على "مَن" و"ماذا" تعتمد قطر؟

تابعنا على:   20:11 2020-09-07

عماد الدين أديب

أمد/ ما هي خطة قطر للتأثير الاستراتيجي في ملفات التوتر الإقليمية من الآن حتى معرفة اسم الرئيس الأمريكي المقبل بعد 61 يوماً؟

التحرك القطري يعتمد على ذراعين رئيسيتين: الأولى أمنية والثانية سياسية.

الذراع الأمنية تتولاها -بالوكالة - تركيا، أو بالأصح نظام رجب طيب أردوغان.

الذراع السياسية تعتمد على اللوبي القطري في مؤسسات التأثير الرئيسية في واشنطن وعدة ولايات أمريكية ذات تأثير على بعض قوى مجلسي الشيوخ والنواب.

أما على المستوى الإعلامي، فإنه يمكن رصد 82 وسيلة ما بين قنوات إذاعة وتليفزيون ومواقع وشركات دعاية وصحف ونشرات مخصصة حول العالم، تمهد وتدعم وتسوق للتنسيق الأمني والسياسي بشكل محموم.

ويتحمل الصندوق السيادي القطري منذ العام 1998 عبء التمويل والإنفاق السخى على كل هذه الأنشطة الأمنية والسياسية والإعلامية.

وتركيبة النظام فى قطر تقوم على معادلة هى أن أسرة لا تزيد على 500 شخص فيها تيار نافذ من 30 شخصاً تتركز فيه السلطة بين 4 أشخاص -على أقصى تقدير- يديرون ثروة تزيد على 320 مليار دولار، لدولة ترتيبها الثالث فى إنتاج الغاز الطبيعى، لشعب يبلغ أكثر من 420 ألف نسمة، يعيشون على مساحة لا تزيد على 11 ألفاً وخمسمائة وستة وثمانين كم، تمتد 160 كم شمالاً فى الخليج العربى، وهى على هيئة شبه جزيرة تتصل براً بالسعودية وتجاور الإمارات والبحرين وإيران.

هذه التركيبة تجعل العقل السياسى فيها يفكر فى إدارة غير تقليدية لتعظيم القوة لدولة ذات مساحة محدودة وعدد سكان ضئيل مقارنة بمحيطها الجغرافى.

يقوم المشروع القطرى على استخدام الدول والوسائل والأدوات الممكنة لإضعاف القوى الإقليمية المحيطة، بحيث يبرز، بعد إضعاف هذه القوى، الدور القطرى.

المشروع يقوم على فكرة زرعها شيمون بيريز فى أول لقاء له مع الأمير الأب الشيخ حمد آل ثاني، وهى: (فلتكن قطر هى نموذج مصغر «لإسرائيل الخليج» بمعنى: دولة صغيرة فى محيط معادٍ من جيرانها، لكنها محصنة وقوية بتركيبة تحالفات دولية.

من هنا ليس غريباً أن تكون قطر صاحبة استضافة أهم قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، في الوقت ذاته الذى ترتبط فيه باتفاقيتين أمنيتين مع تركيا وإيران.

خلاصة المشروع القطري تقوم على فلسفة «إضعاف الكبير فى المنطقة، سوف يصب -حتماً- لصالح صعود المشروع القطري».

فى الذراع الأمنية تستأجر قطر القوى العسكرية التركية (القوة رقم 12 في الترتيب العسكري) والعضو المهم فى حلف الأطلنطي.

ويقول مصدر قريب من ملفات العلاقة القطرية التركية «إن الدوحة تقوم بتمويل الآلة العسكرية التركية لتنفيذ الإرادة السياسية القطرية، التي ما كان يمكن لها أن تضطلع بها نظراً للعدد السكاني والموقع ومحدودية القدرة العسكرية لديها». يقول هذا المصدر «العلاقة بين تركيا وقطر مثل أن تستأجر شركة مالية كبرى شركة حراسة، وفى هذه الحالة فإن قطر تستخدم دولة إقليمية قوية للعب دور «البودي جارد» للمصالح القطرية فى المنطقة.

لذلك كله لا يمكن فهم تحركات تركيا فى المنطقة عسكرياً إلا من خلال التنسيق والتمويل القطري.

