الصفقة والضم واحتدام الصراع حولهما

تابعنا على:   14:10 2020-08-07

خالد صادق

أمد/ كل الخيارات مفتوحة أمام الفلسطينيين لمواجهة ما تسمى بصفقة القرن وسياسة الضم الاستعماري, فقد نقلت الإذاعة العبرية العامة الثلاثاء، عن مصدر أميركي وصفته بأنه رفيع المستوى، قوله إنّ واشنطن تواصل العمل والتقدم في الطريق التي رسمها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي طرح مخطط «صفقة القرن» التي تجسد رؤية الولايات المتحدة للسلام بين (الكيان الصهيوني) والفلسطينيين، نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول، كشف الأربعاء، أن أطرافا عدة، تتواصل مع القيادة الفلسطينية والكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية لإعادة عملية السلام المتوقفة بين الجانبين منذ عام 2014. وأكد العالول استعداد الجانب الفلسطيني «للجلوس مع أي كان، لكن لا يمكن أن نقبل على الإطلاق على طاولة البحث بأي شيء له علاقة بخطة السلام الأمريكية المعروفة باسم (صفقة القرن) أو مشاريع الضم الإسرائيلية», وهذا الموقف الذي عبر عنه العالول لا يمكن الرهان عليه طويلا, فالسلطة يسيل لعابها عندما تسمع أي دعوة للعودة للمفاوضات حتى وإن كانت مفاوضات عبثية لا طائل من ورائها, ذلك لأن السلطة لا تؤمن باي خيار سوى خيار التسوية, وكل تهديداتها التي توجهها لإسرائيل والادارة الامريكية والمجتمع الدولي ودول عربية بالتوافق والالتقاء مع حركة حماس, وتنظيم مهرجان مشترك, تهدف بالأساس للضغط لأجل العودة للمفاوضات وهو ما عبر عنه القيادي بفتح اشرف العجرمي, وعبر عنه وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ لصحيفة امريكية .

بنيامين نتنياهو وبحسب الإذاعة العبرية، أدلى بتصريحات الاثنين، خلال القسم المغلق لجلسة كتل «الليكود «البرلمانية في الكنيست، التي أعلن خلالها أن «الكرة الآن بأيدي الأميركيين». وفيما حظي نتنياهو بدعم مطلق من السفير الأميركي في تل أبيب، ديفيد فريدمان، إلا أنّ خلافاً داخل الإدارة الأميركية، وتحديداً بين جناح فريدمان وصهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، أفشل محاولات نتنياهو بالشروع بمخطط الضم. وحسب صحيفة «ماكور ريشون» المحسوبة على التيار الاستيطاني قال مسؤول أميركيّ مطلع على تفاصيل مخطط الضمّ إن «أحداً لا يهتمّ بالضم» الآنّ، وأضاف «لم يتصل بنا أحد (من الإسرائيليين) ونحن لم نتصل بأحد» ويبدو أن «إسرائيل تنتظر الآن تحديد موقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب», وهو الامر الذي أصاب الاسرائيليين بالقلق بعد أن شعروا ان ترامب بدأ يضع الشروط والعراقيل امام تنفيذ مخطط الضم الاستعماري, لكن مصدراً رسمياً في البيت الأبيض ذكر للصحيفة أنهم مستمرّون في العمل على «خطة ترامب للسلام»، «ولا قرار نهائيًا حتى الآن حول الخطوات المقبلة». وبحسب ما نقلت الصحيفة عن «مجلس المستوطنات» أن الاحتلال الإسرائيلي عرض على الولايات المتحدة في آخر اجتماع حول الضمّ، نهاية حزيران/ يونيو الماضي، ضمّ كل المستوطنات «وفقط المستوطنات، بدون المحاور والمناطق المحيطة بها»، لكن الأميركيين أصرّوا على معرفة ما الذي ستقدّمه إسرائيل في المقابل, قبل الشروع في تنفيذ مخطط الضم الاستعماري.

الواضح من كل ما سبق أن الادارة الامريكية تصر على تنفيذ مخطط الضم الاستعماري, والمضي قدما بما تسمى بصفقة القرن, لكنها في نفس الوقت لا تريد اثارة الشارع الفلسطيني والعربي والاسلامي, والدخول في مزاد من التصريحات المتبادلة مع الدول الاوروبية والمؤسسات الدولية, وهى تريد ان تمضي بمخططها بهدوء بعيدا عن أي ردات فعل عنيفة قد تدفع ثمنها «اسرائيل», خاصة بعد تقديرات بحتمية اندلاع انتفاضة في وجه الاحتلال وبدء جولة مواجهة عسكرية مع غزة, التي أعلنت أن الضم يساوي «اعلان حرب», وهو ما أخذته «اسرائيل» على محمل الجد, وأوصلته للإدارة الامريكية, لذلك فإن المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وأحد عرّابي «صفقة القرن قال لإذاعة الجيش العبرية إن الحكومة الاسرائيليّة إن أرادت أن تنفذ الضم «وفق ’صفقة القرن’، فعليها تخصيص أراض لدولة فلسطينيّة مستقبليّة». ونحن نعلم ان الحكومة مشغولة الآن بتفشي كورونا وبالتحديّات الاقتصاديّة «لكنني واثق عندما تفعل ذلك (تطبّق الخطة)، فستفعل ذلك بالتنسيق مع الإدارة الأميركيّة» وأضاف أن «مسار السلام» سيشكل خلال الأشهر المقبلة «تحديًا كبيرًا». ومن الواضح ان تصريحاته تشير إلى الخلافات الحادة داخل الإدارة الأميركيّة حول الضمّ، بحسب ما نشرت «نيويورك تايمز»، الشهر الماضي. إلا أن المسؤولين الأميركيّين والإسرائيليّين ينقسمون حول سؤال مركزي، هو: هل احتمال الضمّ يشكل ضمانة لإشراك الفلسطينيين في مفاوضات حول «صفقة القرن» أم أن الخطة أصلا هي مجرّد ستار للضم؟ لكن الصحيفة توجز أن الخلاف بينهما ليس على الضمّ نفسه، إنما على التوقيت, بينما لا زال الفلسطينيون يضغطون على السلطة لإقناعها بالتحلل من قيود الاتفاقيات, والتوافق على برنامج وطني لمواجهة مخطط الضم الاستعماري واسقاطه, وليست الضغط لأجل العودة لمسار التسوية الهزيل.

اخر الأخبار