الأولوية الآن لإنجاح التحالف الإسرائيلي الخليجي ضد إيران وليس لضم أجزاء من الضفة للسيادة الإسرائيلية

تابعنا على:   09:39 2020-06-30

أحمد عيسى

أمد/ العنوان أعلاه ليس خلاصة تحليل لمواقف الأطراف ذات العلاقة برؤية صفقة القرن لا سيما فيما يتعلق بضم اجزاء واسعة من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، بل هو موقف معلن للتيار الأفنجيلي الأمريكي الداعم الأكبر للصهيونية المسيحية المتحالفة مع الصهيونية السياسية.
ففي خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة من التيار الأفنجيلي خاصة الجزء الأمريكي منه أصدر المطران أو القس (إفرايم تينديرز) السكرتير العام للتحالف الأفنجيلي العالمي (WEU) يوم الثلاثاء الموافق 23/6/2020، بياناً مكتوباً نُشر على الموقع الإلكتروني للتحالف أعرب فيه عن قلقه الشديد من مخطط الضم الذي تعتزم الحكومة الإسرائيلية البدء بتنفيذه في الأول من تموز القادم، قائلاً "إذا ما نُفذ الضم، سيقضي على الأمل في إمكانية التوصل الى سلام بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية".
وتجدر الإشارة هنا أن حوالي 600 مليون شخص من مجموع المسيحيين حول العالم الذين يزيد عددهم عن 2 مليار شخص، ينتمون للتيار الأفنجيلي، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مركز عالمي للتيار الأفنجيلي، حيث يقدر عددهم بحوالي 75 مليون شخص اي ما نسبته 30% من مجموع السكان الذي بلغ في بداية العام 2020 ما مجموعه 331 مليون نسمة، ويعبر 50 مليون شخص من التيار الأفنجيلي في أمريكا أي ما نسبته 66,6% من مجمل عدد التيار في أمريكا عن دعمه المطلق للصهيونية المسيحية، وتؤمن هذه الأخيرة بأن فلسطين هي الأرض الموعودة للشعب اليهودي الذي يجب أن يعود اليها ليقيم كياناً يهودياً يمهد لعودة المسيح الثانية الذي سيؤسس مملكة الألف عام، الأمر الذي يعني أن دعم دولة اليهود هو واجب ديني وشرط للخلاص، وعدم تقديم هذا الدعم يستوجب العقاب، وكان 81% من هذا التيار قد صوت لصالح الرئيس ترامب في انتخابات العام 2016، وذلك طبقاً لاستطلاعات مركز بيو (PEW) للأبحاث. وفي ذات السياق كان السيد روبرت جيفرسي مطران المعمدانية الأولى في ولاية دلاس ومستشار الرئيس ترامب للشؤون الأفنجيلية قد صرح لصحيفة نيويورك تايمز يوم الإثنين الموافق 22/6/2020، بالقول "التيار الأفنجيلي حول العالم لا يكثرت كثيراً بموضوعة الضم"، ومن جهة أخرى قال السيد جويل روزنبرغ الكاتب والناشط الأفنجيلي والمقرب من نائب الرئيس مايك بينس ووزير الخارجية بومبيو يوم الإثنين الموافق 29/6/2020، "الضم الآن سيلحق دماراً شديداً بالتحالف الإسرائيلي الخليجي الذي أسس له الرئيس ترامب ضد إيران"، وكان السيد روزنبرع قد استشهد بنتائج استطلاع الرأي الذي نفذ مؤخراً لهذه الغاية وظهر معارضة غالبية التيار الأفنجيلي للضم. 
من جهتها لاحظت هذه المقالة أن هناك تراجعاً بدأ يبرز في خطاب رئيس الوزراء نتنياهو عن عزمه الشروع بتنفيذ الضم في الموعد المحدد، حيث تجلي هذا التراجع مرتين خلال الأسبوع الجاري، المرة الأولى كانت يوم الأحد الماضي الموافق 28/6/2020، حين خاطب نتنياهو عبر الفيديو كونفرس المجموعة الأمريكية من الإتحاد المسيحي من أجل إسرائيل (CUFI) حيث طالب نتنياهو في خطابه هذا الإتحاد الأفنجيلي بدعم الرئيس ترامب في معركته الإنتخابية ضد المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي تظهر الإستطلاعات تقدمه على الرئيس ترامب، وطالبهم كذلك بالضغط على الإدارة الأمريكية للسماح لإسرائيل بضم مناطق من الضفة الغربية لسيادتها وفقاً لرؤية صفقة القرن.
وقد وظف نتنياهو في خطابه هذا البعد الديني حيث قال "التوراة والإنجيل يشيران بوضوح أن مناطق مثل مستوطنتي بيت ايل وشيلو هم جزء لا يتجزأ من تاريخ اليهود في وطنهم... وهم كذلك جزء لا يتجزأ من الهوية المسيحية، الأمر الذي يعني أن هذه المناطق هي جزء من إرثكم، وجزء من حضارتنا المشتركة، وفقط إذا كانت هذه المناطق تحت السيادة الإسرائيلية سيكون إرثنا المشترك محمياً للأبد".
أما المرة الثانية فكانت مساء يوم الإثنين الموافق 29/6/2020، حيث قال نتنياهو في لقاء مغلق مع أعضاء من كتلة الليكود في البرلمان (الكنيست) جرى تسريب جزء منها للإعلام الإسرائيلي ويتضح مما سرب أنه لا يوجد اتفاق حول الضم حتى الآن مع الإدارة الأمريكية الحالية حيث قال نتنياهو في هذا اللقاء "هناك تقدم كبير مع الوفد الأمريكي برئاسة مبعوث البيت الأبيض الخاص أفي بيركوفتش الذي يتواجد في إسرائيل منذ بداية الأسبوع الجاري، وأن الضم لا يعتمد على الآتفاق مع حزب أزرق أبيض بل يعتمد على الإتفاق مع الإدارة الأمريكية".
وعلى ضوء ذلك تتوقع هذه المقالة أن لا تعلن الحكومة الإسرائيلية عن ضم اي من المناطق الفلسطينية يوم غذ الموافق الأول من تموز كما أعلنت مراراً في الشهور الماضية، وتكتفي بالمقابل في مناقشة الأمر في جلسة الحكومة.
كما تتوقع هذه الورقة أن تشهد المنطقة نشاطاً ديبلوماسياً نشطاً يهدف من جهة الى التأثير على الفلسطينيين لإبطاء وربما لوقف تحريك شكواهم في محكمة الجنايات الدولية، ومن جهة أخرى لتهيئة المناخ لجولة جديدة من المفاوضات.
وفي هذا الشأن ترى هذه المقالة أن الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من أنه الطرف الأضعف في المنطقة مقارنة بباقي أطراف المنطقة، إلا أنه أثبت في الآونة الأخيرة أنه عنوان الإستقرار الإقليمي والسلم العالمي، الأمر الذي يتطلب منه تطوير إستراتيجيته الرافضة لرؤية صفقة القرن برمتها وفقاً للمعايير المتضمنة في قرار التاسع عشر من مايو الماضي.

اخر الأخبار