المفاجآت المتوقعة والقرارات الصعبة

تابعنا على:   11:00 2020-08-24

نبيل فهمي

أمد/ القاهرة: قال وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي، إن صيف 2020 هو فصل "المفاجآت المتوقعة" في العالم العربي، الذي شهد انفجار مرفأ بيروت، وتوصل الإمارات لاتفاق مع إسرائيل برعاية أميركية.

وأضاف فهمي في مقال نشره يوم الإثنين في صحيفة "اندبندنت عربية": "ففي شهر أغسطس (آب) وحده ‏‏فزعنا ‏من التفجير المدوي في ميناء بيروت، ‏وهنا كانت المفاجأة في حجم التفجير، وليس في التفجير ذاته، باعتبار أن الأوضاع اللبنانية الإقليمية والداخلية، كانت تمثل البارود الموضوع بجوار المتفجرات، التي ستنتهي حتماً بالانفجار"، منوها أنه 'وضع يستدعي فحصاً دقيقاً ومصارحة كاملة، أقدمهما لاحقاً في مقال آخر".

وتابع فهمي: "قبل تخطي منتصف نفس الشهر صدر الإعلان عن توصل دولة الإمارات العربية إلى اتفاق مع إسرائيل تحت رعاية أميركية، لتطبيع العلاقات بينهما، يصاحبه قرارٌ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتعليق قراره السابق بضم مزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية.

وقال فهمي، إن الإعلان شكل المفاجأة المتوقعة الثانية للشهر ذاته، ‏حيث عكس تطوراً رسمياً وعلنياً جديداً في العلاقات العربية الإسرائيلية على الساحة الخليجية، مستدركا: "إنما لم يكن غريباً أو فريداً، بل إنه كان متوقعاً أيضاً".

واشار إلى أن اتصالات إسرائيلية عربية، وخليجية علنية عديدة مع عمان والبحرين، وأرسلت الإمارات مساعدات للفلسطينيين عبر المطارات الإسرائيلية قد سبقت الأعلان.

ولفت فهمي، سبق أن صرح المسؤولون الإماراتيون، ‏أنه قد آن الأوان لتغيير منهجية المقاطعة العربية لإسرائيل بمنهجية تفاعل، واشتباك عربي إسرائيلي سعياً لتحقيق المصالح العربية عامة، وإنهاء ‏الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وحفاظاً على الحقوق العربية، وعلى رأسها إقامة دولة وطنية فلسطينية بجوار إسرائيل على ‏الأراضي المحتلة عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين.

‏وقال: أجد لزاما أن اسجل مرة إنني لست من مؤيدي خطة ترمب المسماة بـ"صفقة القرن"، وإنني غير متفائل أننا سنشهد تغيراً في الموقف الإسرائيلي، أو في ممارساتها، بخاصة أن تجارب التفاوض معها عبر السنين أثبتت أنها لا تقدم على السلام، إلا ‏تحت ظروف جيوسياسية ضاغطة، مثلما شاهدنا في أعقاب حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وتسعى دائماً إلى تفرقة العرب والتعامل معهم فرادى، عندما يكون توازن القوة في مصلحتها، ولا تقدم على خطوة إيجابية رداً على ما يقدم عليه الآخرون، والدليل على ذلك تجاهلها ‏مبادرة السلام الصادرة عن القمة العربية لعام 2002، التي عكست استعداداً عربياً للسلام الشامل، والتطبيع مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة.

وأردف فهمي قائلا: "‏لست متفائلاً حتى من التزام إسرائيل ما تعهدت به لدولة الإمارات، خصوصاً وقد أكد ‏نتنياهو أن قرار ضم الأراضي الإسرائيلية لا زال قائماً، ليقيني أن التحفظ الأميركي في هذا الصدد، لافتا أنه ليس على مبدأ الضم المخالف للقانون الدولي، وإنما على توقيت اتخاذ إسرائيل للقرار.

وأكد كنت ولا زلت أفضّل أن تُتَّخذ خطوات التطبيع العربي بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية، أو على الأقل مع التوصل إلى اتفاق حول ذلك، يكون محل التنفيذ والتطبيق.

واوضح فهمي، أتفهم عدم ارتياح الإخوة الفلسطينيين للتطورات الجديدة، رغم أنها كانت واضحة، وعلى الأبواب منذ فترة، إلا أن الإدانة والشجب، وتحويل النزاع إلى عراك عربي، لا يفيد الحق العربي أو يضيف إليه، ويرفع الحرج عن المحتل الإسرائيلي، ويسلط الأضواء على الخلافات العربية بدلاً عن المخالفات الإسرائيلية.

وبين فهمي، أنه فضلاً عن أن الخطوة الإماراتية الجديدة هي في النهاية قرار سيادي رسمي لدولة عربية شقيقة، اتُّخِذ بعد تقييمها وتقديرها لموقف دقيق، شمل مواءمة اعتبارات إقليمية ودولية عديدة، في ضوء ما يحمل في طياته من مجازفة ومخاطرة، مشيرا إلى أنه علينا التعامل مع هذا القرار باحترام، حتى إذا لم يكن خيارنا المفضل أو رأيناه على غير هوانا.

وأضاف: ‏أعتقد أنه لا مكان، أو مجال لإضاعة الوقت والجهد في المبالغة، وفي التشنج في توجيه الاتهامات غير المجدية بين الدول والأطراف العربية،‏ أو حتى في تبادل التهنئة، وتضخيم حجم الإنجاز.

ورأى فهمي أنه من الأفضل للجانب الفلسطيني والعالم العربي بلورة خطة تحرك للأشهر القادمة، من خلال إجراء ‏ما يسمى بالهندسة العكسية للمبادرة العربية للسلام الصادرة لعام 2002، مع الاحتفاظ بهيكل مفهومها الأساسي، وذلك بأن العلاقات الطبيعية العربية الإسرائيلية، هي نتيجة منطقية للحل الشامل.

اخر الأخبار