تونس تثبت فشل جماعة الإخوان المسلمين مجدداً في اللعب على المسرح السياسي

تابعنا على:   22:06 2020-07-09

سامر ضاحي

أمد/ بعد اندلاع الثورة التونسية في مطلع عام 2011، على إثر قيام التونسي محمد بوعزيزي بإشعال النار في نفسه، والتي أسفر عنها هروب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، سمحت حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة لنفسها بالتدخل في الشأن التونسي على اعتبار أن الحكم القادم في تونس هو حكم الإخوان المسلمين الذين كانوا على جهوزية تامة للانقضاض على السلطة كما في غالبية الدول التي طالتها أحداث الربيع العربي.
وخرج إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في مقطع مصور يمتدح خلاله انتحار بوعزيزي واصفاً إياه بـ "شهيد القدس والأقصى"، على الرغم من تحريم الانتحار بشكل قطعي في الشريعة الإسلامية التي تتبناها الحركة في كافة قراراتها.
هذا التدخل فتح باباً للتأويل في طبيعة العلاقة بين حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة بالقوة العسكرية منذ عام 2007، وبين الأحزاب الإسلامية التي وصلت إلى سدة الحكم في تونس، خاصة أن الإخوان المسلمين الآن يمثلون الآن السياسة التونسية، وحماس تعتبر نفسها جزءاً أصيلاً من التنظيم الدولي للإخوان، بل وتعتبر أنها أقوى فرع لتلك الجماعة بسبب نجاحها في الحفاظ على انقلابها في غزة منذ أكثر من 13 عاماً.
يقول الصحفي التونسي سيف. ع، إن "تونس الآن تعتبر مختطفة من قبل الإخوان المسلمين وتحاول بقدر الإمكان بلورة سياساتها بناء على التوجهات التركية خاصة فيما يخص الأماكن التي تخضع لإدارة الجماعة، والتي من أهمها قطاع غزة الذي يخضع لسيطرة حماس".
ويضيف، أن "هناك الكثير من السخط داخل الشارع التونسي بسبب السياسات التي ينتهجها الساسة التونسيون الآن، خاصة فيما يخص العلاقة مع تركيا والتدخل في الشأن الليبي، والقوانين الجديدة والأسماء الجديدة التي برزت على الساحة الاجتماعية داخل الدولة، والتي تحاول استغلال حالة الفقر والبطالة لتأييد السياسات التي تمثلها الأحزاب الدينية في تونس".
انفجار في أعداد الجمعيات الخيرية
مر تأسيس الجمعيات الخيرية والأحزاب في تونس بثلاثة مراحل أساسية تتلخص بمرحلة الانحسار ومرحلة الانتشار ومرحلة الانفجار العددي، ويمكننا القول، إن عدد الجمعيات ذات الطابع الإسلامي كانت قليلة جداً قبل ثورة 2011، كما أنها كانت تخضع لرقابة صارمة خلال تلك الحقبة. وفي مرحلة ما بعد الثورة التونسية شهدت الساحة الاجتماعية والسياسية في تونس الكثير من التغييرات، حيث استفاد الإسلاميون من حالة الفوضى التي سادت الدولة وقاموا بتأسيس الجمعيات والأحزاب التي تنفذ سياساتهم طبقاً لقوانينهم الخاصة.
كما قرر القائمون على الجمعيات الخيرية تغيير تصنيفها من الطابع الديني إلى الطابع الثقافي في محاولة لخلق حزام تستفيد منه الأحزاب السياسية الإسلامية داخل البلاد، ومن الطبيعي جداً أن تخضع هذه الأحزاب لمشورة الأحزاب ذات الصلة وصاحبة التجربة مثل حركة حماس في قطاع غزة.
وفي عام 2018، كشفت تحقيقات قادتها الأجهزة الأمنية في تونس مع المشرفين على 80 جمعية خيرية، أن أكثر من 90 في المئة من تلك الجمعيات تتلقى تمويلاتها الخارجية من قطر، وفي مقدمتها ما يعرف باسم "جمعية قطر الخيرية".
يشار إلى أنه في أعقاب سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، شجعت حكومة الترويكا بقيادة حزب النهضة الإسلامي آنذاك على تأسيس الجمعيات الخيرية في ظل غياب الرقابة المالية والسياسية بشأن حقيقة نشاطها ونوعيته.
وفي ظل غياب الإحصائيات الرسمية، يقدر ناشطو المجتمع المدني عدد الجمعيات في تونس بنحو 1400 جمعية. وأشار تحقيق صحفي نشر عام 2019، إلى أن أخطر الجمعيات على الإطلاق هي تلك التي تتخفى وراء العمل الخيري في تونس، وتتمثل في "جمعية قطر الخيرية"، و"جمعية مرحمة".
علاقات مشبوهة
يقول الصحفي ع، إن هناك زيارات مستمرة لقيادات من حركة حماس إلى تونس وهناك لقاءات تتم في تركيا وقطر، وتصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد، العدائية تجاه إسرائيل ساهمت في إظهار التوجه السياسي للدولة التونسية، كما ساهمت في توسيع دائرة الاتصال بين كافة الأقطاب الإسلامية في الخارج والداخل، وفتحت الباب أمام الكثير من الاتصالات الهامشية والسرية، مثلما حدث مع راشد الغنوشي باتفاقه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن التدخل التركي في ليبيا، وهو الأمر الذي قامت بفضحه النائبة التونسية عبير موسى تحت قبة البرلمان.
كما يؤكد أن هناك اتصالات تتم على أعلى مستوى بين قمة الهرم السياسي التونسي وبين المؤسسات التي تتلقى مبالغ مالية كبيرة مجهولة المصدر، كما أن تلك الجمعيات تشكل حلقة ربط عنقودية مع جمعيات أخرى تمتلك ذات الأهداف في مناطق خارج تونس.
ويشير إلى أن ما يحدث في تونس الآن هو أمر طبيعي، لأن جماعة الإخوان المسلمين امتلكت التجربة ذاتها في مصر، "ونحن في تونس نتوقع أن تتغير الأوضاع بين ليلة وضحاها في نموذج مشابه لما حدث في مصر لأن المتعارف عليه أن جماعة الإخوان المسلمين فشلت على المستوى السياسي في كافة الدول المستقلة، أما نموذج حركة حماس في الحكم فهو يعتمد فقط على القوة العسكرية وبسبب خصوصية الحالة الفلسطينية أيضاً، ومن الممكن أن يتكرر هذا النموذج الآن في ليبيا فقط بدعم من الدولة التركية".
وفي نهاية القول، فإن اغتيال المهندس محمد الزواري في قلب الدولة التونسية يثبت أن حالة من الانسجام والتعاون نسجت خيوطها على مدار سنوات ما بعد الثورة بين حركة حماس وأطراف تونسية تنتمي لذات الفكرة التي تمثلها حماس، وهو أمر يمكن الكشف عنه مستقبلاً في حال حدثت بعض التغييرات السياسية داخل الدولة التونسية.

اخر الأخبار