التقدم في العمر

تابعنا على:   23:19 2020-09-30

غازي الخليلي

أمد/ يصادف البوم، الأول من شهر تشرين الأول اليوم العالمي للاحتفال العالمي بكبار السن (المعمرون) وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/12/1991 لإعلاء شأن كبار السن وتعميق الاهتمام بهم ورفع نسبة الوعي بمشاكلهم واحتياجاتهم، وكذلك الاحتفال بما أنجزه هؤلاء المعمرون لمجتمعاتهم والمجتمع الانساني بشكل عام.
وقد رأيت بصفتي أحد هؤلاء المعمرين الذين قاربوا الثمانينيات من أعمارهم، أن أكتب تحية إكبار وإعزاز لهذا الجيل الثمانيني وأحيي الدور الريادي الذي يقوم به منتدى الخبرات في رام الله قبل سنتين لهذه الغاية.

لم أكن أتخيل يوما أنني سأعيش هذا العمر الطويل (مواليد 21/10/1940) وأنا لا أزال أتمتع-إلى حد ما، بحيوية ونشاط وصحة جيدة. وكان ينتابني مع تقدم عمري بعض القلق أحيانا، خشية أن تغزو أمراض الشيخوخة جسدي مع مرور السنين، وأعجز عن تلبية احتياجاتي العادية لوحدي. ذلك أن الخشية من التقدم في العمر وما يرافقه من أمراض، في كثير من الأحيان، كان ولا يزال في مجتمعنا مشكلة، ويثير الكثير من القلق والتخوُّف، ليس فقط لمن هم في خريف العمر فقط، وإنما أيضا لمن هم في طور الشباب. وهذا ما كنت ألمسه لدى العديد من الشباب والصبايا الذين كنت ألتقيهم في النادي الرياضي، وأنا أرى علامات الدهشة ترتسم على وجوههم عندما يعرفون، أنني بالرغم من عمري الذي قارب الثمانين عاما، لا أزال اتمتع بحيوية ونشاط ولياقة بدنية تمكنني من السباحة والقيام بالعديد من التمارين الرياضية، ويتساءل بعضهم إن كان سيواصل حياته بهذه الحيوية مع تقدمه بالعمر.
لا شك ان هذا الخوف والقلق من التقدم في العمر، في مجتمعنا ومختلف مجتمعاتنا العربية والمشابهة، يعود بشكل أساسي إلى عاداتنا ونمط حياتنا اليومية، واعتبار أن للسن صلاحية انتهاء، حيث نصبح عندما نكبر في أجواء مثقلة بالحساسية إزاء العمر، سجناء وعبيدا لعقارب الزمن. وما يضاعف هذا الإحساس والخوف، افتقار مجتمعنا إلى العديد من وسائل الدعم والعناية بالمُعمِّرين (كبار السن) والتعامل معهم، ليس باعتبارهم ذخر مجتمعي وخزان لتجارب وخبرات راكموها خلال عملهم، يمكن الإفادة منها، وأنهم قادرون على مواصلة حياتهم العملية في مجالات عمل تطوعية ونقل خبرات وغيرها، وإنما باعتبارهم حمولة مجتمعية وعائلية زائدة ومكلفة. وما يفاقم هذا الوضع، افتقار مجتمعنا إلى الكثير من المرفقات الضرورية، التي تمكن المُعمِّرين (كبار السن) من متابعة نشاطهم وإعادة انخراطهم في الحياة المجتمعية والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم المتراكمة وتفاعلهم مع الأجيال الشابة، وتوفير كل ما يحتاجونه ويستحقونه من اهتمام واحترام وعناية، والحفاظ على كرامتهم.
