حرية التعبير والعقد الاجتماعي والإفراج عن الموقوفين

تابعنا على:   12:46 2020-07-24

جهاد حرب

أمد/ يمثل الحق بحرية التعبير والتجمع السلمي أحد أهم المبادئ الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني، وهي جزء من فلسفة العلاقة بين الحاكم المحكومين في العقد الاجتماعي القائم على التفاهم بين المواطنين بتوكيل جزء منهم "سلطة حاكمة" بغية تنظيم العلاقة بينهم لضمان العيش المشترك لا بغية حجر حريتهم أو إلغاء روح هذا العقد القائم على الحرية؛ فحرية التعبير أساس هذه الحرية، بمنعها الواسع للفرد.

ان توقيف الحكومة الأسبوع الفارط عددا من المواطنين على خلفية الوقفة الاحتجاجية في مدينة رام الله، وبغض النظر عن رفض المؤسسة الأمنية طلب إقامتها من قبل القائمين على هذه الوقفة بسبب "حالة الطوارئ" القائمة التي طال أمدها، وبغض النظر عن المخالفة لهذا القرار إلا أن مسألة التوقف تثير مسألة جوهرية تتعلق بممارسة الحق الأصيل بحرية التعبير بالأشكال المختلفة بما فيها التظاهر وتنظيم الوقفات الاحتجاجية.

في ظني ان الحكومة الثامنة عشر قد أخطأت في توقيف هؤلاء "النشطاء" وفي استمراره لما فيه من تجاوز للالتزامات التي وضعها رئيسها بإشاعة جو من الحرية والإشعاع الديمقراطي من ناحية، ولأن التوقيف هو عقوبة سالبة للحرية لا يجوز اتخاذها كإجراء في قضايا الرأي وحرية التعبير من قبل جهات إنفاذ القانون من ناحية الثانية، وبغض النظر عن الادعاءات التي ساقها المحتجون ومدى دقة ما تم إثارته من قبل بعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي حري بالجهات الرسمية التحقيق فيها من ناحية ثالثة، فيما التوقيف والحجز في مثل هكذا قضايا "حرية التعبير والتجمع الاحتجاجي" تترك للمحاكم بعد النظر في سلامة الإجراءات المتخذة من قبل المنظمين حسب قانون الاجتماعات العامة والقرار بقانون بشأن حالة الطوارئ، أو بعد الانتهاء من الحكم بعدم دقة الادعاءات بشبهات فساد في مثل هذه الحالة، وفقا لمعايير المحاكمة العادلة، والا بات التوقيف عقوبة انتقامية تمارسها السلطة الحاكمة وتعسفا في استخدام السلطة.

إن حكومة حساسة للظروف الاقتصادية والاجتماعية الناشئة عن وباء كورونا واثاره، والتحديات القائمة بسبب الممارسات الاحتلالية وفي مقدمتها عدم تحويل أموال المقاصة التي زادت من حدة الازمة الاقتصادية والاجتماعية مما يشي بالانفجار أو يقربه بالضرورة تمتنع عن القيام ما يثير الرأي العام. كما أن حكومة مستجيبة لمطالب المواطنين وتطلعاتهم بالضرورة تسير باتجاه أكثر انفتاحا وشفافية لتغيير انطباعاتهم العالية بخصوص "الفساد". وفي كلا الحالتين أي الحكومة الحساسة والحكومة المستجيبة لا تسير في طريق الاعتقال والحجز أو منع حرية التعبير، بل تسعى الى مزيد من الحوار والانفتاح لتنظيم آليات العمل في هذه المسألة للتعاطي مع مطالب المواطنين واحتجاجاتهم وانطباعاتهم من جهة، ولتجاوز الأزمة الناجمة عن ضغوطات الحكومة الإسرائيلية وجائحة كورونا بالشراكة والتضامن بما يعزز ثقة المواطنين بالمؤسسة العامة من جهة ثانية. وذلك للحد من فرص الانفجار، وللحفاظ على جذوة مقاومة الاستعمار الإسرائيلي وأطماعه الكولونيالية.  

إن أي خطوة سليمة لمعالجة مسألة التوقيف القائمة لعدد من المواطنين "الحراكين" المنظمين للوقفة الاحتجاجية الأسبوع الفارط والإسراع في الإفراج عنهم ووقف تحويلها إلى مسألة رأي عام، تتطلب سلامة الإجراءات والحرص على صحتها من الناحية الإجرائية، وضمان حق المواطنين في حرية التعبير بما فيه الاحتجاج السلمي فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية.

كلمات دلالية

اخر الأخبار