لا يزال الطريق إلى الوطن بعيداً

تابعنا على:   16:26 2020-07-02

مراد مصطفى أبو غولة

أمد/ في السيارة وبينما كان طريق العودة إلى البيت بعيداً، راودتني العديد من التساؤلات، قد يراها بعض المسؤولين وغيرهم ممن يمتهنون الكذب في الإعلام على أنها جريمة, ويراها عامة المواطنين أنها مشروعة, ولكن الإنسان بينه وبين نفسه لا يستطيع أن يكذب أو يتجمّل, بل إن أكثر اللحظات صدقاً هي اللحظات التي  يقف فيها المرء بينه وبين نفسه , فيرى الأشياء كما تبدو على حقيقتها , وليس كما تصورها له رغباته أو مصالحه , في هذه اللحظات ترى  حجم ما يحيط بك من كذب ونفاق وتجارة بالوطن وبالضمير والأخلاق وبكل شيء, وترى حجم ما أثقلت به نفسك من مبادئ وقيم ومواقف اتضح بأنها ليست ذو قيمة إلا عند نفسك, لتسأل نفسك ترى هل يستحق منّا هذا الوطن التضحية؟, وهل فعلاً كان يستحق كل هذا الانتماء، ترى هل يرانا كباراً كما نحن نراه ؟, هل يقدم لنا كما نقدم له؟, هل يبادلنا الهوى؟, وان كان كذلك لماذا القسوة والجفاء ونحن نراه في أحضان غيرنا يرقص ويلعب ؟

قد تكون العلاقة المثالية في علاقات الحب هي الحب والاحترام والتضحية المتبادلة, ترى هل ينطبق ذلك على الوطن؟ , هل نشعر فعلاً بقيمتنا في هذا الوطن, وأي وطن هذا الذي لا يشعر فيه المرء بكرامته ولا يعدو فيه كونه أكثر من وقود مرحلة , أي وطن هذا الذي لا يملك فيه المرء أدنى مقومات الحياة , أي وطن هذا الذي ضاقت على الناس سبل العيش فيه, أي وطن هذا الذي إذا احتاج المواطن فيه لعلاج عليه أن يفكر في ثمن الكشف و الدواء , أي وطن هذا الذي أكل الفقر أحلام مواطنيه, وبات المتسولون فيه أكثر من العاملين؟!.

 لا أرغب بأن يستنتج من يقرأ بأني أدعوه لأن يكره الوطن, ولم أفكر فعلياً بإجابات لكل هذه التساؤلات, حتى إن المرء منا لا يستطيع أن يتحكم بالأفكار والتساؤلات التي تتسلل إليه, ولا يمكن أن يتنبأ إلى أي مكان ممكن أن توصله.

قبل أن أصل بالسيارة للبيت, خال لي بأن هذا الوطن عبارة عن امرأة فاتنة الجمال, قد اختطفها مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين،فتناوبوا على اغتصابها وهي لا حول لها ولا قوة ، فاتضح لي أن الوطن ليس له علاقة بهؤلاء المارقين,  وأدركت أن نفسي لم تتقبل بأن يكون وطني بهذا الشكل.

كلمات دلالية

اخر الأخبار