لقد كانت مبادرة بلدية رام الله في العمل على إنشاء منتدى الخبرات قبل سنتين، وتجهيزه بكل ما يلزم من معدات وكادر وظيفي متقدم وذي خبرة عملية، خطوة ريادية في الاتجاه الصحيح، لاقت الاهتمام والتثمين الايجابي من كثيرين، و بخاصة في ضوء التجربة الايجابية والريادية للمنتدى خلال هاتين السنتين، وما بلوره خلالها من فعاليات وأنشطة عملية، ثقافية ورياضية وترفيهية وغيرها، استقطبت أكثر من ألف مشترك، ذكورا وإناثا، ممن أعمارهم 50 عما فما فوق، بالإضافة إلى فتح المجال للصبايا والشباب للمشاركة في أنشطة المنتدى المختلفة، وخلق مجالات للتفاعل وتبادل الخبرات بين الأجيال، وفتح مجال عضوية مناصرة للجيل الشاب.
لا شك ان المنتدى على ضوء التجربة العملية خلال السنتين الماضيين، شكل أحد المعالم البارزة في الحياة المجتمعية في رام الله، وأشعر أن مشاركتي في المنتدى أضفت على حياتي المزيد من الحيوية والنشاط، ووفرت لي مساحات جديدة للتعرف على أصدقاء جدد، والتفاعل وتبادل الآراء معهم، والقيام بنشاطات وأعمال مشتركة، بددت أي شعور بالعزلة والوحدة، التي يعاني منها عادة معظم كبار السن في مجتمعنا. كما عمقت إحساسي بأن التقدم في العمر، مهما طال له بهجته وميزته الايجابية، طالما لم ينل من قدرة الانسان على مواصلة حياته بفرح وأمل وحب، وعلى العمل والعطاء لإعلاء قيم الحق والعدالة والخير والجمال في عالمنا.
والسؤال الذي يراودني دائما، هل ستشكل تجربة منتدى الخبرات الناجحة، عامل تحفيز للمجالس البلدية الأخرى أو للجهات المسؤولة المعنية في السلطة الوطنية والمجتمع المدني لتعميم هذه التجربة والمبادرة إلى إنشاء العديد من المرافق الضرورية لتنشيط الحياة المجتمعية والنشاطية للمعمرين (كبار السن) في مختلف المحافظات.
أقول ذلك في ضوء ما تشهده فلسطين من تحسن ملحوظ في معدلات البقاء على قيد الحياة منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي، حيث ارتفع معدل توقع البقاء على قيد الحياة بمقدار 6-8 سنوات خلال العقدين الماضيين، إذ ارتفع من 67 عاما، إلى 72.9 عاما للذكور و75.2 للإناث عام 2019، ومن المتوقع ارتفاع هذا المعدل خلال السنوات القادمة. وبلغ عدد المعمرين (من هم 60 عاما فما فوق) 257.151 فردا، بما نسبته نحو 5% من إجمالي السكان عام 2019، ومن المتوقع أن تبدأ هذه النسبة في الارتفاع بعد منتصف العقد القادم "التوزيع النسبي للسكان في فلسطين منتصف العام 2019، الإحصاء الفلسطيني".
في ضوء ذلك، بات من الضروري أن تبادر الجهات السلطوية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى العمل الجاد لتعميق الاهتمام والعناية بكبار السن وتعميق الوعي المجتمعي والانساني للعناية بهم وتأمين احتياجاتهم العملية، وأشير بهذا الخصوص بمناسبة اليوم العاملي لكبار السن (المعمرون) والذي يصادف الأول من شهر تشرين الأول من كل عام، أن تبادر المؤسسات الحكومية والأهلية والأسر والأفراد الى تعميق تعاونها لتوفير ما يساعد كبار السن على مواصلة حياتهم بكل ثقة وحب واحترام، وتوفير المرافق الملائمة لتلبية احتياجاتهم من خدمات صحية وترفيهية وغيرها.
وفي النهاية أوجه تحية إكبار وإعزاز إلى كل من تقدم في عمره، وما زال قادرا على العطاء والعمل، وأخص بالذكر، الثمانينيون منهم. وكما يقول المثل: يموت الانسان مرة ويعيش كل يوم.
التقدم في العمر

