وهم القوة "الأردوغاني"

تابعنا على:   11:22 2020-09-01

د. حسن مدن

أمد/ تستعدي تركيا الجميع من حولها، عرباً كانوا أو غير عرب، فهي تحارب في سوريا والعراق وليبيا، ولا أحد يعلم ما إذا كانت في جعبة أردوغان بلدان عربية أخرى هدفاً تالياً له. وتنهج تركيا نهجاً عدوانياً مستفزاً مع مصر، مهددة أمنها القومي عبر البوابة الليبية، وتتدخل في الشؤون الداخلية لتونس عبر مطيتها هناك «حركة النهضة» بزعامة الغنوشي، وإلى ذلك فإنها على شفير مواجهة يمكن أن تندلع في أي لحظة، مع اليونان وقبرص وحتى فرنسا، بسبب تماديها في انتهاك حدود المياه الإقليمية لجيرانها.

تركيا التي كانت قريبة من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أضحت بسبب سياسات رئيسها أبعد ما تكون عن أوروبا، وتثير هذه السياسات نقداً وامتعاضاً واسعين في عواصم أوروبية عدة.

ما الذي يحمل أردوغان على هذا التمادي في فتح جبهات التوتر مع كل من هم حول بلاده، أو حتى بعيدين عنها كما هو حال ليبيا وتونس مثلاً؟ وألا يتورع عن خوض الحروب في أكثر من بلد في الآن ذاته، بصور شتى، جاعلاً من تركيا بلداً موتِّراً للإقليم، وعاملاً أساسياً من عوامل اضطرابه وعدم استقراره؟ ليس السبب سوى وهم القوة المستحوذ على ذهن أردوغان الراغب في استعادة إمبراطورية بغيضة، قاومتها الشعوب التي بلغت أراضيها.

على صلة بسؤالنا هذا، نطالع في صحيفة «أوراسيا ديلي» لقاء مع مختص روسي في الشؤون التركية هو فلاديمير أفاتكوف، الأستاذ المساعد في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية، الذي يرى أن طموحات أردوغان الإقليمية والعالمية، تفوق إمكانات تركيا ومواردها في الواقع.

وينطلق الرجل بحقيقة هي أن النخبة الحاكمة داخل تركيا، تعاني فعلاً انخفاض شعبيتها، بسبب المشكلات الاقتصادية، وفيروس «كورونا» والأهمية المتزايدة لأحزاب المعارضة الجديدة، لذلك تسعى هذه النخبة إلى شدّ صفوف الناخبين المحافظين وحشدهم، من خلال خطوات مثل تحويل المتاحف إلى مساجد، وتعميم الوهم بأن تركيا هي مركز العالم الإسلامي.

تركيا ليس فقط لا تمتلك الموارد الكافية لكي تصبح قوة عالمية كما يتوهم «سلطانها» الجديد، وإنما أيضاً لا تفهم، ومن وجهة نظر الباحث أفاتكوف «فإن القوة العالمية هي القوة التي تراها القوى الأخرى عالمية. ومن أجل ذلك، عليها أن تكون قادرة على تحمل مسؤولية مصير المنطقة ومصير العالم. ومن أجل تحمل المسؤولية، ينبغي عدم اتباع سياسة المواجهة، وإنما سياسة تأخذ في الاعتبار توازن القوى وتوازن الإمكانات وتوازن المصالح».

عن الجليج الإماراتية

اخر الأخبار