المنبوذون عالميا

تابعنا على:   09:53 2020-06-27

عمر حلمي الغول

أمد/ التصدي المتزايد والمتصاعد لصفقة القرن الترامبية المشؤومة، وإنتهاكات وجرائم حرب إسرائيل الإستعمارية ضد الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه ومصالحه الوطنية، وحماية السلام الممكن والمقبول على اساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 يبعث ويضاعف الأمل بإرتقاء العالم تدريجيا إلى لحظة إمتلاك الإرادة والقرار السياسي لفرض إستحقاقات التسوية السياسية القابلة للحياة في ظل المعطيات الماثلة على الأرض. حيث لم يشهد العالم تحركات واسعة سياسية وديبلوماسية وتشريعية وشعبية لتطويق ومحاصرة صفقة العار الأميركية الإسرائيلية وجزئيتها المتعلقة بالضم لما يزيد عن 30% من اراضي دولة فلسطين المحتلة، كما هي الآن وفي ارجاء الكون كله. لا سيما وان الصوت والفعل الأممي المتصاعد لا  يقتصر على التحركات خارج حدود الدولتين المارقتين، إنما تجري وتتم داخلهما، فضلا عن إرتفاع وتيرة التباينات والتناقضات الداخلية في اوساط الإدارتين الحاكمتين بشأن الصفقة وشقها المتعلق بالضم الإسرائيلي للإغوار الفلسطينية.
ومن النماذج ذات الصلة باللجريمة الإسرائيلية، ما حصل يوم الأربعاء الموافق 24 حزيران/ يونيو الحالي (2020) حيث شهدت ساحة رابين في تل ابيب مظاهرة ضد الضم، ورفعت شعارات معادية لخيار حكومة نتنياهو غانتس، وطالبت بوقف هذة العملية. ويترافق مع ذلك تصاعد الأصوات بين أركان الأجهزة الأمنية والنخب السياسية والعسكرية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية الرافضة لخيار الفاسد بيبي، الذي يقامر بمشروعهم الصهيوني لحسابات شخصية ضيقة، عنوانها التغطية على تهم الفساد، التي تلاحقه.
كما ان الساحة الأميركية شهدت حراكا موازيا، لا يقل قوة عما يجري في إسرائيل، حيث وقع حوالي 200 عضوا من مجلس النواب الأميركي (الكونغرس) يوم الخميس اول امس الموافق 25 / 6 الحالي جلهم من الحزب الديمقراطي على رسالة وجهوها للحكومة الإسرائيلية ولإدارة ترامب الحاكمة عمليا في البيت الأبيض والمتورطة مباشرة في جريمة الحرب الإسرائيلية، عبروا من خلالها عن قلقهم تجاه الخطوة الإسرائيلية لضم اجزاء من الضفة الفلسطينية (الأغوار). وحذروا من الإنعكاسات الخطيرة للخطوة الإسرائيلية على عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وإعتبروا ان هذة الخطوة تترك بصمات غير إيجابية على العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين. لا بل ان بلوسي، رئيسة الكونغرس، أعلنت مع مطلع الشهر الحالي، عن رفضها للضم، بإعتباره يشكل تهديدا للإمن القومي الأميركي، وكذلك فعل المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن.
وعلى المستوى الأوروبي، وقع 1080 مشرعا اوروبيا من 25 دولة بما في ذلك دولتي المجر والتشيك المتساوقتين مع الإنتهاك والجرائم الإسرائيلية، وجاء في رسالتهم المنشورة ايضا الخميس أول امس أن، "مثل هذة الخطوة (الضم) ستكون قاتلة لآفاق السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وستتحدى المفاهيم الأساسية، التي تحكم العلاقات الدولية." ليس هذا فحسب، بل دعوا دول الإتحاد الأوروبي إلى إتخاذ "عواقب متناسبة" مع سياسات وانتهاكات إسرائيل المعادية للسلام، وخاصة خطوة الضم. وهو ما يشير بوضوح للمطالبة بفرض عقوبات إقتصادية وتجارية وغيرها على إسرائيل." وأكدت الرسالة أن "عدم إتخاذ خطوات رادعة لإسرائيل، سيشجعها على إرتكاب المزيد من الإنتهاكات، وكذلك سيفتح شهية دول أخرى لإرتكاب ذات الجرائم ضد دول إخرى.  
وفي السياق، تبنى البرلمان الفدرالي البلجيكي فجر يوم الجمعة امس قرارا يرفض الضم الإسرائيلي جملة وتفصيلا. ولم يكتفِ القرار البلجيكي بذلك، بل طالب بفرض عقوبات على إسرائيل. لإن الضم حسب ما جاء في قرارهم " خطوة قاتلة لآفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني." وطالب الدولة البلجيكية أخذ زمام المبادرة بالتوجه الجديد والتعاون مع الدول المتوافقة معها لوقف جريمة الحرب الإسرائيلية الجديدة. وصوت لصالح القرار 101 عضوا، وإمتنع 39 عضوا، ولا يوجد عضو ضد.
بالإضافة لما تقدم، عقد جلسة مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي ايضا، التي اجمع مندبو ال14 دولة على رفضهم لجريمة الحرب الإسرائيلية، وأجمعوا على التمسك بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ورفضوا بشكل مباشر الصفقة ووجها السافر (الضم) المعلن من قبل نتنياهو وحكومته. وبقيت المندوبة الأميركية ومندوب إسرائيل المارقة وحيدين يتعثران في دفاعهما عن عارهما. ولن اتوقف امام الفعالية الفلسطينية العربية والأممية في مدينة اريحا يوم الإثنين الموافق 22 /6/2020 وما أعلنه ممثلوا الأمم المتحدة الإتحاد الأوروبي والصين وروسيا واليابان والأردن من مواقف رافضة لجريمة الضم الإسرائيلية.
الحصيلة الإجمالية للمشهد المحلي والعربي والإقليمي والعالمي بشكل مباشر، ودون رتوش أو مساحيق، تؤكد ان العالم كله بقضه وقضيضه يحاصر المنبوذين الإسرائيليين وإدارة ترامب وكل من يتساوق معهم في جريمة الحرب الجديدة. ووفق المؤشرات الواقعية، فإن فرض العقوبات على إسرائيل، والإعتراف بالدولة الفلسطينية من الدول التي لم تعترف بها حتى الآن بات قاب قوسين أو أدنى، لإستشعار العالم وخاصة في اوروبا وأوساط الحزب الديمقراطي الأميركي، وحتى القوى الإسرائيلية الرافضة للضم خشية الوصول للدولة "ثنائية القومية" (وهي ليست كذلك، لإن اتباع الديانة اليهودية ليسوا قومية، ولن يكونوا يوما قومية، مهما إستخدموا من عمليات التزوير والإفتراء على التاريخ) ان بقاء الحال على ما هو عليه مع دولة الإستعمار الفاشية الإسرائيلية لا يخدم السلام، ويؤجج الصراع، ويدفع المنطقة والعالم إلى دوامة عنف غير مسبوقة. والمستقبل المنظور كفيل بالإجابة على الإستنتاجات الواردة.

اخر الأخبار