الثورة وقانون قيصر بظل الحراك اللبناني ..

تابعنا على:   16:39 2020-06-23

خالد ممدوح العزي

أمد/ مما لا شك فيه بان الوضع اللبناني بشكل عام بات ينذر بالتأزم بحسب المشهد السياسي الذي يسود كل القوى السياسية المتواجدة في الموالاة والمعارضة ، بالإضافة الى الانتفاضة وتشكيلاتها المختلفة .

هذه الصورة جسدت نفسها على المشهد الاعلامي للقوى المختلفة في الداخل نتيجة الخطابات السياسية المعلنة وغير المعلنة للقوى ، فالارتباك بات سيد الموقف والاخفاقات من الجميع بإيجاد الحلول المناسبة ، فاللازمة باتت واضحة لكل المراقبين للحدث السياسي اللبناني .
هذه الصورة الضبابية التي شكلت الاطار للحياة السياسية اللبنانية ناتجة عن اقرار قانون قيصر من قبل الادارة الامريكية ، مما ارعب الجميع لعدم القدرة على التعامل معه لجهة رفضه او تشكيل حالة اعتراضية ضده او لجهة تبنيه والسير به .

اذن قانون قيصر بات يفرض نفسها على الجميع من خلال سياسة الهروب الى الامام والتهرب من المسؤولية ، لان المركب بات واضحا للجميع بانه يغرق في عرض البحر مما دفع بالعديد بالتخاطب بهذه الطريقة حيث ساد الارتباك مما دفع بالعديد للقفز من المركب من اجل النجاة .

فالسلطة تحاول استخدام كل الوسائل للهروب من المسؤولية، والقاء المشكلة من طرف على الطرف الاخر ، فالعجز واضح نتيجة الاقتناع القائم من قبل الجميع بان احزاب السلطة المعارضة او الموالية لا تريد تطبيق شروط الاصلاح ، فالهروب الى اجتماع بعبدا من اجلال اعلان بعبدا جديد لن ينجح ابدا بسبب التهرب الواضح من تحمل المسؤولية لمواجهة الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتصدي لها .

القوى الحاكمة بكل تفرعاتها باتت مقتنعة بان الهزيمة هي النتيجة، وما يؤكد ذلك هي العملية التفاوضية التي تجرى بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي ، فاهم سبب للفشل في التفاوض هو غياب الاستراتيجية للوفد المفاوض، والاستسلام لان الدولة مفلسة .

طبعا قانون قيصر هو قانون ذات انياب ومحكم جدا ومتعلق بالتصدي لكل الذين يحاولون اختراقه والتعامل مع النظام السوري وراس النظام والعديد من الكيانات التجارية العالمية والمحلية .

لكن بالقلب هو قوة محكمة موجه ضد ايران بشكل مباشر لإخراجها واخراج اذرعها المرتبطة بالحرس الثوري من سوريا ، واخراج روسيا من المعادلة لعدم القدرة على ايجاد حل سياسي لسوريا نتيجة فشلها طوال الفترة الماضية ،بالرغم من ان سوريا كادت تؤمن لها اطلالة سياسية قوية على المنطقة العربية ،لكن الأمريكي اتخذ قراره بالتنظيف من خلال هذا القرار الذي تم نصه بطريقة دقيقة تحت شعار الجوع او ايران .

اما لبنان لقد ربط مصيره بسوريا وايران من خلال شعار الاسد القديم وحدة "المسار والمصير "، واليوم الجوع بات يسيطر على الدولتين ، بالرغم من عمليات التهريب والاحتيال على العقوبات التي يسلكها بعض المهربين ، فان هذه الحركات لن تنقذ نظام الاسد ، او تفك عزلته، وتفجع امريكا بعدم قدرتها على تطبيق القرار .

ليس مهم راي الدول الشرقية في قانون قيصر الذي بات حلفاء الحزب يحاولون دراسة الانفتاح اقتصاديا عليها ، والتي لاتزال بعيدة التنفيذ ، في القانون الدولي المعاصر بظل اقتصاد العولمة :" الدول شيء والشركات شيء اخر، فالشركات الصينية والهندية والبرازيلية بدأت فعليا بالخروج من سوريا كما كان الحال مع بداية العقوبات على ايران . فالشركات لن تخسر مواقعها وتجارتها الدولية والبقاء في سورية لكي تفك حصار الرئيس الاسد ، فهي تخاف على مصيرها واموالها ومستقبلها التجاري.

ربما مع الحزمة الاولى من العقوبات يمكن الصمود ولكن مع الرزمة الثانية القادمة في اب\اغسطس ، كيف سيكون وضعنا ، وكيف سيكون التعامل مع هذا القانون ، مما يفرض حقيقة التعامل مع وضع هذه العقوبات والتفكير بجدية في كيفية مخاطبة المعنيين بتحييد لبنان عن تطبيق العقوبات .

فاذا كانت القوى تتخاطب فيما بينها نتيجة مشاكلها الأساسية وافاقها التي باتت شبه مسدودة بظل انتهاجها نفس التوجهات والتعامل مع القضايا المصيرية امام مستقبل البلد يتعرض للانهيار .

