هزة أرضية تضرب الجالية اليهودية في أمريكا

تابعنا على:   19:15 2020-07-25

أحمد عيسى

أمد/ وصفت وكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتدبرس مقالة البروفيسور اليهودي الأمريكي المعروف بيتر بينارت والتي حملت عنوان (يافني: حالة يهودية للمساواة في إسرائيل-فلسطين) المنشورة بتاريخ 7/7/2020 في صحيفة (Jewish Currents) بالهزة الأرضية، وذلك لما أحدثته هذه المقالة من ردود أفعال من قبل مؤيدين ومعارضين لما ذهب اليه بيرنات في ورقته، ولا زالت هذه الردود تحتل مساحة واسعة في وسائل الإعلام الأمريكية المكتوبة والمرئية والمسموعة، فضلاً عن احتلالها مساحة أوسع في وسائل التواصل الإجتماعي لا سيما تويتر.

في الواقع ليست هذه المرة الأولى التي ينادي فيها أحد المثقفين اليهود بالدولة الواحدة، إذ هناك تيار فكري واسع في أوساط اليهود ينادي بهذا الحل، صحيح أن هذا التيار لا زال هامشياً في الساحة الفكرية والسياسية الإسرائيلية ولا تأثير يذكر له على صناعة السياسة الإسرائيلية، لا سيما بعد أن هيمن عليها اليمين القومي الديني بزعامة نتنياهو، حيث كان المؤرخ اليهوي المعروف آلان بابيه قد وسم هذا التيار بتيار ما بعد الصهيونية، إلا أن هذه المرة الأولى التي يعلن فيها شخص بوزن وحجم بيتر بينارت بأن حل الدولتين لم يعد ممكناً، وأن الحل الوحيد الممكن هو حل الدولة الواحدة التي تتساوى فيها حقوق اليهود والفلسطينيين، مما أحدث هذه الهزة وخلق هذه الضجة في الأوساط السياسية والأكاديمية الأمريكية خاصة في أوساط النخبة اليهودية الأمريكية.

فمن هو بيتر بينارت؟

هو مواطن أمريكي يهودي في العقد الخامس من العمر، يحمل درجة علمية متقدمة وهو أستاذ الصحافة في جامعة New York City  ويعمل في صحيفة Jewish Currents اليهودية في نيويورك، ويكتب في عدة صحف أمريكية أخرى مثل نيويورك تايمز وول ستريت جورنال ونيوريببلك، ونيويورك تايمز، ونيويورك ريفيو، كما أنه يعمل محلل سياسي في تلفزيون CNN، وله كثير من الكتب والمؤلفات، ويستدعي كثيراً من قبل اللوبي اليهودي الداعم لإسرائيل (الإيباك) والكونجرس لمحاثات خاصة، ودائم الحضور تقريباً في المحاضرات والندوات والمناظرات التي تنظمها الجامعات وكبرى الصحف الأمريكية خاصة صحيفة وول ستريت جورنال.

ويعتبر الرجل من الأشخاص المُلهمين في أمريكا، ويتميز بسعة إطلاعه وثقافته وصدقه في التعبير عن أفكاره وإخلاصه لهذا الأفكار، وكان الصحفي الأمريكي اليهودي فيليب ويس عبر مقال له على مووقع موندويس الإلكتروني نشر بتاريخ 22/7/2020 قد شبهه بالصحفي ولتر كرونكايت المذيع في القناة التلفزيونية الأمريكية CBS الذي لمع نجمه في أواسط الستينات والسبعينات، حيث كان يوصف "بالرجل الأصدق في أمريكا"، والذي صارح الشعب الأمريكي بعد عودته من فيتنام العام 1968 بقوله "الجيش الأمريكي لا يصنع النصر في فيتنام"، وكان بينارت قد كتب في العام 2010 على صفحات نيويورك ريفيو أن يهود أمريكا لا يحققوا النصر على الفلسطينيين، بل فشلوا وسقطوا أخلاقياً في ذلك نتيجة لمواصلتهم دعم الإحتلال الإسرائيلي.

يصنف بينارت نفسه بأنه صهيوني ليبرالي، ويحظى بدعم وتأييد نسبة عالية من الأمريكان الشباب اليهود وغير اليهود، إذ درج هذا الشباب على إرتداء قمصانا خلال مناظرات وندوات بينارت كتب عليها عبارة (جيش بينارت)، ويرى بينارت وفقا لورقته أن الدولة الواحدة لم تعد هدف للشباب الفلسطيني فحسب، بل أصبحت هدفاً للشباب الأمريكي كذلك.

أسس بينارت دعوته للدولة الواحدة وفقاً لقناعته أن الصهيونية لم تدع قط لدولة يهودية بل دعت بالمقابل لوطن آمن لليهود، وإسرائيل بوضعها الحالي لا توفر هذا الوطن، والدولة الواحدة التي يحظى فيها اليهود بحقوق متساوية مع الفلسطينيين توفر هذا الوطن، ولإثبات ذلك إستشهد بينارت بنماذج مثل بلجيكا وكندا التي يعيش فيها قوميات وإثنيات مختلفة بأمن وسلام.

أحدثت مقالة بينارات هذه هزة أرضية على حد وصف وكالة اسوشيتد برس، لا زالت إرتداتها تتوالى حتى الآن في أوساط النخبة الأمريكية بما في ذلك اليهودية، وكان البعض من المدافعين عن إسرائيل أمثال ألان دشويتز قد وصف بينارت بالنازي، حيث كتب في تغريدة له على تويتر لا سيما بعد مقالة بينارت الثانية التي نشرها بتاريخ 8/7/2020 في صحيفة نيويورك تايمز وأعلن فيها مغادرته حل الدولتين.

وفي تغريدة له على صفحته الخاصة في تويتر كتب بينارت أن إستبعاد الصوت والرأي الفلسطيني عن الإعلام الأمريكي شوه الفهم الأمريكي للفلسطينيين ومطالبهم وجعل من السياسية الأمريكية سياسة لا إنسانية، الأمر الذي لن يساعد اليهود على صناعة النصر في فلسطين.

اخر الأخبار