23 يوليو .. طعم آخر

تابعنا على:   07:31 2020-07-22

زياد شليوط

أمد/ منذ 68 عاما نفذت مجموعة "الضباط الأحرار" في الجيش المصري، انقلابا سلميا على النظام الملكي الحاكم، بحماية بريطانية استعمارية مباشرة. في ليلة 23 يوليو 1952 قام البكباشي جمال عبد الناصر مع رفاقه الضبط الأحرار بتحركهم التاريخي الذي تحول الى "ثورة بيضاء"، بعدما حقق الإصلاحات الثورية بالقضاء على النظام الملكي الفاسد، وانهاء الاقطاع الذي استعبد الفلاحين سنوات طوال، وجعل منهم أسيادا على أرضهم في خطوة "الإصلاح الزراعي". واستكمل الثورة بتحقيق حلم ملايين المصريين بالتعليم المجاني والمساكن الشعبية والصناعة المصرية، وبجعل مصر سيدة نفسها بعدما كانت مستعبدة للخارج. وهكذا حررت مصر 23 يوليو قناة السويس في اعلان التأميم، وبناء السد العالي الذي أحدث ثورة زراعية. وباتت مصر سيدة نفسها وبعدها زعيمة العرب والأفارقة ودول العالم الثالث، ورفع المصريون والعرب رؤوسهم عالية بعدما دعاهم عبد الناصر الى ذلك. ثورة رائدة ساهمت في تحرير الدول العربية والأفريقية مسلوبة الإرادة، وتحولت الى ملهمة لقادة الثورات العالمية في أفريقيا وامريكا اللاتينية.
هذه الثورة العظيمة وقائدها المارد جمال عبد الناصر، تعرضا منذ اليوم الأول للمؤامرات الخارجية والداخلية بهدف اسقاطهما، لكن الثورة كانت إرادة شعبية قبل ان تكون إرادة مجموعة ضباط أحرار، فصان الشعب ثورته وقائدها وكان دائما يقظا في سبيل حمايتهما، لأنه أيقن بفطرته أنه يصون الأرض والوطن والمكتسبات الشعبية. من حادثة المنشية بداية تآمر "الاخوان المسلمين" في محاولة اغتيال عبد الناصر، الى مؤامرة السلاح ومحاولة الانقلاب المسلح. في صمود الشعب المصري أيام "العدوان الثلاثي" الدولي، وخاصة في مدن قناة السويس حيث سجلت الملاحم الشعبية التي دحرت العدوان الاستعماري وأكدت على تلاحم الشعب والجيش والقيادة. وفي رفض الهزيمة العسكرية بعد العدوان الإسرائيلي – الأمريكي على الدول العربية في يونيو 1967، فهب الشعب المصري هبة رجل واحد، ومعه الشعوب العربية، ترفض تنحي القائد وتعلن استمرار المعركة معه وبقيادته.
واليوم ورغم مرور خمسين عاما على رحيل قائد الثورة، ما زالت بقايا القوى الاستعمارية والاخوانية تعمل على هدم مكتسبات الثورة، من خلال الهجوم الشخصي الحاقد على عبد الناصر، وهذا وحده يثبت أنهم مثلما لم يتمكنوا من النيل منه في حياته، أخفقوا من المس به وبسمعته في مماته. وثبت أن قامة عبد الناصر لن يطالها أي متآمر وفاقد للكرامة، حتى لو نجحوا في هذا الموقع أو تلك الزاوية لفترة قصيرة، فالرهان على التاريخ وعلى الأجيال العربية، التي تلجأ الى صور عبد الناصر ترفعها في الشوارع والميادين العربية، عند كل أزمة وانتفاضة ولدى تأكيد الشعب على معاني الكرامة والعزة والحرية. عبد الناصر قائد شعبي عرشه قلوب الشعوب، وليس زعيما مصطنعا عرشه أدوات الاستعمار والوراثة الرجعية.

اخر الأخبار