بالنسبة للمشروع السياسي، تؤمن قطر، حسب نصائح شركات التسويق السياسي الكبرى التي تستأجرها، أن الرهان يجب أن يكون على التأثير فى الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها ولعدة عقود مقبلة هي اللاعب الأساسي والفعال فى السياسة الدولية، وفى الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

وحذرت شركات التسويق قطر من الوقوع فى الخطأ التقليدي من أن يتم التركيز على «تقوية الصلات والعلاقات مع الرئيس الأمريكي وحده، أو فى البيت الأبيض كمؤسسة بمفردها، ولكن يتعين التركيز على التأثير فى نواب وشيوخ لولايات نافذة ومؤثرة فى الوزن الانتخابي والفاعلية السياسية داخل واشنطن».

وفى مجال التأثير على «جذور» المجتمع الأمريكي ككل دون واشنطن وحدها قامت الدوحة بالآتي:

1- هي الدولة الخارجية الوحيدة التي منحت التعليم على مراحله المتعددة أكثر من مليار دولار أمريكي فى 7 سنوات.

2- قامت بدعم مشروعات استثمارية في ولايات «وازنة سياسياً» مثل تكساس وكارولينا الشمالية من ناحية ثقل التصويت والكتلة الشعبية.

3- قامت قطر بخطة منظمة فى دعم مشروعات داخل ولاية كارولينا الشمالية لصالح دعم السيناتور المؤثر جداً «ليندسى جراهام»، الذى تولى الدفاع عن المصالح القطرية بعد الحصار، وقاد حملة الهجوم على الرياض عقب حادثة خاشقجى!!

4- استعانت قطر بشخصيات مؤثرة ونافذة فى استشارات وتسجيل ممثلين أجانب لها وفق نظام «فارا» من الذين يتولون عملية إدارة «لوبى» البلد المعنى فى واشنطن بترخيص رسمى قانونى.

وعند بداية المقاطعة العربية ضد قطر سارعت الدوحة بنشاط محموم وميزانية مفتوحة فى عمليات التعاقد مع شركات العلاقات العامة والتسويق السياسى لعقود طويلة لدعم أفكارها ومصالحها من ناحية، ولمنع تعاقدها مع سفارتى السعودية والإمارات بواشنطن!

وبعدها بأيام تعاقدت قطر مع المدعى العام السابق «جون أشكروفت» المستقيل من إدارة ترامب، وأحد أهم كبار منظمى حملته الرئاسية عام 2016، ومنحته دفعة تعاقد فورية 2.5 مليون دولار.

وتعاقدت قطر أيضاً مع «نيك موزن» وهو أحد أكبر المحركين السياسيين للتيار الموالى لترامب فى الحزب الجمهورى، والذى قام بدوره بتعبئة 250 شخصية رئيسية فى الحزب لصالح الدفاع عن قطر داخل الإدارة الأمريكية.

5- وفتحت قطر أبوابها لمراكز الأبحاث السياسية الرئيسية فى واشنطن كى تقيم فروعاً لها بالدوحة مقابل دعم مالى سنوى سخى للغاية.

6- نظمت قطر زيارات دائمة لشخصيات إعلامية وسياسية مؤثرة من خلال برنامج طموح تم اختيار ضيوفه بعناية.

وأكثر القصص تأثيراً هى ما صرح به «مايك هاكابى» المرشح الجمهورى للرئاسة والإعلامى المحافظ المعروف حينما كتب عقب عودته: «عدت من زيارة استغرقت عدة أيام لدولة قطر المدهشة العصرية التى فاجأتنى بجمالها وضيافتها». (بلا تعليق).

7 - تعتبر قطر أكبر متبرع للشئون الإنسانية المحلية الأمريكية، وتشارك دائماً فى تقديم المساعدات المالية والعينية لضحايا السيول أو البراكين أو الفيضانات، وآخر دعم لها كان لدعم أبحاث الكورونا فى الولايات المتحدة.

وهكذا تؤمّن قطر وجهة نظرها فى لعبة التأثير الإقليمي من خلال 5 ركائز:

1- قاعدة أمريكية.

2- قوات حفظ الأمن من تركيا.

3- اتفاقات أمنية مع إيران وتركيا.

4- دور فعال داخل المؤسسات الأمريكية.

5- أدوات إعلامية فى الدوحة وإسطنبول والعواصم الأساسية فى العالم.

من هنا نوضح أن كل هذه الأدوات سوف تسقط في الفترة المقبلة التي ستكون فيها إدارة ترامب منكفئة على ملف الانتخابات الرئاسية.

من هنا نفهم علو الصوت الإعلامي المعادي وهيستيريا التحركات العسكرية التركية المتحدية للعالم وآخرها مناورات «عاصفة شرق المتوسط».

عن الوطن المصرية

كلمات دلالية

اخر الأخبار