تركيا روسيا: القوقاز مكان الصراع المتجدد.... (1-2)

تابعنا على:   14:05 2020-07-19

خالد ممدوح العزي

أمد/ جولات الحرب بين الدولتين ....يدفع ثمنها الفقراء...
الخلاف بين الجارتان (ارمينيا واذربيجان ) في بلاد القوقاز بات على مفترق طرق نتيجة الصراعات الجيوسياسية الخارجية للدول المتحكمة بمفاصل الازمة ، لان الدولتان تقعان على مفترق طرق بين اوروبا الشرقية واسيا الغربية.
من جديد تشتعل جبهة في جمهورية ناغورني قره باخ الانفصالية (عاصمتها سيتبانا كريت نسبة للزعيم الامني البلشفي (ستبيانا شوهامان))، هي جمهورية الجبال في نغورني بحسب ترجمتها من اللغة الروسية اما كراباخ هي الحديقة السوداء "المتنازع عليها بين ارمينا واذربيجان والتي لم تشهد الاعتراف الدولي الرسمي .
الصراع العسكري ليس بجديد بين الطرفين وانما يعود جذوره الى العام 1921 حين ضمت هذا الاقليم الأذربيجاني الى ارمينا في ايام الدولة السوفياتية حيث بات يعتبر هذا الاقليم التابع اداريا الى جمهورية سوفياتية كما غيره من الاقاليم التي لا تزال في حالة من النزاع بين الجمهوريات السابقة والتي لم تبلسم جراحها موسكو ابان انهيار الاتحاد السوفياتي مما سبب بنزاع عسكري في داخل الجمهوريات التي اصبحت اعداء .
بالطبع هذا الاقليم هو نقطة خلاف حيث باتت الخلافات تشتعل عند أي هزة خارجية او تغيير في داخل الدول المتنازعة ، فالأراضي اذربيجانية والسكان ارمن حين اعلان الاستقلال من طرف الارمن لم يتخذ براي الاذارين الذين شكلت لهم صدمة بسبب عدم حل الموضوع من قبل موسكو والتي اتخذت موقفا مؤيدا لأرمينا التي ترتبط بها علاقات دينية وثقافية يسيطر فيها اللوبي الارمني على مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية الروسية وتعود جذور وزير خارجية روسيا الحالي سيرغي لافروف الى دولة ارمينيا .
الحرب العسكرية الاولى في القوقاز.
من جديد تندلع شرارة الحرب المذهبية بين حليفين اشتراكيين في بلاد القوقاز الموطن الرسمي لروسيا القيصرية ، بين اذربيجان الشيعية التي وجدت حليفا سريعا لها نتيجة امتدادها الجغرافي والديني والقومي هي تركيا بالرغم من الاختلاف المذهبي.
ارمينيا دولة محاصرة في وسط القوقاز والمحاصرة جغرافيا دخلت في نزاع مباشر مع جارتها ليتحول الصراع مذهبي بامتياز حيث باتت روسيا تدعم يريفان نتيجة علاقتها المذهبية مع الحليف القديم لجهة الانتماء للكنيسة الأرثوذكسية ولكن ارمينا باتت اخر حصن للدولة الروسية التي انهارت اعمدتها.
لكن دخل على الخط حليف جديد لأرمينا وهو الحرس الثوري الايراني الذي قاتل الى جانب ارمينا بسبب الخلافات التاريخية مع اذربيجان القسم الغربي لإقليم اذربيجان الايراني الذي تربط بينهما علاقات تاريخية وقومية ومذهبية لكن الصراع والمصالح الاقتصادية باتت اعلى.
اندلعت الحرب الاهلية التي تعتبر من افظع الحروب في دول الاتحاد السوفياتي حيث بات القتال في داخل البيت الواحد والشارع الواحد بين الاهل السوفيات التي فرقهم الانقسام واعادهم الى دولهم .
لقد استطاع الارمن بواسطة اللوبي الارمني في العالم من جمع الحشود والقوى والعتاد لتظهر ارمينيا دولة متفوقة عسكريا على اذربيجان التي كان يسودها الفساد والخلافات الداخلية وغياب العلاقات مع روسيا الاتحادية مما قلب المشهد لمصلحة يريفان بالسيطرة على الاقليم
باكو خسرت اراضيها وتكبدت خسائر بشرية وعسكرية كبيرة طوال فترة الحرب الاهلية بين الدولتين من العام 1988 حتى العام 1994 .