بقلم: غازي الخليلي
يصادف البوم، الأول من شهر تشرين الأول اليوم العالمي للاحتفال العالمي بكبار السن (المعمرون) وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/12/1991 لإعلاء شأن كبار السن وتعميق الاهتمام بهم ورفع نسبة الوعي بمشاكلهم واحتياجاتهم، وكذلك الاحتفال بما أنجزه هؤلاء المعمرون لمجتمعاتهم والمجتمع الانساني بشكل عام.
وقد رأيت بصفتي أحد هؤلاء المعمرين الذين قاربوا الثمانينيات من أعمارهم، أن أكتب تحية إكبار وإعزاز لهذا الجيل الثمانيني وأحيي الدور الريادي الذي يقوم به منتدى الخبرات في رام الله قبل سنتين لهذه الغاية.

لم أكن أتخيل يوما أنني سأعيش هذا العمر الطويل (مواليد 21/10/1940) وأنا لا أزال أتمتع-إلى حد ما، بحيوية ونشاط وصحة جيدة. وكان ينتابني مع تقدم عمري بعض القلق أحيانا، خشية أن تغزو أمراض الشيخوخة جسدي مع مرور السنين، وأعجز عن تلبية احتياجاتي العادية لوحدي. ذلك أن الخشية من التقدم في العمر وما يرافقه من أمراض، في كثير من الأحيان، كان ولا يزال في مجتمعنا مشكلة، ويثير الكثير من القلق والتخوُّف، ليس فقط لمن هم في خريف العمر فقط، وإنما أيضا لمن هم في طور الشباب. وهذا ما كنت ألمسه لدى العديد من الشباب والصبايا الذين كنت ألتقيهم في النادي الرياضي، وأنا أرى علامات الدهشة ترتسم على وجوههم عندما يعرفون، أنني بالرغم من عمري الذي قارب الثمانين عاما، لا أزال اتمتع بحيوية ونشاط ولياقة بدنية تمكنني من السباحة والقيام بالعديد من التمارين الرياضية، ويتساءل بعضهم إن كان سيواصل حياته بهذه الحيوية مع تقدمه بالعمر.
لا شك ان هذا الخوف والقلق من التقدم في العمر، في مجتمعنا ومختلف مجتمعاتنا العربية والمشابهة، يعود بشكل أساسي إلى عاداتنا ونمط حياتنا اليومية، واعتبار أن للسن صلاحية انتهاء، حيث نصبح عندما نكبر في أجواء مثقلة بالحساسية إزاء العمر، سجناء وعبيدا لعقارب الزمن. وما يضاعف هذا الإحساس والخوف، افتقار مجتمعنا إلى العديد من وسائل الدعم والعناية بالمُعمِّرين (كبار السن) والتعامل معهم، ليس باعتبارهم ذخر مجتمعي وخزان لتجارب وخبرات راكموها خلال عملهم، يمكن الإفادة منها، وأنهم قادرون على مواصلة حياتهم العملية في مجالات عمل تطوعية ونقل خبرات وغيرها، وإنما باعتبارهم حمولة مجتمعية وعائلية زائدة ومكلفة. وما يفاقم هذا الوضع، افتقار مجتمعنا إلى الكثير من المرفقات الضرورية، التي تمكن المُعمِّرين (كبار السن) من متابعة نشاطهم وإعادة انخراطهم في الحياة المجتمعية والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم المتراكمة وتفاعلهم مع الأجيال الشابة، وتوفير كل ما يحتاجونه ويستحقونه من اهتمام واحترام وعناية، والحفاظ على كرامتهم.
