لماذا كل هذا يا سودان من الازمات الى الابتزاز والخنوع

تابعنا على:   10:42 2020-09-24

ناصر شبات

أمد/ السودان اصبح بلدا يعيش في عمق الفقر جراء الفساد المستشري في المؤسسة المدنية والعسكرية منذ اكثر من ثلاث عقود ، خيم على حياته الظلم والاحباط والاستبداد والصراعات العرقية والمذهبية حتى الانقسام والفصل وخسارة وركن من جغرافيته ، السودان الغني بالخصاب اصبح بلدا يحتد فيه الخراب في فترة تبدلت ونهضت فيها شعوب ودولا كثيرة ، فمن خراب المؤسسات والبيئة والسياسة والعسكر الى ضعف في مقومات النهوض ، لا شيء يعطيك الامل لتأتي جائحة الكورونا لتفتك به وبشعبها في ضل شبه انهيار للمؤسسة التعليمية والصحية التي من الممكن ان تحمي هذا البلد ، والان تجتاحه الفيضانات التي دمرت مساحات واسعة من الاراضي والمساكن وقتلت العديد من السكان ، بلد انعدمت في المشروعات وفرص العمل واكلت منه ويلات الحروب والنزاعات الداخلية والمحيطة به ، كل ذلك وضع السودان الجديد بعد عام من الثورة التي رأى فيها الكثير من المفكرين والكتاب نموذجا للانهاء مرحلة امتدت عقود من الزمن الملتهب والاستنزاف المشوه لمقدراته ، وضلت الازمات تفتك وتفتك به الى ان اصبح السودان الان في وضع غير مؤهل او قادر ان يقول فيه لا وهو بعيدا عن استثمار طاقة شعبه وموارده الزراعية ، وهذه الا ، غابت في ضل الحصار الممتد عليه ووضعه في قائمة الدول الارهابية وعزوف العديد من الدول العربية من مد يد العون له ومساعدته للصمود امام كل المحاولات التي ترغب بالاستفراد به ، لقد انفتحت دول الخليج عليه ، منها الامارات ولها حساباتها التي تستغلها في استجلاب مقاتلين مرتزقة ، سودانيين براتب لمناصرتها في حرب اليمن مستغلة بذلك اوضاع السودان وحاجته للمال وكذلك السعودية وقطر وكلا له اجندته ومشروعه المرتبط بالادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني ، هذا البلد الذي انطلقت منه