اوقفت الحرب مجموعة دول مينسك(بيلاروسيا )، والتي تضم روسيا فرنسا والولايات المتحدة الى فرض هدنة وتثبيت وقف اطلاق النار دون الدخول في حل جذري للازمة بين الطرفين كما حال البوسنة في انشاء مجلس رئاسي يتقاسم فيه الاطراف الادارة لحل مشكلة النزاع الساخنة.
لقد سجلت هذه الحرب نسبة كبيرة من الخسائر المادية والبشرية كان انعكاسها السلبي على ارمينيا بشكل مباشر والتي لا تزال ارمينيا تعيش حالة من النهضة البطيئة بسبب هذه الحرب التي كانت ضحاياها اكثر من 30 الف قتيل من الطرفين.
المرحلة الثاني من الحرب ..
في العام 2016 مجددا اندلعت الاشتباكات بين الطرفين كان الاذربيجان هذه المرة اقوى واسرع بالسيطرة على تغير خطوط التماس التي خسروها سابقا، في محاولة جديدا لكس خطوط الجبهة القديمة وفرض خطوط جديدة .
لان اذربيجان كانت تعتبر بانها لم تنصف ولاتزال النار تحت الرماد وهي تحاول اعادة النظر بالاتفاقات المبرمة وكسر خطو التماس لصالحها لان حليفتها الولايات المتحدة تستطيع المساعدة بشكل مباشر وفرنسا وروسيا غير قادرة على المجابة بسبب الجبهات المتعددة المفتوحة والاهم بان اذربيجان اصبحت قوتها العسكرية والمالية تسمح لها بخوض معارك تستعيد من خلالها زمام المبادرة وتوقيع اتفاق جديد.
المرحلة الثالثة من الحرب .
في الاسبوع الاول من شهر تموز اندلعت مجددا الحرب الاذارية الارمنية مجددا وسط تهديدات تركيا عالية النبرة واذربيجانية. التصعيد لم يأتي من فراغ في هذه المنطقة التي تدير سياستها القوى الخارجية وتحاول توظيف رياح الحرب لمصالحها الخاصة من اجل فرض ستاتيكو جديد يناسب طموحات كل دولة.
لا شك بان الصراع الحالي هو صراع روسي -تركي بامتياز في هذه المرحلة بالذات نتيجة التغيرات الجيوسياسية وانعكاسها على المنطقة من خلال اللاعبين الاساسين في هذه الازمة التي تشير بكل مرة بانها نار تحت الرماد ينفخ فيها حيثما تطلب مصالح الدول الاقليمية .
الدول المشاركة في الحرب :
وللدخول في هذا المحور يجب علينا النظر بمواقف كل دولة من الدول المعنية باللازمة المتجددة في جبال كراباخ ، ومن هنا نرى المواقف الداخلية للأطراف المباشرين بالصراع:
1-الموقف الاذاري يريد اعادة النظر بالاتفاقية والوصول الى حال يرضي الطرفين ويحافظ على هيبة اذربيجان في منطقة القوقاز كونها الدولة الاغنى والاكثر ديمغرافيا والاوسع جغرافيا بظل حصارها بين دولتين ارثوذكسيتان (جورجيا وارمينا) بالرغم من تهديد الرئيس حيدر علييف من الخروج من اتفاق السلام ضمن مجموعة مينسك اذا لم تأخذ الدول الضامنة مصالح بلاده وهذا يعني بان اذربيجان يمكنها خوض مغامرة تستطيع تعديل خطوط الاشتباك بسب الامكانية المالية التي تمتع بها كونها دولة نفطية وقدراتها العسكرية الحالية والظروف السياسية التي باتت تفرض على دول الجوار.
الموقف الارميني ،هو موقف استقوائي يحاول ابقاء الستاتيكو الحالي كما هو لمواجهة العدو التاريخي مع تركيا والابقاء محاطا بعلاقة مميزة مع الجمهورية الايرانية وروسيا الاتحادية وفرنسا وامريكا.
لكن بالواقع هذه الدول باتت تتغير اجنداتها بالعلاقة مع حلفاء يريفان مما سينعكس
عليها لاحقا وخاصة بان ارمينا تعتبر ساحة خصبة للتفلت الإيراني من العقوبات الدولية التي باتت ادارة ترامب تحاصرها وتشدد الخناق على طهران وتغلق كل منافذها الحيوية.
وهنا لابد من القول بصراحة بان الصراع بين المتحاربين هو الصراع على الارث السوفياتي القديم الذي بات ينقسم بين دول الدول الإقليمية الجديدة بحسب الخارطة الجيوسياسية الجديدة للمنطقة .
 

اخر الأخبار