لقد كانت مبادرة بلدية رام الله في العمل على إنشاء منتدى الخبرات قبل سنتين، وتجهيزه بكل ما يلزم من معدات وكادر وظيفي متقدم وذي خبرة عملية، خطوة ريادية في الاتجاه الصحيح، لاقت الاهتمام والتثمين الايجابي من كثيرين، و بخاصة في ضوء التجربة الايجابية والريادية للمنتدى خلال هاتين السنتين، وما بلوره خلالها من فعاليات وأنشطة عملية، ثقافية ورياضية وترفيهية وغيرها، استقطبت أكثر من ألف مشترك، ذكورا وإناثا، ممن أعمارهم 50 عما فما فوق، بالإضافة إلى فتح المجال للصبايا والشباب للمشاركة في أنشطة المنتدى المختلفة، وخلق مجالات للتفاعل وتبادل الخبرات بين الأجيال، وفتح مجال عضوية مناصرة للجيل الشاب.
لا شك ان المنتدى على ضوء التجربة العملية خلال السنتين الماضيين، شكل أحد المعالم البارزة في الحياة المجتمعية في رام الله، وأشعر أن مشاركتي في المنتدى أضفت على حياتي المزيد من الحيوية والنشاط، ووفرت لي مساحات جديدة للتعرف على أصدقاء جدد، والتفاعل وتبادل الآراء معهم، والقيام بنشاطات وأعمال مشتركة، بددت أي شعور بالعزلة والوحدة، التي يعاني منها عادة معظم كبار السن في مجتمعنا. كما عمقت إحساسي بأن التقدم في العمر، مهما طال له بهجته وميزته الايجابية، طالما لم ينل من قدرة الانسان على مواصلة حياته بفرح وأمل وحب، وعلى العمل والعطاء لإعلاء قيم الحق والعدالة والخير والجمال في عالمنا.
والسؤال الذي يراودني دائما، هل ستشكل تجربة منتدى الخبرات الناجحة، عامل تحفيز للمجالس البلدية الأخرى أو للجهات المسؤولة المعنية في السلطة الوطنية والمجتمع المدني لتعميم هذه التجربة والمبادرة إلى إنشاء العديد من المرافق الضرورية لتنشيط الحياة المجتمعية والنشاطية للمعمرين (كبار السن) في مختلف المحافظات.
أقول ذلك في ضوء ما تشهده فلسطين من تحسن ملحوظ في معدلات البقاء على قيد الحياة منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي، حيث ارتفع معدل توقع البقاء على قيد الحياة بمقدار 6-8 سنوات خلال العقدين الماضيين، إذ ارتفع من 67 عاما، إلى 72.9 عاما للذكور و75.2 للإناث عام 2019، ومن المتوقع ارتفاع هذا المعدل خلال السنوات القادمة. وبلغ عدد المعمرين (من هم 60 عاما فما فوق) 257.151 فردا، بما نسبته نحو 5% من إجمالي السكان عام 2019، ومن المتوقع أن تبدأ هذه النسبة في الارتفاع بعد منتصف العقد القادم "التوزيع النسبي للسكان في فلسطين منتصف العام 2019، الإحصاء الفلسطيني".
في ضوء ذلك، بات من الضروري أن تبادر الجهات السلطوية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى العمل الجاد لتعميق الاهتمام والعناية بكبار السن وتعميق الوعي المجتمعي والانساني للعناية بهم وتأمين احتياجاتهم العملية، وأشير بهذا الخصوص بمناسبة اليوم العاملي لكبار السن (المعمرون) والذي يصادف الأول من شهر تشرين الأول من كل عام، أن تبادر المؤسسات الحكومية والأهلية والأسر والأفراد الى تعميق تعاونها لتوفير ما يساعد كبار السن على مواصلة حياتهم بكل ثقة وحب واحترام، وتوفير المرافق الملائمة لتلبية احتياجاتهم من خدمات صحية وترفيهية وغيرها.
وفي النهاية أوجه تحية إكبار وإعزاز إلى كل من تقدم في عمره، وما زال قادرا على العطاء والعمل، وأخص بالذكر، الثمانينيون منهم. وكما يقول المثل: يموت الانسان مرة ويعيش كل يوم.
التقدم في العمر

