الخطابات وحدها لن تنتزع الحرية والاستقلال

تابعنا على:   21:26 2020-07-24

فيصل أبو خضرا

أمد/ بعد ثلاثة أسابيع على إعلان أمين سر حركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاوروي في مؤتمر صحفي مشترك عن نية الحركتين فتح صفحة جديدة وتوحيد الجهود في مواجهة المخططات التي تستهدف شعبنا وحقوقه المشروعة وفي مقدمتها مخطط الضم وصفقة القرن، والتقدم نحو استعادة وحدتنا الوطنية وإنهاء الانقسام، حيث استبشر شعبنا خيرا بهذا الإعلان وطالب كثيرون بالبدء بترجمة هذا الإعلان على الأرض، تم الإعلان قبل أيام عن قرب إقامة مهرجان  وطني خطابي كبير في غزة قبيل عيد الأضحى المبارك، ربما كخطوة من خطوات التقارب.

وخلال هذه الأسابيع الثلاثة فقط واصلت إسرائيل عدوانها السافر على شعبنا سواء عبر مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي المحتلة وإقامة المزيد من المستعمرات وتوسيع المستعمرات القائمة بآلاف الوحدات السكنية وهدم المنازل الفلسطينية سواء في القدس او باقي انحاء الضفة الغربية او عبر تنفيذها مزيدا من حملات الدهم والاعتقال حيث اعتقل المئات من ابناء شعبنا خلال هذه الفترالبسيطة، بما في ذلك رجال دين ومحافظ القدس وحراس من المسجد الأقصى وإبعاد الكثيرين عن الأقصى أو مواصلة تنفيذ مخططات تهويد القدس بالإعلان عن اكثر من مخطط تهويدي تحت وقرب الأقصى وفي مختلف انحاء المدينة واغلاق العديد من المؤسسات المقدسية وحرمان الكثيرين من الوصول للمدينة المقدسة، عدا عن مواصلة الحصار الجائر على قطاع غزة واستمرار فرض شروط جائرة على اسرانا مما ادى لاستشهاد بعضهم واصابة آخرين بالأمراض، وخوض اخرين لاضرابات عن الطعام في مواجهة تعسف السجان الإسرائيلي، وغيره الكثير من الانتهاكات المتواصلة حتى اللحظة، عدا عن اعتداءات المستعمرين اليومية على المدنيين ومزروعاتهم وممتلكاتهم. 

كل ذلك جرى  خلال ثلاثة اسابيع ولا يزال يجري حتى اليوم، وكل ما صدر عن قوانا الوطنية على اختلافها مجرد بيانات شجب واستنكار لم تقدم ولم تؤخر ولم تردع هذا الاحتلال الغاصب او تدفعه للتراجع قيد أنملة.

جرى كل ذلك ولا يزال يجري ونحن لا زلنا ننتظر من زعمائنا الأفاضل من "فتح" و"حماس" وكافة الفصائل ترجمة إعلانهم الى خطوات على الأرض، توصل رسالة واضحة لهذا الاحتلال وللمجتمع الدولى رسالة واضحة بأن شعبنا لن يقف مكتوف الأيدي ازاء كل هذه الجرائم وسيهب هبة رجل واحد دفاعا عن وجوده وحقوقه وارضه ومستقبل أجياله.
 إلا انه وللأسف وحتى اللحظة لم نر اية بشائر حقيقية بهذا الاتجاه سوى تصريحات وبيانات تتحدث عن نوايا او شعارات تطلق في الهواء دون رصيد.

والأغرب من ذلك انه وبعد الإعلان عن هذا المهرجان الخطابي  يخرج علينا حازم قاسم، احد الناطقين باسم حماس، امس الاول بتصريحات لإذاعة صوت الاقصى يقول فيها ان " تفاصيل المهرجان الوطني في غزة مازالت قيد الدراسة والبحث والاتصالات مستمرة مع فتح وسيعقد لقاء قيادي آخر مع فتح خلال أيام."! ويضيف "نتمنى أن تكون السلطة جادة هذه المرة بالتوجه نحو الوحدة الوطنية خاصة بعد وصول مسارها نحو التسوية الى طريق مسدود." و "لن نسمح للسلطة ولا لغيرها بأن يخترق موقف الاجماع الوطني الرافض لمخططات الضم." و " لو كان خيار السلطة نحو اللقاء الوطني خيار المضطر سنعمل على تثبيته وتصليبه حتى يصبح التوجه الثابت لدى السلطة." وهي تصريحات غريبة عجيبة فيها من التشكيك والاتهام لفتح التي يقول  حازم قاسم نفسه ان " جهود حماس منطلقة من استراتيجيتها بتوسيع كل القواسم المشتركة بينها وبين حركة فتح لضم كل الجهد الفلسطيني في مسار واحد لمواجهة مخططات الضم الاستعمارية." فهل بمثل هذه اللغة يمكن توسيع القواسم المشتركة مع "فتح"؟ وهل تنسجم مثل هذه التصريحات مع الأجواء التي يفترض ان تسبق المهرجان المذكور؟! علما ان السلطة الفلسطينية هي أول من رفض صفقة القرن وقاطع لإدارة الأميركية وأول من رفض مخطط الضم فكيف يسمح قاسم لنفسه بالقول:" لن نسمح للسلطة ولا لغيرها بأن يخترق موقف الاجماع الوطني الرافض لمخططات الضم."
للأسف هذا الكلام أقل ما يقال فيه انه مهاترات في غير محلها ولا تنسجم مع نوايا الوحدة او النضال المشترك  او تعزيز القواسم المشتركة.

إنها لوحة سريالية ، سواء مثل هذه التصريحات التي تعكر الأجواء او مجرد الاكتفاء بمهرجان خطابي حتى الآن وهو ما يدرك الجميع انه لن يردع إسرائيل عن مواصلة عدوانها، رغم اننل لسنا ضد اقامة هذا المهرجان لو جاء في سياق برنامج وخطوات اكثر جدية في مواجهة التحدي الحقيقي الذي يواجهه شعبنا والمخاطر الماثلة امامنا، فالخطابات والنوايا وحدها لن تصد هذه المخاطر ولن تنتزع حريتنا واستقلالنا.

اخر الأخبار