( ال لاات العربية في زمن المد القومي العربي ) في عهد الخالد جمال عبد الناصر وجعفر النميري وغيرهم ، ففي اللحظة التي رسم فيها نموذجا رائعا للثورة التي تطالب بالتغير الجذري والتي التفت حولها الجماهير السودانية بأتحاداته وأئتلافاته الديمقراطية ، جاء الانتقال الديمقراطي الغير متوقع والالتفاف على مطالب الثورة والشعب الفقير التي قدم التضحيات في سبيل بناء نظام ديمقراطي يحمي الوطن والانسان الى المجلس السيادي الانتقالي الذي انحرف عن كل الاهداف وانزلق نحو الانفتاح التدريجي مع الاحتلال الصهيوني قبل ان ينفتح مع جيرانه العرب وحتى الاوروبين والامريكان على اعتبار ان هناك من يقوم بدورهم بالوكالة ، هذا المجلس الممثل برئيسه البرهان والذي التقى رئيس الاحتلال الصهيوني في اوغندا مبكرا والتقى بالامريكان ايضا قبل ان يعيد علاقاته بثقة افضل مع محيطه العربي وخاصة تلك الدول التي ممكن ان لا تبتزه كالجزائر ومصر بالتحديد ، لقد قدم البرهان حجته على انه يريد ان يخرج بالسودان لبر الامان ودخل يبحث عن المال مقابل التطبيع ، اي نحو الاذلال والخنوع اكثر وتسليم السودان لاعداء الشعوب العربية ، يبدو اننا امام مشهد سلوكي لا يختلف عن بن زايد وغيره ، اي مال واي تنمية واي دعم ممكن ان يجعلك تنزلق هذا الانزلاق يا برهان ، ان السودان لم يكن حتى في عهد البشير هكذا ، ولماذا ذهبت لهذا الطريق الهالك ، لقد تركت حاضنتك العربية وحاضنتك الافريقية وظهرت كالطفل المسكين الغلبان يتيم الابوين ومقطوع النسل يبحث عن من يعطف عليه ، ليس هكذا تبنى الاوطان يا برهان وليس هكذا يتم بناء الانسان يا برهان ولا ولن يسمح لك الوطن بان تضع مستقبله على المحك في سابقة لم تحدث بالتاريخ ، حين تختلف على الرقم المالي ونوع المساعدات التي تقدم للسودان ، لا اعتقد ان قيمة الهيمنة على السودان والتطبيع يتم تحديدها بثلاث مليار دولار في حين انك توهم نفسك وشعبك بان الاحتلال الصهيوني ان طبعتم معه سوف يساعدكم ذلك بجلب الخير لكم من رفع صفة الارهاب الى المال دون ان تعلم انك وقعت في خطأ كبير يقول انك لا تعلم بان كل شعوب العرب في نظر الامريكان والاحتلال الصهيوني ارهابيون ، ويبدو ان البرهان ليس وليدة تشكيل المجلس الوطني الانتقالي ، بل هو حالة تراكمية للنظام الفاسد و بحاجة الى قراءة وتفكير ، لان الاهتمام الذي يحضى به لا يوحي بانه جاءة لقيادة هذه المرحلة الاكثر فسادا في السودان وهو الذي سوف يشرف على تنفيذها للصالح الامريكي والصهيوني انه من ابناء تلك المرحلة التي قسمت السودان جغرافيا والمسؤولة عن الصراعات والنزاعات التي خطفت الالاف السودانيين وطفشت الملايين من شعب السودان ، انه حدد علاقاته بمحور سوف يكون فيه اكثر تبعية واكثر تنازلا وخنواع وتخلي عن دوره القومي والعربي ، هذا الذي سوف تضغط عليه دولة الاحتلال الصهيوني والادارة الامريكية نحو مزيدا من الذبح و الابتزاز والخنوع بارخص الاثمان ، ولا اعتقد ان السودان سوف يؤثر في المصالح الامريكية ولا الصهيونية وخاصة في الانتخابات لانه لم يظهر بالقوة التي تدافع فيها ايران عن مصالحها ولا تركيا ولا مصر ولا الجزائر ، ولا فنزولا ودولا كثيرة ، فهذا الغرور والنفاق ( التطبيع ) الذي يمارسه البرهان بانه سيأتي بالخير والرفاه والفرص والنهوض للسودان كما يبرر يشكل وهم وجهل في معرفة المستقبل والحقيقة التي تمثلها الادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني من قتل وفاشية وظلم للشعوب ، السودان الذي اصبح بحاجة لضرورات الحياة اليومية وللسلم الاهلي والشعبي واعادة الامل له ولمستقبله لا يتم المساومة عليه بهذه الرخاصة يا برهان ولا يباع السودان بهذه الطريقة يا احد ركائز الفساد والتقسيم في جغرافية السودان واستنزافه لعشرات السنوات في نزاعات داخلية ومع دول الجوار ، فانت من فرض قانون الغاب والان انت من يفرض قانون البيع بابخس الاثمان واهمها الاذلال والخنوع !! ايها السودان الحبيب ، لن يجلب لكم اتفاق الابراهيمي الذي يلوث سمعة الانبياء الموقع بين الامارات الذليلة والبحرين الاكثر ذلا غير التبعية والفساد والظلم والاستبداد الابشع ، لذلك ان مواقع السودان لا تستقيم الا في مسار وطريق الحرية والديمقراطية والتنمية الذاتية واعادة تاهيل الانسان والمواطن السوداني في محيطه العربي ، لان الرهان على محور التطبيع وترامب لا يعني الا مزيدا من هلاك السودان .

كلمات دلالية

اخر الأخبار