بقلم: غازي الخليلي
يصادف البوم، الأول من شهر تشرين الأول اليوم العالمي للاحتفال العالمي بكبار السن (المعمرون) وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/12/1991 لإعلاء شأن كبار السن وتعميق الاهتمام بهم ورفع نسبة الوعي بمشاكلهم واحتياجاتهم، وكذلك الاحتفال بما أنجزه هؤلاء المعمرون لمجتمعاتهم والمجتمع الانساني بشكل عام.
وقد رأيت بصفتي أحد هؤلاء المعمرين الذين قاربوا الثمانينيات من أعمارهم، أن أكتب تحية إكبار وإعزاز لهذا الجيل الثمانيني وأحيي الدور الريادي الذي يقوم به منتدى الخبرات في رام الله قبل سنتين لهذه الغاية.

لم أكن أتخيل يوما أنني سأعيش هذا العمر الطويل (مواليد 21/10/1940) وأنا لا أزال أتمتع-إلى حد ما، بحيوية ونشاط وصحة جيدة. وكان ينتابني مع تقدم عمري بعض القلق أحيانا، خشية أن تغزو أمراض الشيخوخة جسدي مع مرور السنين، وأعجز عن تلبية احتياجاتي العادية لوحدي. ذلك أن الخشية من التقدم في العمر وما يرافقه من أمراض، في كثير من الأحيان، كان ولا يزال في مجتمعنا مشكلة، ويثير الكثير من القلق والتخوُّف، ليس فقط لمن هم في خريف العمر فقط، وإنما أيضا لمن هم في طور الشباب. وهذا ما كنت ألمسه لدى العديد من الشباب والصبايا الذين كنت ألتقيهم في النادي الرياضي، وأنا أرى علامات الدهشة ترتسم على وجوههم عندما يعرفون، أنني بالرغم من عمري الذي قارب الثمانين عاما، لا أزال اتمتع بحيوية ونشاط ولياقة بدنية تمكنني من السباحة والقيام بالعديد من التمارين الرياضية، ويتساءل بعضهم إن كان سيواصل حياته بهذه الحيوية مع تقدمه بالعمر.
لا شك ان هذا الخوف والقلق من التقدم في العمر، في مجتمعنا ومختلف مجتمعاتنا العربية والمشابهة، يعود بشكل أساسي إلى عاداتنا ونمط حياتنا اليومية، واعتبار أن للسن صلاحية انتهاء، حيث نصبح عندما نكبر في أجواء مثقلة بالحساسية إزاء العمر، سجناء وعبيدا لعقارب الزمن. وما يضاعف هذا الإحساس والخوف، افتقار مجتمعنا إلى العديد من وسائل الدعم والعناية بالمُعمِّرين (كبار السن) والتعامل معهم، ليس باعتبارهم ذخر مجتمعي وخزان لتجارب وخبرات راكموها خلال عملهم، يمكن الإفادة منها، وأنهم قادرون على مواصلة حياتهم العملية في مجالات عمل تطوعية ونقل خبرات وغيرها، وإنما باعتبارهم حمولة مجتمعية وعائلية زائدة ومكلفة. وما يفاقم هذا الوضع، افتقار مجتمعنا إلى الكثير من المرفقات الضرورية، التي تمكن المُعمِّرين (كبار السن) من متابعة نشاطهم وإعادة انخراطهم في الحياة المجتمعية والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم المتراكمة وتفاعلهم مع الأجيال الشابة، وتوفير كل ما يحتاجونه ويستحقونه من اهتمام واحترام وعناية، والحفاظ على كرامتهم.
لقد كانت مبادرة بلدية رام الله في العمل على إنشاء منتدى الخبرات قبل سنتين، وتجهيزه بكل ما يلزم من معدات وكادر وظيفي متقدم وذي خبرة عملية، خطوة ريادية في الاتجاه الصحيح، لاقت الاهتمام والتثمين الايجابي من كثيرين، و بخاصة في ضوء التجربة الايجابية والريادية للمنتدى خلال هاتين السنتين، وما بلوره خلالها من فعاليات وأنشطة عملية، ثقافية ورياضية وترفيهية وغيرها، استقطبت أكثر من ألف مشترك، ذكورا وإناثا، ممن أعمارهم 50 عما فما فوق، بالإضافة إلى فتح المجال للصبايا والشباب للمشاركة في أنشطة المنتدى المختلفة، وخلق مجالات للتفاعل وتبادل الخبرات بين الأجيال، وفتح مجال عضوية مناصرة للجيل الشاب.
لا شك ان المنتدى على ضوء التجربة العملية خلال السنتين الماضيين، شكل أحد المعالم البارزة في الحياة المجتمعية في رام الله، وأشعر أن مشاركتي في المنتدى أضفت على حياتي المزيد من الحيوية والنشاط، ووفرت لي مساحات جديدة للتعرف على أصدقاء جدد، والتفاعل وتبادل الآراء معهم، والقيام بنشاطات وأعمال مشتركة، بددت أي شعور بالعزلة والوحدة، التي يعاني منها عادة معظم كبار السن في مجتمعنا. كما عمقت إحساسي بأن التقدم في العمر، مهما طال له بهجته وميزته الايجابية، طالما لم ينل من قدرة الانسان على مواصلة حياته بفرح وأمل وحب، وعلى العمل والعطاء لإعلاء قيم الحق والعدالة والخير والجمال في عالمنا.
والسؤال الذي يراودني دائما، هل ستشكل تجربة منتدى الخبرات الناجحة، عامل تحفيز للمجالس البلدية الأخرى أو للجهات المسؤولة المعنية في السلطة الوطنية والمجتمع المدني لتعميم هذه التجربة والمبادرة إلى إنشاء العديد من المرافق الضرورية لتنشيط الحياة المجتمعية والنشاطية للمعمرين (كبار السن) في مختلف المحافظات.
أقول ذلك في ضوء ما تشهده فلسطين من تحسن ملحوظ في معدلات البقاء على قيد الحياة منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي، حيث ارتفع معدل توقع البقاء على قيد الحياة بمقدار 6-8 سنوات خلال العقدين الماضيين، إذ ارتفع من 67 عاما، إلى 72.9 عاما للذكور و75.2 للإناث عام 2019، ومن المتوقع ارتفاع هذا المعدل خلال السنوات القادمة. وبلغ عدد المعمرين (من هم 60 عاما فما فوق) 257.151 فردا، بما نسبته نحو 5% من إجمالي السكان عام 2019، ومن المتوقع أن تبدأ هذه النسبة في الارتفاع بعد منتصف العقد القادم "التوزيع النسبي للسكان في فلسطين منتصف العام 2019، الإحصاء الفلسطيني".
في ضوء ذلك، بات من الضروري أن تبادر الجهات السلطوية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى العمل الجاد لتعميق الاهتمام والعناية بكبار السن وتعميق الوعي المجتمعي والانساني للعناية بهم وتأمين احتياجاتهم العملية، وأشير بهذا الخصوص بمناسبة اليوم العاملي لكبار السن (المعمرون) والذي يصادف الأول من شهر تشرين الأول من كل

كلمات دلالية

اخر الأخبار