ليتنا نزيل احزانك يا سلوى

تابعنا على:   09:55 2020-07-22

خالد صادق

أمد/ وكأن العلم الفلسطيني هو الذي يختفي خلف دموعك يا سلوى, وكأن رمز الوطن يمد يده ليمسح دمعك المهراق, وكأن السماء امطرت فوق رؤوسنا أحزاناً, فمن ذا الذي يمسح دمعك يا سلوى, هناك في رفح ارض الشهداء وقفت سلوى ابنة الشهيد محمد عبد الحميد شعث وقفة الشموخ والفخر وهي ترفع علم فلسطين بين يديها, اثناء حفل لتكريم المتفوقين في مدرسة رابعة العدوية, فجأة سمعت سلوى كلمات تأبين لوالدها الشهيد الذي اغتالته الايدي الصهيونية الآثمة في مثل هذه الايام من العام 2014م, لم تستطع سلوى التي كانت ترتدي الثوب التراثي الفلسطيني في هذه المناسبة ان تتمالك دموعها, قالت انها فوجئت بذكر اسم والدها الشهيد وسيرته الذاتية ورحلة جهاده ونضاله البطولية في صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين على لسان المتحدثين فلم تتمالك دموعها, وهي دموع الشوق الى حضن الاب الدافئ والذي يحمل على كاهله صحبة الاولاد في رحلة الحياة الشاقة, وحمايتهم من متاعب الحياة وقسوتها, انه الاب الذي استشهد في 24 يوليو 2014م وهو لم يبلغ الثلاثين عاما من العمر, ولم تبلغ سلوى آنذاك الخامسة من العمر, تقول انها لا تذكر من سيرة ابيها الا تلك اللحظة التي لن تنساها طوال العمر «مرة تمشينا في الأرض حوالين بيتنا وحكالي يلا نسقي الشجر»، وذلك هو المشهد الوحيد الذي تذكره سلوى مع أبيها.

فاضت دموعك يا ابنتي بعفوية الطفلة التي تشتاق لحضن ابيها, ولم نكن نملك الا ان نفيض دمعا على دمعك لعل الواهمين والمستسلمين والمطبعين والساكنين كما الاموات في قبورهم يستفيقون, لا ادري هل يمكن للدموع ان تمحو الآلام والاحزان, وهل يمكن للقهر ان ينكسر امام حالة الوهن التي تسكن الامة وتعتريها, وهل يمكن للوجع ان يستكين ويخبو امام صمتنا وعجزنا, وحدك التي تملكين الاجابة, فإما ان تمنحينا عفوك وغفرانك لما اعترانا من ضعف وهوان, واما ان تجلدينا بدموعك واهاتك واوجاعك يا بنيتي, وتحملينا من الاثقال ما لا نطيق, لا زلنا نذكر كلماتك يا سلوى عندما علمت باستشهاد ابيك قلت آنذاك بصوتك الطفولي المشحون فخرا وعزة « بابا راح الجنة، وانا راح اذهب عنده بس اكبر», انها البطولة التي ارضعها لك والدك وانت لا زلت في المهد, كيف لا وهو الذي شارك في فعاليات انتفاضة الحجارة فكان رغم صغر سنه يقذف العدو بالحجارة والقنابل اليدوية مع أبناء شعبه، ثم يلتحق بسرايا القدس عام 1999م ويشارك في عدة عمليات جهادية، منها زرع عبوات ناسفة في طريق الآليات الصهيونية في منطقة «موراج»، بالإضافة إلى مشاركته في عدة عمليات يصعب كشف النقاب عنها كما قالت سرايا القدس على موقعها الالكتروني.

مع بداية تشكيل الوحدة الصاروخية كان الشهيد «محمد» من أوائل الذين انضموا لهذه الوحدة المهمة، ويسجل له فيها صناعة مئات الصواريخ القدسية، والعمل على تطويرها وتحسينها مع إخوانه في تلك الوحدة، كما يسجل للشهيد مشاركته في قصف المواقع الصهيونية والمستوطنات المحيطة بغلاف غزة بعشرات الصواريخ القدسية, وكان رحمه الله يعلم انه في دائرة الاستهداف الصهيوني, ورغم ذلك لم يهرب من ميدان المعركة, ولم يتوان لحظة عن اداء واجبه الوطني, ولم يترك اخوانه المجاهدين في ميدان القتال لحظة واحدة, انه مدعاة للفخر يا سلوى, عليك ان تفخري بوالدك وببطولاته وسيرته الطيبة التي يتحدث عنها الجميع, عليك ان تصرخي في رحاب هذا الكون وفي وجه الطغاة والغازين والمتجبرين والقتلة تقولين لهم انا ابنة الشهيد محمد عبد الحميد شعث, ابن سرايا القدس, والذي تتبعته طائرات الاحتلال حتى اغتالته بجرمها ونازيتها وهو في بيت خاله لتصيب بصواريخها المدمرة سبعة أشخاص من بينهم الشهداء امجد ومحمد، واحمد، ومحمد الذي استشهد بعد ستة أيام من اصابته, لك ان تفخري يا سلوى بوالدك وعائلتك, وان كنت قد فقدت حضن ابيك, فان حضن الوطن الكبير سيضمك يا بنيتي والله سيرعاك ولن يضيعك ابدا, فكوني على يقين ان تضحيات الشهداء لن تذهب هدرا ما دام فينا عرق ينبض.

اخر الأخبار