن بعده فرحمة الله على روحك الطيبة يا فقيد فلسطين والعالمَ العربي والإسلامي الحُر.

كلمات دلالية

اخر الأخبار