وامام هذه البانوراما المأسوية التي يعيشها لبنان ووقوعه في ازمة سياسية تحاصصيه . فكان لابد من التوجه نحو المعارضة الشعبية المتمثلة بمجموعات الثورة التي شاركت في الانتفاضة ، وربما مظاهرات 6 حزيران اعطت نوع من التمييز بين القوى التي تريد متابعة المسيرة سلمياً وبين الذين ينفذون اجندات خاصة وما بين الذين يحاولون التموضع والتخندق في صف الحكومة واحزابها تحت حجج وهمية لتقسيم الانتفاضة واحداث الشروخات السياسية فيها ،فالجميع بات يطالب الثوار برؤية سياسية جامعة .

استطاعت السلطة الالتفاف على توجهاتهم وتم اختراقهم وشرذمتهم نتيجة الالتفاف على مطالبهم وتمييعها ونتيجة بروز مجموعات ثورية خدمت السلطة بطريقة مباشرة في التعامل مع الثورة وكذلك سطوة جائحة كورونا التي خدمت السلطة نتيجة حجر الناس في بيوتها ولم تأخذ السلطة بالحسابات تأثير الجوع والانهيار الاقتصادي الذي باتت معالمه واضحة نتيجة انهيار النقد اللبناني وتهرب الجميع من الاجابة عن سبب هذه الانهيار الذي كرسته سياسات المحاصصة والفساد طوال السنوات الماضية .

لقد ان الاوان لكل هذه المجموعات التشبيك وتشكيل جبهة اعتراضية واحدة تحت عنوان سياسي عريض يتضمن نقاط اساسية وثابتة يواجه السلطة واحزابها من خلاله يحمل مضمون محاربة الفساد واسقاط شرعيتهم واعادة الشعار السابق كلن يعني كلن.

الانتفاضة السلمية تستقطب الناس والشعارات السياسية تجذب الناس المعترضة ومهمة المجموعات المنتفضة اعطاء صورة نموذجية للناس في كيفية ادارة الانتفاضة وتوجيهها نحو المكان الصحيح، وليس دفعها نحو العنف الثوري المنظم وتحطيم املاك الدولة والمواطنين ، والاصطدام مع القوى الامنية فهذا الشكل يفزع الناس ويهد العزائم ويربك المؤسسات.

بصراحة المجموعات لا تستطيع انزال الناس الى الساحات ولن تتحكم بزمام المبادرة ، وتحديدا بظل خلافاتها الواضحة على العديد من الامور الجهورية للانتفاضة، فهذا سيسمح للسلطة التحرك على هامش الخلافات وتسيع الهوة بين الجميع ، فالمطلوب من المجموعات سريعا التوافق على التنسيق والتشبيك والخروج بتشكيل ائتلاف كبير يفرض نفسه على الجميع ككيان سياسي له خطه الواضح بالسياسية الذي سيحمل في مضمونه توجهات ثورة 17 تشرين يوم خرج الناس الى الشوارع ورفعوا مطالبهم وحددوا شعاراتهم الواضحة واسقطوا حكومة سعد الحريري .

اذن المعارضة مسؤولة بشكل مباشر عن توحيد نفسها لكي تبقى صامدة بوجه السلطة وحاملة مهام الشعب المنتفض منذ اليوم الاول للثورة ، لكن مشكلة "الايغو" للمجموعات كانت البارزة في علاقة المجموعات بعضها ببعض لكون المجموعات تعتبر نفسها من تحرك الساحات وبإمكانها انزال الناس الى الشارع .

وبظل تطبيق قانون قيصر على المنطقة بات القانون يفرض نفسه على لبنان وخاصة بظل وجود فئة ترفض تطبيقه نتيجة تموضعها في محور ممانع وتعتبر بان مهمة لبنان هي كسر القانون من خلال عدم الالتزام بتنفيذه .

فالوضع بات محزن وسيكون صعب جدا في الايام القادمة، فما على الانتفاضة سوى الوقوف امام نفسها او التموضع مع هذه الفئة او اخذ القرار الصحيح بأنشاء اوسع تحالف معارض مرن عبر طرح وثيقة سياسية جامعة تنقل المعاضة نقلة نوعية نحو المعارضة ومواجهة السلطة واحزابها سلميا مع الحفاظ على لبنان ومؤسساته الداخلية بكل انواعها .
اذن البرنامج المطلوب هو توحيدي بامتياز يشبه برنامج المعارضة التي طرحها كمال جنبلاط تحت اسم الجبهة الاشتراكية الوطنية عام 1951 وهذه الجبهة التي تجمع حولها خليط من المعارضين لتوحيد صفوف المعارضة آنذاك .

يمكن اليوم تكرار التجربة بطرق مختلفة والالتفاف حول خطة انقاذ للمعارضة واضحة تساعد الشعب اللبناني من الوقوف على الحياد ، وعدم الدخول في محاور بل اعادة تسعير مطالب الانتفاضة التي انطلقت من اجلها المواجهة مع السلطة لكبح ومحاربة الفساد تحت عنوانها الوضح "كلن يعني كلن".

فالثوار ومجموعاتهم باتوا مطالبين اليوم اكثر من اي يوم مضى بالتفكير الجدي بالتشبيك والتحالف لإنجاز مشروع ساسي معارض يؤسس لجبهة اعتراضية جديدة ينشأ من رحم الانتفاضة .

كلمات دلالية

اخر الأخبار